“جيش الصين العظيم”.. درس فضح عسكر الانقلاب

- ‎فيأخبار

كتب- أسامة حمدان:

 

خلال ستين عاما في مصر أخذت الدولة المصرية أشكالاً وألواناً مختلفة، ما بين اشتراكية ورأسمالية وعلمانية ولكن هذه الأشكال، كانت كلها تدور في فلك واحد… العسكر، فدور العسكر لم يقتصر على حماية أراضي وحدود ولا حتى سيطرة على مقاليد الحكم بل إن أذرعه الإخطبوطية تنامت إلى كل موارد الاقتصاد التي أصبجت عسكرية بامتياز حتى أصبح الجيش دولة قائمة بذاته تسخر كل الطاقات لخدمة مجموعة من قادة الجنرالات وحسب.

 

في نفس الوقت وعت دولة كالصين الدرس مكرًا فعمدت بذكاء إلى إخراج يد جيشها من أي نشاط اقتصادي لتؤهله وتركز قوته الحماية العسكرية ، ففازت بالجنتين .. نمو اقتصادي وجيش من أقوى جيوش العالم.

 

"البزنس" ممنوع

 

كان الجيش الصينى يعمل في التجارة و الصناعة حتى سنة 1988 ، وبحسب تقرير مطول لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، عمل الجيش الصيني في مجالات النقل وصناعة الأجهزة الكهربائية وإدارة مصانع المشروبات وبناء الفنادق وصناعة السيارات.

 

وقال التقرير، إن جيش "التحرير الشعبي الصيني"، – والذي يعد ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم – بدأ في الثمانينات تشغيل مجموعة من الاستثمارات المدنية الكبيرة والصغيرة إلى أن بات أهم تكتل استثماري في الصين.

 

وضرب التقرير مثلا عن نشاطات الجيش الصيني الاستثمارية التي ينفذها بطابع خدمي – بحسب الصحيفة – والتي تمثلت في استخدم شاحنات وقطارات الجيش للنقل المجاني واستعمل الجنود كعمالة رخيصة.

 

ثم قررت الصين بعد دراسة خروج الجيش في خلال 3 سنوات خارج كل الأعمال التجارية والاقتصادية لعدة أسباب أهمها أن التجارة تغير عقيده الجيش ، وان حسابات المكسب والخسارة التجارية لا تصلح للمؤسسات العسكريه وافرادها ، كما تحول التجاره ومكاسبها رؤية العسكريين للشعب علي انه زبون في السوق يجب التربح منه .

 

وبعد ممارسة النشاط الاقتصادي يتحول الجيش لمنافس وليس لمؤسسة من مؤسسات الدولة ومن ثم  لا يمكن ان يجمع فرد بين العقيدة القتالية و الاستثمار وحسابات الربح والخسارة بل و تفكيرهم في الربح يمكن ان يكون ضد مصالح الشعب والاهم ان التجاره تمثل خطر داهم علي الجيش نفسه.

 

وقبل أشهر معدودة قررت السلطات الصينية، وقف أعمال الجيش الصيني الخارجية، والتي تنفذ مقابل أجر، كمشروعات استثمارية أو تنفيذ أعمال هندسية.

 

وبحسب "إذاعة الصين الدولية" الرسمية، أمرت الإدارة الصينية، قوات جيشها بإنهاء كافة المشاريع الخاصة به، في غضون السنوات الثلاث المقبلة.

 

ونقلت الإذاعة أيضا، عن اللجنة العسكرية المركزية، إن وحدات الجيش لن يسمح لها توقيع عقود جديدة، كما لن يسمح بتمديد العقود المنتهية في الأعمال التي تنفذ خارج الخدمة العادية.

 

وأشارت الإذاعة، إلى أن هذا القرار يأتي في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى التركيز على تجهيز قوات مسلحة أكثر احترافا، جزئيا عبر اجتثاث الفساد الذي ربطه التقرير بالخدمات المدفوعة الأجر.

 

وفي مارس 2015 الماضي، حددت الصين ميزانية عسكرية تزيد بنسبة 10,1% في أدنى ارتفاع سنوي منذ خمسة أعوام، أي ما يعادل حوالي 141 مليار دولار أمريكي، وذلك ما يعد ثاني أكبر ميزانية عسكرية في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وقال وقتها رئيس الوزراء الصيني، إن زيادة الميزانية العسكرية لـ"تعزيز الوسائل اللوجستية الحديثة، وتكثيف أبحاث الدفاع الوطني من أجل تطوير أسلحة ومعدات باستخدام تكنولوجيات جديدة وحديثة".

 

وسعت بكين خلال السنوات الخمس الماضية، لتوسيع نطاق تواجدها العسكري في الخارج، فيما صدر لأول مرة في الصين، قانون يسمح لجيشها بالقيام بعمليات لما يسمى "مكافحة الإرهاب" خارج أراضيها، والذي أقره الجيش الصيني في ديسمبر الماضي.

 

جنرالات مصر

 

وبالمقارنة مع الواقع المصري تبدو الصورة حالكة السواد ، فقد وقعت كل العواقب السلبية التى توقعتها الدراسة الصينية في مصر ، حيث سيطرت حالة الجشع على جنرالات الجيش المصري وأعمت مصالحهم الاقتصادية عيونهم عن النظر إلى مصلحة البلاد أو حتى مراعاة دورهم الأساسي في حماية الأرض والوطن.

 

ولأول وهلة يرى البعض أن اقتصاد الجيش هو ذلك المتمثل في مصانع الأغذية والأدوات الكهربائية وغير ذلك، إلا أن اقتصاد «بيزنس» العسكر يتعدى بكثير هذا الأمر، إذ لا يعتبر اقتصاد دولة داخل الدولة فحسب، بل إن الأذرع العسكرية متغلغلة في الاقتصاد الوطني بصورة شبه كاملة.

 

ففي الفصل الـ15 من باب المؤسسة العسكرية والمنشور بموقع الهيئة العامة للاستعلامات، يلقى الضوء على الشركات والهيئات الاقتصادية التابعة للقوات المسلحة والتي ومن نظرة عامة عليها يتضح مدى تغلغل الجيش في كل المجالات الاقتصادية في الدولة وسيطرته عليها بشكل او بآخر.

 

ورغم أن هذه الشركات والهيئات من المفترض أنه تم إنشائها لتحقيق الاكتفاء الذاتي داخل المؤسسة العسكرية، إلا أن دورها الحالي تعدى ذلك الأمر إذ بدا كما لو أن هناك كياناً اقتصادياً قائماً بذاته بعيداً عن الدولة.

 

التهرب الشرعي

 

ولا أحد ينسى التصريحات الشهيرة للواء محمود نصر مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية والمحاسبية وعضو المجلس العسكري -آنذاك- والتي قال فيها إن ما لدى القوات المسلحة «ليست أموال الدولة وإنما عرق وزارة الدفاع من عائد مشروعاتها»، وإنها تدفع عليها ضرائب وجمارك.

 

ثم أضاف أن «القوات المسلحة ستقاتل من أجل مشروعاتها الاقتصادية… ولن تتركها لأى شخص أو جهة».

 

حكاية الضرائب والجمارك التي تحدث عنها اللواء نصر، ليست إلا محض خيال، إذ أن هناك قوانين وضعتها دولة العسكر على مدار عقود، جعلتها رسمياً متهرباً من الضرائب، فوزارتي الدفاع والإنتاج الحربي، فكلتاهما معفيتان من الجمارك، بنص المادة (1) من قانون الإعفاءات الجمركية رقم 186 لعام 1986: «يعفى من الضرائب الجمركية…1-ما تستورده وزارة الدفاع والشركات والوحدات والهيئات التابعة لوزارة الإنتاج الحربى لأغراض التسليح من أسلحة وذخائر وتجهيزات ووسائل نقل ومواد وأدوات وآلات ومهمات وأجهزة طبية وأدوية. 2-ما تستورده الحكومات والمؤسسات الأجنبية، تنفيذاً لعقود تبرمها مع وزارة الدفاع لأغراض التسليح». وبالطبع أي شيء وكل شيء يمكن إدراجه تحت بند الحاجة له في أغراض التسليح. والدليل الرسمي على ذلك صدر على لسان اللواء على صبري، وزير الإنتاج الحربي، حيث صرح في الشهر الماضي بأن بعض منتجات الوزارة المدنية من «الصلب والمنتجات الهندسية والإلكترونية معفاة من الجمارك أو تُفرض عليها رسوم زهيدة».

 

أما جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التابع لوزارة الدفاع، فهو معفى من الضرائب على الدخل، بنص المادة (47) من قانون رقم 91 لسنة 2005 للضريبة: «تُفرض ضريبة سنوية على صافى الأرباح الكلية للأشخاص الاعتبارية أياً كان غرضها، وتسرى الضريبة على…عدا جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع».

 

مشروعات العسكر معفاة أيضاً من ضريبة المبيعات، بنص المادة (29) لقانون رقم 11 لسنة 1991 للضريبة العامة على المبيعات:

«تُعفى من الضريبة كل السلع والمعدات والأجهزة والخدمات المعنية في هذا القانون اللازمة لأغراض التسليح للدفاع والأمن القومي وكذلك الخامات ومستلزمات الإنتاج والأجزاء الداخلة في تصنيعها». ثم تشرحها المادة رقم 23 من اللائحة التنفيذية لعام 2001 مفصلة: «تسرى أحكام هذه المادة على جميع قيادات القوات وهيئات وإدارات وأجهزة القوات المسلحة والصناديق التابعة لوزارة الدفاع أو الملحقة بها»، ويتضمن ذلك، حسب نص المادة، «الشركات والوحدات والهيئات التابعة لوزارة الإنتاج الحربى» و«الهيئة العربية للتصنيع». مرة أخرى، بالطبع أي شيء يمكن تأويله على أنه أجزاء تدخل في صناعة التسليح.