“محمد رمضان”.. دماء صبي في جمعة الغضب لن تنساه الإسكندرية

- ‎فيحريات

كتب- أحمد علي:

 

كان صباح يوم 28 يناير2011 يومًا فاصلاً في أحداث الثورة، الطفل "محمد رمضان أحمد" طالب بالصف الثالث الإعدادي، من أهالي الإسكندرية، أوقف "ماتش" كرة القدم الذي كان يلعبه بحرفية كبيرة، ووقف يراقب مئات الآلاف في مظاهرات ما عرف بـ"جمعة الغضب"، لكن سرعان ما تحول الأمر لمصادمات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين استخدم فيها الأمن الغازات المُسيلة للدموع والرصاص المطاطي والحي.

 

حبس "محمد" أنفاسه وظل يراقب الكر والفر بين الثوار وقوات المخلوع مبارك، وأسفر شراسة الأمن وإجرامه إلى سقوط شهداء ومصابين، وبحث رفاق "محمد" عنه فوجدوه بين المصابين برصاصة قناص في الرأس.

 

شهيد فاقد الوعي!

 

"محمد رمضان" من مواليد 1 نوفمبر1994 أصيب بطلق ناري في الرأس بجوار قسم ثاني المنتزه في 28 يناير 2011 يوم جمعة الغضب بالإسكندرية في أول أحدث الثورة وتم نقله لمستشفى طوسون في محاولة لإسعافه وعلاجه للإنقاذ حياته ليظل يصارع الموت ما يقرب من أسبوع فاقدًا للوعي لتصعد روحه إلى بارئها بتاريخ 3 فبراير 2011.

 

محمد وإن كان صغير السن إلا أن جميع من التقوا به أو تعرفوا عليه يؤكدون أنه كان يتخلق بأخلاق الرجال ومواقفه التي حفرة في ذاكرة أهله وأفراد أسرته لا تنسى، خاصةً تلك التي تبرز مرحه وحبه للدعابة وحنانه الفياض، وهو ما أكد عليه شقيقه "على رمضان".

 

وعلى قدر امتلاء قلوب أحبابه ومعارفه بالحب له والفاجعة التى ألمت بهم على قدر حسرتهم وحزنهم بعد أحكام البراءة التي وصفت بالمسيسة ليظل القاتل حر طليق في ظل تراجع الظروف التي تضمن إجراء محاكمات عادلة وناجزة يرجو أهله ومحبوه أن تكون قريبه ويؤكدون على عدم التفريط في حقه طال الزمان أم قصر؛ فدماؤه الذكية تبعث في نفوسهم مداد من الصمود لمواصلة الطريق حتى يتم القصاص لدماء ارتوت منها ميادين الحرية التي يفتقر إليها الجميع.

 

مرسي ينتصر للشهداء

 

والد الشهيد رمضان أحمد وهو أحد أعضاء لجنة تقصى الحقائق والتى تم تشكيلها بقرار من الرئيس محمد مرسي لجمع الأدلة والحقائق حول من ارتقوا منذ أحداث ثورة 25 يناير.

 

يؤكد أن القضاة الذين أصدروا أحكام بحق من اتهموا بقتل الثوار ومنهم المخلوع مبارك لم يعتد بالتقرير الذي شمل الأدلة والحقائق والذي تم إعداده من قبل اللجنة المشكلة من رجال ومستشارين مشهود لهم بالمهارة في عملهم والأمانة والسيرة الحسن، مستنكرًا إلغاء نيابة الثورة التي كان منوطًا بها استكمال ما تم إنجازه في جمع الأدلة الموثقة والتي تظهر من يبحث عن أدله لتوثيق حقائق من قتل ثوار يناير ومن المسئول عن هذه الجرائم من قبل النائب العام المعين بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي "هشام بركات" ليفاجأ أهالي شهداء يناير بإلغاء نيابة الثورة وتجاهل التقارير التي تم إعدادها من قبل لجنة تقصى الحقائق.

 

فضح عصابة العسكر بالفيديو

 

وأضاف والد الشهيد أنهم بعدما شرعوا فى الإجراءات لجمع الأدلة التي توثق الحقيقة وما حدث استطاعوا أن يحصلوا على مقاطع فيديو توثق الأحداث واعترافات من أفراد الداخلية، فضلاً عن الرجوع لأوامر الخدمة والتسليح كل ذلك وغيره من المعلومات أكد أن من ارتقوا شهداء منذ تلك الأحداث كان برصاص أفراد الداخلية.

 

وفيما يخص ارتقاء نجله ذكر أن محمد كان يلعب كرة القدم في مكان قريب من قسم ثانى المنتزه ولما سمع بالمظاهرات التي خرجت ذهب ليشاهد ما يحدث وبرفقته عدد من أصدقائه الذين كانوا يلعبون معه وهو الطفل الذي لديه شغف التعرف والمشاهدة لمثل هذه الأحداث ليتم إطلاق القنابل على الجميع والرصاص الحي تستقر إحدى الرصاصات في رأسه محمد يرتقي بعدها شهيدًا بتاريخ 3/2/2011 داخل المستشفى.

 

المجرمون نالوا البراءة

 

والدة الشهيد السيدة "نبيلة صبحي" الملتاعة على فلذت كبدها والذي رزقت به بعد 15 عامًا من الصبر والدعاء بأن ترزق بالبنين تساءلت لماذا يقتل نجلها وهو الطفل الذي لم يضر أحدًا.. لماذا تصدر أحكام بالبراءة على من أطلق الرصاص عليه وعلى غيره من الشهداء رغم ثبوت وعلم الجميع أن من أطلق الرصاص هم أفراد الداخلية، مرددة: حسبي الله ونعم الوكيل.

 

شيماء شقيقته أكدت أن "محمد" رغم صغر سنه، إلا أنه كان يطمح أن يعيش في بلد ينعم بالحرية ومستوى تعليمي راقي في ظل عدالة تخمر الجميع ويحصل كل أفراد المجتمع على حقوقهم، وذكرت أن آخر ما وصى به محمد قبل يوم أصابته بيوم خلال حديثه معها بشكل مفاجئ قائلاً: "شيماء إن مت أرجو أن أدفن مع جدي"، وهو ما كان محل استغراب منها واستنكار داعية الله له بالصحة والعافية.

 

جدير بالذكر أنه في الثامن والعشرين من يناير، انطلقت مظاهرات حاشدة فيما عرفت بجمعة الغضب، استخدمت قوات المخلوع مبارك القوة لفض تحركات عجّت بها القاهرة ومناطق أخرى، رُصدت آليات الأمن المركزي تدهس متظاهرين على كوبري قصر النيل.

 

وتصاعد غضب المحتجين في محافظات الجمهورية الرئيسية، وأحرقوا المقر الرئيسي للحزب الحاكم في العاصمة، تطورات سرعان ما تبعها إعلان حظر التجول في القاهرة والإسكندرية والسويس، وانتشرت مدرعات الجيش لمساندة قوات المخلوع مبارك.