كتب أحمدي البنهاوي:
أكد المستشار محمد ناجي دربالة، نائب رئيس محكمة النقض السابق، أن "براءة مبارك لم تكن مفاجأة خاصة بعد غياب الأدلة والتلاعب في الأحراز، وإزالة كل الأدلة التي تدين مبارك ونظامه، في قتل ثوار يناير، كما أن محاكمته تمت بعد استبعاد كل التحقيقات التي أجرتها لجان تقصي الحقائق، وتحقيقات نيابة الثورة، التي كانت تضم 15 من أكفأ المحققين، الذين قدموا أدلة إدانة مبارك بالصوت والصورة".
وقال، في حواره مع جريدة "الشرق" القطرية: المشهد السياسي الحالي في مصر شديد القتامة، وكافة التيارات السياسية وغير السياسية تدرك ذلك بشكل يقيني، وتدرك أن الوطن بات الضحية الأولى، لاستمرار هذه السياسات"، لافتا إلى أن "مصر تُذبح أمام الجميع دون أن يتدخل أحد لإنقاذها من مسار كارثي".
ورأى "دربالة" أن "بعض المتهمين عوقبوا بتهم لا يوجد لها تشريع قانوني أصلاً"، مؤكدا أن القضاء المصري تحول لأداة بيد النظام وتراجعت ثقة الرأي العام فيه، بعدما "تجاوز اختصاصاته بالتعاطي مع قضايا شاذة مثل إعلان حماس جماعة إرهابية، وإصدار إحكام بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دول بعينها".
وأوضح أن القضاة بين موقفين الأول: "كثير من القضاة تعاطوا بإيجابية مع هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء"، والثاني: "بعض القضاة يستغلون قربهم من السلطة لتصفية حسابات مع تيار قضائي منافس".
واستطرد أنه على صعيد القضايا انقسم القضاة بين راغب في العمل بدوائر الإرهاب، ورافض لهذا النهج، ومنهم من اختار العمل في الدوائر المدنية أو محاكم الأسرة رغبة في الابتعاد عن أي جدل.
تغول قضائي
وتساءل عن كيفية استمرار ثقة الرأي العام في القضاء، وهناك قاضٍ يحكم بإعدام 625 شخصا دون إتاحة حق الدفاع عن أنفسهم؟!، ولا يُمَكَّن المحامون من تقديم الدفوع، ثم يلي ذلك صدور أحكام أكثر غرابة أدانتها محكمة النقض.
وعبّر عن اعتزازه بأن يكون أحد قضاة البيان الشهير الذي تبناه قضاة من أجل مصر، وأشار إلى أن "بيان القضاة عكس رغبتهم في الحفاظ على الدستور والقانون وإرادة الشعب". مشددا على أنه "لم يندم عن الموقف الذي اتخذته بعد الإطاحة بأول رئيس مدني".
وعن أهمية الحرية للمجتمع، وأشار إلى أن "المجتمع الذي يفتقر إلى الحرية لا يمكن أن يكون له مستقبل، وأن المصريين لن يواجهوا الفقر والإرهاب إلا بأن يكونوا أحراراً".
واهتم المستشار ناجي دربالة في حواره بتغول السلطة التنفيذية على القضاء مما أوصل "القضاء إلى درجة أن تشكل دوائر مخصوصة للنظر في قضايا بعينها، مثل دوائر الإرهاب التي يُختار لها قضاة بعينهم، طبقا لتكوينهم ومكانتهم، بل وصل الأمر إلى أن أحد القضاة وصف ثورة يناير بأنها "25 خسائر"، وهو ما يخالف الدستور، فضلا عن الجهر بكراهيته لتيارات سياسية بعينها، لدرجة أن المحكمة لم تجد بداً من رده في إحدى القضايا في سابقة هي الأولى منذ 50 عاما في تاريخ القضاء المصري".
وأكد بالمقابل أن "العصف بالقضاة مازال مستمرا، فالمستشاران يحيى جلال وهشام رؤوف، مهددان بالعزل، حيث جرى التحقيق معهما للمشاركة في منتدى قانوني لمواجهة التعذيب".