الدم المصري بالخارج.. سلع رخيصة سخرها الانقلاب للمقايضة والحصول على “الرز”

- ‎فيأخبار

كتب رانيا قناوي:

قايض نظام الانقلاب في مصر، السلطات الإيطالية للخروج من مأزق مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي قتل على يد الداخلية العام الماضي، بعد اعتقاله وتعرضه للتعذيب.

وتحاول سلطات الانقلاب إرضاء الجانب الإيطالي لغلق الملف، حتى انها قامت بقتل عدد من المصريين الغلابة بزعم تورطهم في قتل الشاب الإيطالي، إلا انه تبين تلفيق الداخلية اتهامات باطلة لهم، وأنهم قتلوا 6 أشخاص لاسترضاء الإيطاليين، التي اكتشفت الفضيحة، وتبينت من التحقيقات تورط الداخلية في قتل ريجين.

ومع استمرار المحاولات الفاشلة لسلطات الانقلاب في غلق ملف ريجيني، تتجه الحكومة في كل فترة لاستغلال مقتل أي مواطن مصري في إيطاليا للمقايضة مع السلطات الإيطالية على دم ريجيني، إلا أنها دائما ما تبوء بالفشل.

وهلل نواب برلمان العسكر لمقتل شاب مصري آخر في إيطاليا خلال الأسبوع الماضي، على اعتبار أنه سيكون نموذج للضغط على الجانب الإيطالي في قبول المقايضة هذه المرة، حتى أنهم اعتبروا فتح نائب عام الانقلاب التحقيقي فى واقعة وفاة المواطن المصرى، هانى حنفى سيد بأحد السجون الإيطالية، هو خطوة إيجابية، للتحرك في اتجاه مضاد لقضية مقتل جوليو ريجيني، لتثبت سلطات الانقلاب أن دم المصري ليس إلا سلعة رخيصة للمقايضة في بعض الملفات.

مقايضة رخيصة
واعتبر أحد مخبري الأجهزة الأمنية ضد شباب الثورة وعضو برلمان العسكر طارق الخولى، أن اهتمام الدولة أن تقف على التحقيقات الخاصة بمقتل الشاب المصرى هانى حنفى سيد فى سجون إيطاليا ليس للمكايدة أو المعاملة بالمثل كما حدث فى قضية ريجينى، قدر ما هو متعلق باهتمام الدولة بالمواطنين بالخارج، لأنهم يتعرضون لحوادث بشعة، في الوقت الذي تناسى فيه عشرات القضايا الأخرى التي قتل فيه عدد من المصريين ولم تترحك الدولة مثل قضية تعذيب شاب مصري في الكويت على يد كفيله ومقتله، دون أن تتحرك الدولة خوفا من انقطاع "الرز" الكويتي.

وأضاف الخولى -فى تصريحات صحفية- أن وفاة الشاب المصرى هانى حنفى تعد الحالة الرابعة التى يتعرض لها المصريون فى إيطاليا، فى ظل صمت رهيب من المنظمات الدولية، وتجاهل غربى غريب، على عكس ما تم فى قضية ريجينى، ولم يذكر الخولي المصريين الذين يقتلون في دول الخليج ودول أخرى.

ومن جانبه، قال محمد أبوحامد عضو برلمان العسكر، إن الربط بين مطالبه الدولة المصرية بالتحقيقات حول قضية وفاة الشاب المصرى بإيطاليا، وقضية ريجينى غير صحيح، موضحا أن الدولة كانت ستتخذ نفس الإجراءات لأنها تتم وفقا للإجراءات التى ينظمها القانون الدولى، وبالتالى كان سيحدث هذا مع أى دولة أخرى.

وكلف النائب العام مكتب التعاون الدولى بإعداد مذكرة بطلبات النيابة العامة المصرية لإرسالها للسلطات الإيطالية المختصة فى إيطاليا وموافاتها بصورة رسمية من التحقيقات التى أجريت فى الواقعة وتقرير الطب الشرعى وما تضمنته التحريات وما اتخذ من إجراءات.

المصري في الخارج بين الإهانة والقتل
من ناحية أخرى، شهدت أوضاع المصريين العاملين في بعض الدول العربية أحداثا محزنة، في عهد السيسي، بالتزامن مع الرز الخليجي الذي حصل عليه الانقلاب مقابل السكوت عن أي إهانة لأي مصري، ودعم سياسة الانقلاب، حتى أصبح المصري سلعة رخيصة لا ثمن لها.

وكان آخرها وفاة الشاب المصري أحمد عاطف، بعد دهسه بسيارة مواطن كويتي حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، الحادثة لم تكن الأولى، فقبلها بأيام كانت حالة تعدى برلماني أردني وشقيقيه على عامل مصري بأحد المطاعم، وقبلها نوهت بعض الدول العربية، بترحيل العمالة المصرية منها فى حال عدم استطاعتهم توفيق أوضاعهم، لتظل قرارات الترحيل تشكل شبحا للعمالة المصرية، يهدد حياتهم العملية ويجعلهم يقبلون بأى قرارات ضدهم.

بداية مع مشاجرة جماعية وقعت في مجمع تجاري فى الكويت بين مجموعة من الوافدين المصريين وبعض الكويتين بسبب خلاف جرى بينهم، حيث تطور الاشتباك بالأيدى إلى قيام بعض الكويتيين بملاحقة الوافدين المصريين خارج المول التجارى والتعدي بالضرب عليهم بعد نشوب المشاجرة فيما بينهم، وبعدها قام مواطن كويتيا بدهس اثنين من الوافدين بسيارته مما أدى إلى وفاة وافد مصرى وإصابة آخر.

بعدها قررت السلطات الكويتية ترحيل كل المصريين المتورطين في هذه الحادثة التى أسفرت أصلا عن وفاة شاب مصرى، خاصة بعدما دعا المصريون الموجودون فى الكويت لتنظيم اعتصام وإضراب عن العمل تحت عنوان "إضراب الكرامة" للتنديد بالجريمة، مما دعا السلطات الكويتية لتهديد المصريين المقيمين لديها بالترحيل في حال تنظيم الاعتصام بالفعل، في الوقت الذي لم تحرك فيه سلطات الانقلاب ساكنا، واكتفت بما نشرته وسائل الغعلام عن مقتل الشاب المصري دون تعليق على الحادث.
 
وتداول نشطاء علي مواقع التواصل الاجتماعي قبل أسابيع قليلة، فيديو يظهر شابا مصريا يعمل في أحد المطاعم بالأردن، يتم الاعتداء عليه من قبل نائب برلمانى وإخوته.

وحسب الفيديو يظهر النائب الأردنى وهو يصفع العامل المصرى على وجهه، واصفا المصريين بـ"الشحاتين والكلاب"، الأمر الذى أثار غضب شعبى مصرى، فضلا عن تناول الواقعة بشكل كبير على برامج التوك شو، ومعها الهجوم علي الحكومة المصرية التي تتجاهل أوضاع المصريين وكرامتهم بالخارج.

لم يختلف الأمر كثيرا فى السعودية، رغم أنها من أكبر الداعمين لانقلاب 30 يونيو، كما أنها أكبر دولة يتواجد فيها عمال مصريون، ولكن فى الأيام الاخيرة تم ترحيل بعض المصريين العاملين هناك بعد أن تم القبض عليهم بسبب مخالفتهم قوانين المملكة الخاصة بالتأشيرات والإقامة، وبعض مشاكل مع الكفيل.

قرارات الترحيل تعتبر أزمة حقيقية بمعنى الكلمة، تهدد العمالة المصرية في عدد من الدول العربية، سواء كان على خلفية مشاجرات، أو اعتداءات، أو مخالفات للقوانين والتأشيرات الأمر الذى ربما يؤثر على الحالة الاقتصادية فى مصر بالسلب نتيجة عودة العمالة من الخارج.

وأكد محمد زكريا الناشط الحقوقى والعمالى، في تصريحات صحفية، أن ملف المصريين بالخارج يحتاج إلى إعادة نظر من الجهات المسئولة، فالملف المصرى بالخارج يعانى من عدة مشاكل وأزمات، لافتا إلى ان المصريين فى السنوات الاخيرة تعرضوا لانتهاكات كبيرة خاصة فى البلاد العربية، فحادثتا الأردن والكويت لم يكونا بداية أو نهاية المطاف كما أن هناك غيرهما الكثير، ولكن ساعد علي انتشارهما التناول الكبير في مواقع التواصل الاجتماعي مما أدى إلى إثارة الرأى العام، لكن فى الحقيقة هناك انتهاكات كثيرة لم يعرف عنها أحد.
 
وأضاف الناشط الحقوقى، أن هناك إهمالا وضعفا بشكل عام فى أداء القنصليات والسفارات فى حماية المصريين فى الخارج فهذه الجهات على مدار سنوات عجزت عن الدفاع عن المصريين فى أوقات كثيرة، كما أن أكثر الانتهاكات ضد المصريين تقع فى دول الخليج، مشيرا إلى أن المعاملة السيئة فى بعض الأوقات للمصريين العاملين فى الخارج تأتى من أن هؤلاء العمال وافقوا على التفريط فى حقوقهم خوفا من العودة إلى مصر وإنهاء تعاقدهم.