الوطن ينتظركم.. هل تجمع روح يناير الفرقاء وتزيح كابوس الانقلاب؟

- ‎فيتقارير

مثلما وقر مشهد الراحل عمر سليمان في قلوب الثائرين المصريين، وهو يتلو عبر التلفزيون الرسمي بيان تنحي مبارك عن السلطة تعبيرًا عن نجاح ثورة 25 يناير؛ فقد بقي مشهد السفيه السيسي وهو يتلو بيان الانقلاب على الثورة عبر التلفزيون الرسمي عالقًا في أذهان الكثيرين؛ إيذانًا بعهد جديد يُنهي مكاسب الثورة، ويعيد تطهير مصر من آثارها وتبعاتها.

ودعت الجبهة الوطنية المصرية إلى “استعادة روح الاصطفاف التي عشناها في يناير، تقديرا للمصلحة العليا للوطن، واستعدادا لعمل موحد ينقذ البلاد والعباد، ويزيح هذا الكابوس عن مصر والمصريين”، وجدّدت تعهدها بالعمل على استكمال طريقها حتى “ينعم شعبنا بالحرية والكرامة والعدالة والعيش الكريم تحقيقا لشعارات الثورة”، موجهة التحية لكل من وصفتهم بالأوفياء للثورة ومبادئها على اختلاف مشاربهم السياسية.

أبناء يناير

وقالت الجبهة، في بيان لها اليوم الخميس، إن “مرور 8 سنوات على ثورة يناير لم يفقدنا الأمل في انتصار الثورة رغم ما تعرضت له من كبوات وضربات على يد الثورة المضادة التي لم تعد تقصر ضرباتها على أبناء يناير، بل تعدتها إلى عموم الشعب وإلى حدود الوطن وترابه وسيادته”.

وأكدت أن “ما يمر به الوطن من ويلات وخيانات على يد العصابة الحاكمة يدعونا جميعا لتجاوز الخلافات والانقسامات التي عززتها الثورة المضادة، ويدعونا لاستعادة روح الثورة وروح ميدان التحرير الذي جمعنا على اختلاف مشاربنا، وهي ذاتها الروح القادرة على جمعنا وتوحيدنا مجددا لإنقاذ الوطن وإنقاذ الشعب”.

ووجهت الجبهة الوطنية رسالة إلى جميع المصريين، قائلة: “الوطن ينتظركم، أرواح الشهداء تناديكم، أصوات المعتقلين تستغيث بكم، تراب الوطن يستصرخكم.. فهل من مجيب؟”.

وفي ذات السياق، دعت 40 شخصية مصرية معارضة بالخارج من وصفوهم بـ”الشرفاء” إلى ضرورة التحرك من أجل إنقاذ مصر مما وصفوه بالضياع، مشدّدين على أنه لا حل للأزمة الراهنة التي تشهدها الدولة المصرية إلا بالثورة، وقالوا: “ها نحن نستقبل الذكرى الثامنة لثورة يناير العظيمة، ونحن على العهد لثورتنا ولشعبنا، وكلنا ثقة في الله سبحانه وتعالي بأن هذه الثورة ستكمل طريقها ولو كره الكارهون، وستبلغ بعدلها وكرامتها وحريتها كل مكان في أرض مصر”.

وأضافوا- في بيان مشترك لهم أمس الأربعاء-  “نعترف أن الثورة تعرضت لكبوة، لكننا نوقن أنها ستتجاوز هذه الكبوة عاجلًا غير آجل، مستلهمين تجارب غيرنا من الثورات الشعبية الكبرى التي تعرضت لما تعرضت له ثورة يناير، ثم كان النصر حليفها في النهاية”.

وكان قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، قال أمس الأربعاء، “إننا ننتقل بثبات بعد سنوات عاصفة ومضطربة، من مرحلة تثبيت أركان الدولة وترسيخ الاستقرار، إلى مرحلة البناء والتعمير”، ويقصد بالدولة الانقلاب الدموي الذي غدر بالرئيس محمد مرسي، ووقفت خلفه أمريكا وإسرائيل والخليج.

وزعم السفيه السيسي خلال احتفال بالذكرى السابعة والستين لـ”عيد الشرطة”، الذراع المنفذة للقمع والانتهاكات والقتل والاعتقالات، “أننا نستكمل بجدية واجتهاد ما بدأنا من مشروعات تنموية كبرى، انطلقت في جميع أنحاء البلاد لتغيير الواقع المصري إلى ما نطمح إليه، من تنمية شاملة ومستدامة”.

الإرهاب العسكري

وتوعد السفيه السيسي، في وقت سابق، بإحباط أي محاولة لتكرار ما حدث في 25 يناير 2011، والتي حلت ذكراها الثامنة هذه الأيام، وقال: “إذا فكر أي شخص في الاقتراب من مصر فسأقول للمصريين انزلوا لإعطائي تفويضا”، وزاد: “ستكون إجراءات أخرى ضد أي شخص يعتقد أن بإمكانه العبث بأمن مصر”، بحسب تعبيره.

وسبق أن طالب السفيه السيسي في 24 يوليو 2013، عقب الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، المصريين بالنزول للشوارع، فيما سمي بـ”جمعة التفويض” 26 يوليو 2013 لمواجهة ما أسماه “الإرهاب المحتمل”، وتابع منفعلا: “ميصحش حد يفكر يلعب في أمن مصر، أروح أموت الأول، قسما بالله قبل ما حد يلعب في أمنك يا مصر، لازم أكون مت الأول، أنا مستعد أروح بس الـ100 مليون مواطن يعيشوا”، على حد تعبيره.

وتحل الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير، التي رفعت العيش والحرية والعدالة الاجتماعية مطالب أساسية لها في ميادين الجمهورية المصرية، وسط تساؤلات بشأن ما تبقى من تلك المطالب، بعد ما آلت إليه الأوضاع في البلاد من تردٍ على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو ما انعكس في دخول ملايين المصريين تحت خط الفقر نتيجة الغلاء غير المسبوق وزيادة معدلات التضخم، مرروا بتحول حق التظاهر إلى جريمة تستحق السجن ووجود نحو 100 ألف مواطن داخل السجون نتيجة اتهامات ذات أبعاد سياسية، فضلا عن تراجع النشر والتعبير والإعلام، ووصولا إلى تمدد المؤسسة العسكرية لتكون بديلا لمؤسسات المجتمع المختلفة في كافة القطاعات.

وبعد ستة سنوات من الانقلاب، تؤكد معطيات الواقع وتقارير المنظمات والمؤسسات الدولية انتقال مصر خلال هذه السنوات إلى حالة ديكتاتورية فجة، تغلق أغلب منافذ التعبير، وتخنق الفضاءات الاقتصادية والاجتماعية، في حين تحولت وعود الرفاهية إلى سراب بقيعةٍ، وعادت المنظومة الحاكمة للبطش بصناعها والانقلاب لأكل أبنائه بعد الخلاص من خصومه وأعدائه، وتراجع دور مصر إقليميا ودوليا.