كتب رانيا قناوي:
قال الكاتب الصحفي فهمي هويدي، إن الصراع العلمانى الإسلامى جرت صياغته سياسيا على نحو مزق الصف الوطنى وحوله إلى صراع بين القوى المدنية والدينية، ما أغلق الباب أمام احتمال تعايش الطرفين. وترتب على ذلك أن صارت القوى المدنية (العلمانية) على استعداد للذهاب إلى أبعد مدى للقضاء على خصمها الآخر والخلاص منه، لذلك فإنها تحالفت مع الجيش والشرطة لتحقيق ذلك الهدف.
وأضاف هويدي -خلال مقاله بصحيفة "الشروق" مساء أمس الاثنين- أن النخبة العلمانية كان أملها أن تقيم من خلال ذلك التحالف ما أسماه مدرس النظم السياسية الدكتور أحمد عبدربه "ديكتاتورية تشاركية"، موضحا أن فى تحليله للنتائج التى ترتبت على ذلك ذكر الدكتور عبدربه ما نصه: فى خلال عامين فقط (بين ٢٠١٣ و٢٠١٥) فشل هذا التحول الديكتاتورى التشاركى لأن الفاعلين الأمنيين قرروا لأسباب كثيرة الانفراد التام بالمعادلة السياسية دون إعطاء أى اعتبار لأى وعود سابقة أعطتها للتيارات المدنية التى شاركتها طريق التحول الديكتاتورى منذ البداية ويتذكر الجميع كيف عمدت أجهزة الدولة فى هذه الفترة إلى خرق أغلب الأوجه المدنية التى كانت محسوبة عليها بما فيها حتى من أيد بلا شروط أو قيود كل الإجراءات القمعية التى اتخذت منذ يوليو ٢٠١٣ إلى حينه ثم جاء الفشل الأكبر بأن عجزت هذه المعادلة السلطوية المنفردة عن الإيفاء بالتعهدات الأمنية والاقتصادية للشعب، وسريعا دخلت فى مواجهات مع حلفائها الإقليميين بل مع بعض مؤيديها فى المحافل".
وأكد هويدي أن الانقسام النكد قضى على روح ثورة يناير ٢٠١١ التى ذابت فيها كل تمايزات الصف الوطنى، الأمر الذى ألغى دور القوى السياسية وأفرغ الساحة تماما لصالح الأجهزة الأمنية التى تولت هندسة وصياغة الحالة السياسية. وبمضى الوقت اختفى دور النخب السياسية، وما عاد ممكنا الحديث عن تيارات مدنية تدافع عن حقوق المجتمع، وإن بقى فى الساحة أفراد يحاولون القيام بذلك الدور، ومن ثم بقيت فى الساحة المنظمات الحقوقية التى ما زالت تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه لحماية المجتمع ضد انتهاكات السلطة وتجاوزاتها.
ونبه على أن النخب المصرية، علمانية وإسلامية، تتحمل المسئولية التاريخية عن موت السياسة والإسهام فى إضعاف المجتمع المدنى وهزيمته، قائلا: " صحيح أن السلطة القائمة لها دورها الذى لا ينكر فى ذلك، إلا أن تلك النخب أعانتها على ذلك. وحين يتاح لنا أن ندقق فى سجل المراحل التى تعاقبت بعد ثورة يوليو ١٩٥٢ سنجد أن تغييب الديمقراطية كان له دوره الأكبر فى إضعاف المجتمع ونزع عافيته السياسية، حتى غدت النخب المصرية إفرازا طبيعيا للإجواء التى سادت منذ ذلك الحين. الأمر الذى ينطبق عليه تعبير الشوام: هيك نخب جاءت مناسبة تماما لهيك أوضاع".