كتب رانيا قناوي:
قال الكاتب الصحفي وائل قنديل، إن الاجتجاجات العارمة التي شهدتها مدينة بورسعيد منذ 3 أيام، ضد تنفيذ أحكام الإعدام بحق جماهير الكرة، هي الأولى من نوعها منذ إسدال الستار على تظاهرات الشارع في الـ25 من إبريل العام الماضي، وهي التظاهرات الخاصة برفض اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.
وأضاف قنديل -خلال مقاله المنشور بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الخميس- أن الناشط السياسي والحقوقي البارز، خالد علي، أقنع المتطاهرين بالاكتفاء بذلك القدر من الغضب، وضرب لهم موعدًا، بعد عشرة أيام، لاستئناف النضال، لكنها كانت فترة كافية جدا للنظام كي يفرض سيطرته، ويفسد موعد تجمع العشاق في أرض الثورة، حتى أن خالد علي، شخصياً، لم يتمكن من الوصول للتظاهرات المجهضة.
وأوضح أنه منذ ذلك التاريخ، اكتفت الثورة باللف والدوران في قاعات المحاكم، ومحيط أقسام الشرطة والنيابات، في معارك جزئية، أخشى أن أقول فئوية، ضغطاً من أجل إخلاء سبيل معتقل، أو تنفيذ حكم إفراج عن سجين انتهت محكوميته وتتعنت السلطات في احترام أحكام القضاء.. وكل ذلك مقدر ومعتبر ومحترم، بل ومطلوب، لكن ليس المطلوب أن يصبح هو السقف الأعلى والحد الأقصى للتعبير عن مشاعر غاضبة، باتت على يقين بأن هذا النظام صار خطراً على مصائر البلاد والعباد.
وقال قنديل إنه كان لدينا حراك جماهيري واسع، ومتزايد، ضد هذا الانقلاب، ينطلق من مبادئ سياسية وأخلاقية ناصعة وواضحة، لكنه للأسف لم يجد من يحنو عليه، ويعضده وينميه، وبدلاً من ذلك تسربت من منابر إعلامية، من المفترض أنها أنشئت خصيصاً، لدعم الحشد الجماهيري ضد سلطة عارية عن الشرعية، تسربت نغمة تثبيط وتحبيط، تقلل من حجم الحراك، وتستخف بقدرته على صناعة التغيير، بل وتمارس وصاية على أصحابه بادعاء أنه لا يثمر شيئاً، سوى مزيد من الاعتقالات والاغتيالات، والنزيف، حتى تحولت هذه النغمة إلى مشاريع اصطفاف فاشلة، وسلسلة مبادرات، وكيانات تنسف بعضها بعضاً، بعيداً عن أية محاولة جادة لتعظيم الحراك الجماهيري وتنميته.
ونوه إلى أن الصورة أصبحت:" كثير من الاستوديوهات ومصاطب الكلام، وقليل من الحراك على الأرض، وفي المحصلة، لا المعتقلون خرجوا، ولا البطش توقف، ولا الاصطفاف تحقق، لأنه ببساطة لم يحاول التواصل مع الشارع، بقدر ما اهتم بالاتصال بمحترفي الوقوف في المنتصف، عند المساحات الرمادية، بين استدعاء الثورة، واستدرار المصالحات".
وتابع: "لقد اهتم بعضهم باللهاث خلف المتساقط من موائد الانقلاب، من الذين غضبت عليهم السلطة، فقررت تأديبهم، أكثر من اهتمامه بالقابضين على جمر النضال الحقيقي، وفي ذلك تجد عجباً عجاباً، من عينة حشد الدعم والتأييد والتعاطف مع نائب، قرروا إسقاط عضويته، و"شلحه" من برلمانهم، الذي من المفترض أن مناهضي هذا الانقلاب لا يعترفون بشرعيته من الأساس، إذ ينتحر المنطق هنا، حين يجدهم يمنحون شرعية لنائب أطيح به خارج برلمان غير شرعي، ولأسباب لا ترتبط، على أي نحو، بالمبادئ المؤسسة لمنهجية العمل ضد سلطة الانقلاب".