أكاديميات السيسي.. أجندة الانقلاب لتأميم وتكميم الأفواه بإشراف أمني

- ‎فيتقارير

يبدو أن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي على وشك الانتهاء من عسكرة المجال العام في مصر، سواء كان سياسيًا أم إداريًا أم دينيًا وقضائيًا، وبشكل رسمي، خلال الأيام القادمة، قبل انتهاء مدة فترته الثانية من الحكم الذي استولى عليه بقوة الدبابة، بالتوازي مع مخطط تعديل الدستور لفتح مدة الحكم التي يسير في اتجاهها.

فبعدما تم الكشف عنه من قبل وزارة العدل وهيئة الرقابة الإدارية والمخابرات العامة، من تدشين مشروع إنشاء أكاديمية لتخريج القضاة الجدد، بسلطات وصلاحيات واسعة تلغي صلاحيات المجالس العليا للهيئات القضائية في اختيار أعضائها الجدد من بين خريجي كليات الحقوق والشرطة والشريعة والقانون في الجامعات المختلفة، ليكون المعيار الأمني هو المحدد والفيصل في اختيار أي عضو عامل بالسلك القضائي.

تتجه دولة الانقلاب لنفس الاتجاه في تعيين الأئمة والدعاة بوزارة الأوقاف والمساجد التي يشرف عليها الأزهر الشريف، بعدما كشف محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في حكومة الانقلاب، أنه يجهز مشروعًا ضخمًا لتجديد الخطاب الديني، استجابة لدعوة عبدالفتاح السيسي.

وكشف وزير الأوقاف، أنه سوف يجري دورات تدريبية في وزارة الأوقاف للدعاة والواعظات على المشروع الجديد، ليقوموا بدورهم بتعليمه للناس.

وعقب السيسي على خطاب شيخ الأزهر وخطاب وزير الأوقاف بالقول إن الإشكالية الحقيقية الحالية في العالم الإسلامي ليست اتباع سنة النبي أو عدم اتباعها وإنما القراءة الخاطئة لأصول الدين.

واتفق معه عبد الفتاح السيسي خلال رده على شيخ الازهر في دفاع أحمد الطيب عن السنة، حيث قال السيسي، متسائلاً: “هل إساءة من يقولون نأخذ بتعاليم كتاب القرآن فقط وليس سنة الرسول أكثر أم التفكير المتطرف”.

وأضاف السيسي أن سلوكيات العديد من المسلمين بعيدة تمامًا عن صحيح الدين سواء في الصدق أو الأمانة أو الإخلاص في العمل أو احترام الآخرين، قائلاً: “أرى العجب في إدارة الدولة”.

وأقر السيسي بما كشفه مخطط وزير الأوقاف للسيطرة على المنابر والخطاب الديني، من خلال الأكاديمية المنشودة، التي سيتم تفعيلها بإشراف ومعايير الأجهزة الأمنية.

وطالب السيسي في كلمته التي ألقاها أثناء الاحتفال بالمولد النبوي أمس الإثنين، شبابَ العلماء والدعاة، بالانخراط في التدريبات التي تقدمها، الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب وإعداد القادة، حتى يضيفوا على علومهم الدينية علومًا أخرى يستفيدون منها.

أكاديمية بديلة لاقتراح الأزهر

ويبدو أن السيسي رفض سيطرة الأزهر على الخطاب الديني، كما رفض اقتراح شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب رغم أنه حصل على موافقة من السيسي في أكتوبر 2017 بإنشاء “أكاديمية الأزهر الشريف لتأهيل وتدريب الأئمة والدعاة والوعاظ وباحثي وأمناء الفتوى” وبدأت العمل في يناير 2018، إلا أن السيسي طالب في خطابه بضرورة تدريب شباب العلماء في الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب وإعداد القادة، التابعة لرئاسة الجمهورية، حتى يكون الخطاب الديني المنشود بإشراف أمني وليس إشراف أزهري.

تدريب بإشراف أمني

وتقوم الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، التي أنشأها النظام بقرار من عبد الفتاح السيسي، في أغسطس من عام 2017 بقرار جمهوري رقم 434 لسنة 2017، وتهدف إلى تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بكافة قطاعات الدولة والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم، بإشراف أمني.

وبدأت الأكاديمية عملها اعتباراً من بداية شهر أكتوبر 2017، ويأتي إنشاء هذه الأكاديمية كأحد توجيهات المؤتمر الوطنى الأول للشباب بشرم الشيخ نوفمبر 2016، والتي أقرها عبد الفتاح السيسي.

وتتبع هذه الأكاديمية رئاسة الجمهورية مباشرة، ويكون للأكاديمية مجلس أمناء برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية ممثلين عن رئاسة الجمهورية، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، وزارة المالية، والمجلس الأعلى للجامعات، وعدد من الشخصيات الأخرى.

في حين تأسست أكاديمية الأزهر لتدريب الوعاظ والأئمة والدعاة، في أكتوبر 2017 بموافقة السيسي وقرار من شيخ الأزهر وانطلقت للعمل في يناير الماضي، وتمارس الأكاديمية عملها بالتعاون والتنسيق مع وزارة الأوقاف ودار الإفتاء والجهات المعنية وتهدف أكاديمية الأزهر إلى تأهيل وتدريب العاملين في مجالات الوعظ، والإمامة والخطابة، والدعوة، وأمانة الفتوى، من خريجي الكليات الشرعية والعربية بالأزهر الشريف.

إلا أن دولة الانقلاب رأت خطر هذه الأكاديمية بإشراف الأزهر، وقررت سحب البساط من تحت أقدام الأزهر، من خلال قرار محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أثناء الاحتفال أنه سوف يفتتح أكبر أكاديمية لتدريب الأئمة والواعظات، وإعداد المدربين بمدينة السادس من أكتوبر، مجهزة بأحدث التجهيزات العصرية بتكلفة إجمالية تزيد على مائة مليون جنيه من الموارد الذاتية للوزارة، وذلك لتأهيل وتدريب الأئمة وإعداد المدربين من داخل مصر وخارجها.

يذكر أن مشروع مماثل باسم “أكاديمية القضاة” تابعة لوزارة العدل، يقوم عليه نظام الانقلاب حاليا، ليلتحق بها دورياً جميع الخريجين الجدد الذين تختارهم المجالس العليا للهيئات القضائية كمرشحين للعمل في تلك الهيئات، كمعاونين للنيابة العامة أو قضاة في مجلس الدولة أو أعضاء في النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة.