مع انهيار الطواقم الطبية.. لماذا يتكتم العسكر على ما يجري في “صدر العباسية”؟

- ‎فيتقارير

تتكتم الآلة العسكرية التابعة لحكومة الانقلاب في مصر على كارثة كبرى تحدث في مستشفى «صدر العباسية»، وخلت المواقع الإخبارية التابعة للانقلاب من أي ذكر لما يجري بالمستشفى التي تقع وسط محافظة القاهرة، في ظل منهجية أجهزة النظام الأمنية على فرض سياج من السرية والكتمان على حقيقة الأوضاع التي تجري في مصر.

وينقل موقع “مدى مصر” عن مصادر طبية بمستشفى «صدر العباسية»، قولها: إن نحو 52 من الفريق الطبي والعاملين بالمستشفى أُصيبوا بفيروس كورونا المُستجد، بالإضافة إلى عدد من أفراد أسرهم، وأن جميعهم محجوزون بالمستشفى، مطالبين بتوقف المستشفى عن استقبال المرضى المصابين بالفيروس لحين توفير فريق طبي بديل.

الكارثة- بحسب هذه المصادر- أن مدير «صدر العباسية» الدكتور محمد عيد،  يمارس أعلى صور العناد، موضحة أن الأطباء طالبوا الوزارة مرارًا بتوفير فريق طبي بديل دون استجابة، ورغم ذلك لا يزال المدير يصر على استمرار العمل، ما اعتبرت المصادر أنه يعرض حياة ما تبقى من الفريق الطبي بالمستشفى وكذلك المرضى للخطر والإصابة بالعدوى.

وتم إجراء أكثر من 70 مسحة PCR للعاملين بالمستشفى على مدار اﻷيام الماضية، بعد ظهور أعراض الإصابة بـ«كورونا» على غالبية العاملين وأسرهم، والتي كشفت عن إيجابية تحاليل 10 من طاقم أطباء المستشفى، و35 من طاقم التمريض وسبعة عمال نظافة، فيما لم تظهر بقية النتائج حتى الآن، وأشارت المصادر إلى أن المصابين من أفراد الفريق الطبي وذويهم محجوزون في عنبري «المميز» و«الرعاية»، المكدَّسَيْن الآن، ويتواجد بهما أطفال أعمارهم تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات.

وأكدت المصادر نفسها أنه رغم إصابة أكثر من ثلثي الفريق الطبي لـ«صدر العباسية» بـ«كورونا»، وتوقفهم عن العمل، فإن المستشفى تستقبل حاليًا مئات المرضى يوميًا، لافتين إلى تواجد 23 مريضًا بالرعاية المركزة، يقدم لهم الخدمة ثلاثة فقط من طاقم التمريض في كل من شيفتَي الصباح والمساء، وهو ما يقل عن المتبع بأن يضم الشيفت الواحد تسعة، فضلًا عن ممرض واحد في الاستقبال، فيما أضاف أحد المصادر: «كل نص ساعة بيموت قدامنا مريض قبل سحب المسحة منه.. ومش بنعرف نعمل حاجة».

وفاة “34” طبيبا ومستلزمات طبية للكونغو وزامبيا

وفي الوقت الذي أعلنت فيه سلطات الانقلاب، أمس الاثنين 2 يونيو 2020م، عن وصول طائرة نقل عسكرية من طراز “إليوشن” محملة بالمساعدات والمستلزمات الطبية والبدل الواقية؛ إلى جمهوريتي الكونغو الديمقراطية وزامبيا، بدعوى مساعدة البلدين في التغلب على فيروس كورونا، في ضوء توجيهات رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، أعلنت نقابة الأطباء المصرية ارتفاع عدد ضحايا تفشي فيروس كورونا إلى 34 حالة وفاة بين الأطباء إضافة إلى أكثر من 380 إصابة؛ بخلاف حالات الوفاة والإصابة بين أفراد الأطقم الطبية الأخرى من ممرضين وفنيين، على خلفية غياب إجراءات الوقاية، ونقص المستلزمات الطبية في المستشفيات.

وسادت حالة من الغضب بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب إصرار السيسي على إرسال المساعدات الطبية إلى العديد من البلدان الأوروبية والإفريقية، ومنها إيطاليا وبريطانيا والسودان وجنوب السودان، فضلاً عن الصين والولايات المتحدة، في وقت يتساقط أفراد الأطقم الطبية يومياً، ما بين قتيل ومصاب، بسبب نقص هذه المستلزمات في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة.

وينقل موقع “مدى مصر” عن منير معوض بشارة، عضو لجنة الشكاوى بالنقابة العامة، ووكيل نقابة أطباء القاهرة الفرعية، أن هناك صعوبة في حصر وفيات الأطباء، لأنها في الأغلب تصل النقابة عن طريق بلاغات من الأسر أو أطباء زملاء للمتوفين، مضيفًا: «إحنا بنجتهد عشان نوصل للأرقام»؛ في إشارة إلى تعمد وزارة الصحة بحكومة الانقلاب التكتم على ضحايا الطواقم الطبية من الأطباء والممرضين وعدم الإعلام عن ذلك أو حتى إخطار النقابات المختصة.

وبحسب رئيسة لجنة الشكاوى بالنقابة العامة، منى مينا، فإنه يُصعب تحديد رقم دقيق للمصابين بين اﻷطباء، لصعوبة الحصر، مشيرة إلى أن التقديرات التقريبية للإصابات تصل إلى ما بين 500 و600 مصاب، معتبرة أن المشكلة الأخرى في إصابات الأطباء هي أن كثير منهم تظهر عليهم أعراض بسيطة، لكن أسرهم تظهر عليهم أعراض حرجة، وهؤلاء لا يوجد حصر بهم.

وأعلنت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب، مساء أمس الاثنين، عن تسجيل 1399 إصابة جديدة و43 وفاة؛ وبذلك ترتفع الإصابات إلى نحو 26384 حالة، والوفيات إلى 1005 حالات. لكن  وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار يؤكد أن عدد إصابات كورونا الفعلي ليس 25 ألفا، منها نحو ألف وفاة حسب المُعلن، بل “تتجاوز 117 ألف إصابة، وأكثر من 6 آلاف وفاة”، في أكثر السيناريوهات المتشائمة لانتشار الفيروس.

وتؤكد تصريحات الوزير ما ذكرنا مرارا بأن بيانات وزارة الصحة بحكومة الانقلاب تفتقد إلى الشفافية والمصداقية، كما تجعل من هجوم سلطات الانقلاب وآلتها الإعلامية على تقرير صحيفة الجارديان البريطانية في مارس الماضي حول حقيقة أعداد المصابين نكتة ممجوجة تكشف إصرار نظام العسكر على الكذب وحرصهم على إخفاء الحقائق.