ورقة بحثية: إعلام الثورة السودانية خاصم الإسلاميين وفرز إيديولوجيا بمعلومات خاطئة

- ‎فيعربي ودولي

قال الباحث حازم عبدالرحمن، بموقع “الشارع السياسي Political Street”: إن المعلومات البسيطة غابت عن بعض وسائل الإعلام المحلي بالسودان، وتماهت مع خطاب أيديولوجي يعادي التيار الإسلامي بفصائله المختلفة، وتجلى ذلك في بعض الصحف والمواقع السودانية، تاركة المهنية والمصداقية، وما يفرضه العمل الإعلامي من دقة التحري وأمانة العرض.

وركزت ورقة بحثية بعنوان “الثورة السودانية وأخطاء الإعلام” ل”عبد الرحمن” على تباين مواقف وسائل الإعلام العربية منها حسب توجهات كل منها؛ منذ انطلاق الثورة السودانية فكان إعلام الثورة المضادة في مصر والسعودية والإمارات منحازا للمجلس العسكري الانتقالي ضمن خطة الالتفاف على الثورة السودانية، والتي كان تفرض التبرؤ غير المنطقي من حكم البشير فضلا عن اتهامه وشيطنته وكأن جنرالات المجلس العسكري لم يكونوا من خلصاء النظام وأبنائه الذين صنعهم على عينه ومنحهم أعلى الرتب.

هجوم على الإخوان

واستغربت الورقة الهجوم على الإخوان فقالت: إن الإعلام السوداني الموالي للثورة فقد استفاد من أجواء الحرية، وقدم توثيقا للثورة، لكنه وقع في أخطاء عديدة من أبرزها تقديم الخصومة الفكرية على المهنية والمصداقية، ووقع في الفرز الإيديولوجي، وذهب جزء منه إلى وصف نظام حكم عمر البشير بأنه حكم الإخوان المسلمين، بينما جماعة الإخوان المسلمين بالسودان معروفة بمواقفها المستقلة عن نظام الحكم ولها مراقب عام يتحدث باسمها هو الدكتور عادل علي الله، وخلافها قديم مع جبهة الإنقاذ التي أسسها الدكتور حسن الترابي، والتي قامت بانقلاب عسكري في عام 1989بقيادة عمر البشير على حكومة الصادق المهدي المنتخبة، ثم انقلب البشير على الترابي فيما بعد وترأس حزب المؤتمر الوطني، وهو الحزب الذي حكم السودان في الفترةً (1989- 2019)، كما أسس الترابي حزب المؤتمر الشعبي المنشق عن المؤتمر الوطني عام 1999 .

روج للجنرالات

واعتبرت الورقة أن من أخطاء إعلام الثورة عمل بعضه على الترويج للجنرالات بأنهم جزء من الثورة، ولم يقوموا بانقلاب، وليسوا طامعين في السلطة، وأن مهمتهم الأساسية هي الحفاظ على أمن البلاد وحماية مطالب المحتجين، مضيفا تمام ذلك مع حدث مع العسكر في مصر.

وأوضحت أن كل ذلك جرى بينما كان الإعلام الحر يشكك في نيات المجلس العسكري الذي بدا واضحا من البداية أنه يقتفي أثر الجنرالات في مصر؛ فقد كان خطاب كل منهما متطابقا مع الآخر بطريقة لافتة.

وتقدم الإعلام الثوري المصري عن غيره في تغطية الثورة السودانية وقدم صورة صحيحة لما يجري على الأرض مع التحليل الموضوعي، وحذر كثيرا من تكرار ما جرى في مصر على يد العسكر رغم خطابهم الناعم الحنون الذي لم يمنعهم من الانقلاب على الثورة، وقتل الثوار، وسجنهم، وتعذيبهم بعد نجاح الانقلاب.

الخصومة مع الإسلاميين

واعتبر أن أخطاء الإعلام هي تالية لأخطاء في الخطاب الثوري الصادر عن قوى الاعتصام، والذي بدا بحسب الورقة موجهوه في حالة خصومة مع عموم الإسلاميين، وهو خطر يهدد الثورة السودانية، ويعيد ذكرى التجربة المصرية المريرة في بث بذور الشقاق بين القوى المؤيدة للثورة؛ ما أدى في النهاية إلى الالتفاف عليها، وضرب بعضها ببعض، والانتقام من الجميع فيما بعد، ليحكم العسكر حكما استبداديا أسوأ من أي حكم مضى على تاريخ البلاد، دون أدنى مشاركة للشعب في الحكم، وهو درس مرير يجب على كل الشعوب أن تتعلم منه وتستفيد.

وعابت الورقة أن تعاطي إعلام الثورة السوداني مع تدخلات محور الثورة المضادة لم يكن كافيا لكشف المؤامرة الخارجية على الثورة، رغم أن زيارات رئيس المجلس العسكري عبدالفتاح البرهان ونائبه حميدتي إلى السعودية والإمارات ومصر كانت واضحة ومريبة، كما لم تتوقف طائرات مندوبي محمد بن زايد ومحمد بن سلمان عن زيارة الخرطوم، ثم وقعت مجزرة فض الاعتصام، وكان ينبغي أن يكون إعلام الثورة أقوى أداء مما ظهر عليه.

أخطاء الحياد

وعن أخطاء بعض القنوات المحايدة قال الباحث إنه رغم دور قناة “الجزيرة مباشر” الكبير في تغطية الثورة السودانية، كان لافتا أن يظهر محلل سوداني على شاشتها ليكرر حديثه عن سقوط حكم الإخوان بالسودان، بينما المذيع لا يراجعه بالتصحيح، والتنبيه إلى ضرورة الالتزام بما جرى الاصطلاح عليه في وسائل الإعلام؛ حتى لا يتشتت المشاهد، ولم يتحدث المذيع إلا بعد استدراك المحلل السياسي بأن هناك فرقا بين الإخوان في السودان والإخوان في مصر، واكتفى المذيع بالقول بأنه كان يريد أن يتحفظ على كلمة “الإخوان”.

ورأى أنه كان واجبا عليه أن يراجع الضيف، ويصحح له الخطأ، ويسأله عن سبب وصف نظام البشير بالإخوان، وتنبيه المشاهد إلى خطأ إضفاء وصف “الإخوانية ” على نظام البشير، وليس الاكتفاء بالقول أنه كان يريد أن يتحفظ، وهذا حق المشاهد الذي أهدره المذيع.

أخطاء الدقة

وكشفت الورقة عن أن وسائل إعلام أخرى محايدة وقعت في الخلط بين جماعة الإخوان المسلمين في السودان بقيادة المراقب العام الدكتور عادل علي الله، ومجموعة الدكتور عوض الله حسن التي انشقت على الجماعة في ديسمبر من العام 2017 في عهد الشيخ علي جاويش المراقب العام السابق الذي توفي في 23 ديسمبر 2018، وتم نقل بيانات وتصريحات وإجراء لقاءات منسوبة إلى المراقب العام، وهو أمر يحتاج إلى المراجعة والتصويب من جانب المسئولين في هذه المؤسسات المعروفة بحيادها.

تشويش وتعتيم

وحذرت الورقة من مخاطر أخطاء الإعلام، وتتمثل خلال تغطية الثورة السودانية في التشويش على الصورة الصحيحة للثورة، وعزلها عن الظهير الشعبي المؤيد لها والذي تجلى في الاستجابة الواسعة لدعوة العصيان المدني التي أربكت العسكر.

وأضاف أنه من المخاطر أيضا التعتيم على أخطاء العسكر وإعطاء الفرصة لزرع الانقسامات المبكرة، وبروز خلافات في الرؤى قد تتحول بتغذية العسكر لها إلى صراعات، تحول بين الثورة وتحقيق هدف إزاحة حكم العسكر، وتولية السلطة لحكومة مدنية ترعى عملية التغيير الضرورية لترسيخ الحكم المدني، وتداول السلطة.