كتب- إسلام محمد:
يتابع الصحفيون تحديدًا ومتابعو الحياة السياسية في مصر بشكل عام الحكم الذي تصدره اليوم محكمة جنح مستأنف قصر النيل، في الطعن الذي قدمه ثلاثي نقابة الصحفيين يحيى قلاش وجمال عبد الرحيم وخالد البلشي، على الحكم الذي صدر بحبسهم في 19 نوفمبر 2016، وفق التهمة التي تم تكييفها لسجن الصحفيين الثلاثة عقابًا على السماح باعتصام الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا داخل النقابة، بعد صدور قرار ضبط وإحضار لهما نتيجة المشاركة في مظاهرات الاحتجاج على إصرار النظام على تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
أهمية الحكم تتمثل في عدة أمور، على رأسها أنه يأتي قبل أيام من انتخابات التجديد النصفي لمنصب النقيب ونصف أعضاء المجلس، والتي يتصادف أن الصحفيين الثلاثة سوف يخوضونها لاستكمال تمثيل زملائهم، وهي الانتخابات التي تشهد جدلاً واسعًا هذه المرة، بعد أن قرر وكيل نقابة الصحفيين الأسبق عبد المحسن سلامة الترشح على منصب النقيب، متهمًا النقيب الحالي بأنه أورد النقابة المهالك، وأنه يجرها إلى مواجهة غير محسوبة العواقب مع الدولة.
كما تأتي أهمية الحكم من أنه الأول الذي يصدر للبت في حبس نقيب الصحفيين للمرة الأولى في تاريخ النقابة، رغم أن أزمات مرت عليها كانت أكثر من الأزمة الحالية، ولم تفكر أية جهة قضائية أو سياسية معاقبة الصحفيين ونقيبهم بهذه الصورة العنيفة، التي اعتبرها كثير من المراقبين دليلاً جديدًا على حالة القمع التي تعانيها حرية الرأي في مصر عقب الانقلاب العسكري، والذي كان المزاج العام للصحفيين متوافقًا معه، إلا أن ذلك المزاج تغير بعد سلسلة من الانتهاكات الصارخة لحرية التعبير، وغلق الصحف، ومطاردة الصحفيين أصحاب الآراء المعارضة، فضلاً عن حبس نحو 100 صحفي في ظروف غير آدمية، دون أي اعتبار لمناشدات النقابة بتحسين ظروف حبسهم أو رعاية المحتاجين منهم صحيا على الأقل.
من جانبه، حاول المرشح الأقرب للدولة، عبد المحسن سلامة، استغلال حكم حبس النقيب وزميليه، والذين تم حبسهم دون تهمة حقيقية، للفوز بمقعد نقيب الصحفيين، عقب محاولته الظهور بأنه مرشح مدعوم من الدولة، عن طريق الحديث عن حل مشاكل الصحفيين المالية، ومحاولة التوسط لدى الحكومة لزيادة البدل، وحرصه على أن يقف الإعلامي أحمد موسى، القريب من دوائر صنع القرار الانقلابي، خلفه لحظة إعلان قرار ترشحه على مقعد النقيب، رغم إصرار "سلامة" المستمر على أنه ليس مرشح الحكومة في تلك الانتخابات.
واستباقًا للحكم، أعلن عبد المحسن سلامة أنه سوف يتدخل لدى "رئاسة الانقلاب" للعفو عن الصحفيين الثلاثة في حال صدور حكم بإدانتهم.
ووفقًا لما أشار إليه نقيب الصحفيين "قلاش" فإن "ما سيترتب على نتيجة الانتخابات الحالية مختلف تمامًا عن أي انتخابات سابقة داخل النقابة"، وهو ما ينسحب بالتأكيد على حكم المحكمة المنتظر اليوم؛ حيث سيحدد بشكل كبير شكل العلاقة بين الصحفيين وسلطة الانقلاب في الفترة المقبلة، كما أنه يمكن أن يؤثر على نتيجة الانتخابات، وخاصة على منصب النقيب".
حيث سيتيح قبول الاستئناف وإلغاء الحبس الفرصة أمام "قلاش" للفوز بالمقعد، اعتمادًا على الدعم المعنوي الذي سيستمده من ذلك الحكم.
إلا أنه في كل الحالات، يصعب أن يتم ترميم العلاقة بين أبناء مهنة الرأي وسلطة الانقلاب، أو عودتها لسيرتها الأولى، بعد الشرخ العميق الذي سببه الحكم بحبس 3 من ممثلي نحو 13 ألف صحفي، بصرف النظر عن نتيجة الاستئناف.
Facebook Comments