“سيناء” و”الضفة” أرض صهيونية بموجب اعتراف أمريكا بـ”إسرائيلية” الجولان والقدس!

- ‎فيتقارير
Israeli (L) and Egyptian flags fly next to each other on the international border between the two countries in the Red Sea beach resort of Taba that will host 21 January 2001 marathon talks between Israeli and Palestinian teams, headed by Israel's Foreign Minister Shlomo Ben Ami and senior Palestinian negotiator Saeb Erakat. AFP PHOTO/Marwan NAAMANI

يمكن النظر الي الإعلان الأمريكي الرسمي المتعلق بالاعتراف بـ “إسرائيلية” الجولان، ومن قبل “القدس”، من زاويتين:

(الاولي): أن هذا الاعتراف وترسيخ مبدأ الاعتراف باحتلال دولة لأرض دولةً أخرى وضمها، يرسي مبدأ احتفاظ الصهاينة بالضفة الغربية والاعتراف بها “اسرائيلية” أيضا، والاخطر أنه لا يمنع ايضا من الاعتراف بسيناء “اسرائيلية” وباق الاراضي العربية المحتلة، وأن يدار العالم بقانون الغابة وليس بالقوانين الدولية ومبادئ وقرارات الأمم المتحدة.

(الثانية): أن هذا الاعلان الامريكي، وبرغم الانتقادات الدولية والعربية الشكلية، هو بمثابة جزء من ترتيبات صفقة القرن التي سيعلن عنها الشهر المقبل، وإلا فلماذا لم يعلن ترامب ونتنياهو عن ضم الجولان إلى إسرائيل إلا بعد ان أعاد الأسد السيطرة على الجنوب والمناطق الحدودية مع إسرائيل؟ ولماذا لم يضموا الجولان عندما كانت المعارضة السورية تسيطر على الجنوب؟ ألا يعني هذا ان قرار الضم جاء باتفاقات مع الروس والنظام والإيرانيين؟

لهذا ليست مفاجأة أن يقول مصدر سياسي إسرائيلي بارز لصحيفة “هآرتس” العبرية “إن اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على الجولان يبشر بمستقبل مماثل للضفة الغربية، كونه يضع مبدأ يمكن بمقتضاه مواصلة السيطرة على الأراضي المحتلة كجزء من حرب دفاعية”، ويزعم أن أي ارض تحتلها الدولة الصهيونية فيما يسميه “حرب دفاعية”، “فهي لنا”، بحسب زعمه!

ووفق ما يروج له اليمين الإسرائيلي، فإن الاعتراف بمرتفعات الجولان يمكن أن يكون بمثابة أساس لحملة مستقبلية مقابل البيت الأبيض، تطالبه بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، التي تشكل 61 في المائة من الضفة الغربية، وتخضع لسيطرة أمنية ومدنية إسرائيلية بحسب اتفاق اوسلو الموقع بين منظمة التحرير والدولة العبرية عام 1993.

والأهم أنهم يعقدون نفس المقارنة بسيناء، ولكنهم يرون أن ما يفعله السيسي في سيناء حاليا هو ما يريدونه بها بالضبط من تهجير واخلاء لمناطق حدودية وقتل لمن ينفذون أي عمليات ضد ايلات من سيناء، ومنع أي هجمات عليهم منها، فضلا عن اعطاء السيسي لهم الضوء الاخضر (كما اعترف السيسي بنفسه بذلك)، لقصف سيناء وانتهاك سيادتها وقتما يشاؤون كأنها أرضهم!

ولا يختلف الصهاينة – على اختلاف احزابهم -في هذا الامر (الرغبة في اعتبار الارض المحتلة جزء من ارض اسرائيل المزعومة)، فقد قال رئيس تحالف “أزرق أبيض” الجنرال احتياط بني غانتس المنافس الابرز لنتنياهو في الانتخابات المقبلة، في الخطاب الذي ألقاه أمام مؤتمر “أيباك” المنعقد في واشنطن أن القدس الموحدة ستبقى عاصمة إسرائيل إلى الأبد، وسيظل غور الأردن الحدود الشرقية لإسرائيل، وأن إسرائيل لن تنسحب أبدًا من هضبة الجولان.

ورغم هذا يعترف “مردخاي كرمنيتسر”، المحلل السياسي بصحيفة هآرتس”، 27/3/2019 أن ما ينطبق على الجولان لا ينطبق على الضفة وان استخدام القوة لا يمنح السيادة على الأرض.

ويقول إن كلام المسؤول السياسي الإسرائيلي الرفيع المستوى الذي اعتبر أن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان يبشر باعتراف مستقبلي مشابه بضم الضفة الغربية أو جزء منها “يثير الدهشة ويعرض الموضوع بصورة مشوهة”، لأنه من غير الممكن الاحتفاظ بأرض محتلة.

ويزعم محلل صحيفة “هآرتس” أن الدولة الصهيونية قامت بالسيطرة على الجولان للدفاع عن أمنها في مواجهة التهديدات الخارجية، وهذه الظروف الخاصة ليست موجودة في الضفة التي يوجد فيها تنسيق أمني مع السلطة الفلسطينية، ولكنه لا يستبعد أن يكون الضم في سياق رؤية أن الدولة الصهيونية دولة دينية يهودية لليهود فقط.

سيناء رؤية توراتية

مصر تمثل موقعا استراتيجيا مهما في مخططات الصهيونية العالمية حيث تعتبر مصر من ضمن إسرائيل التوراتية وسيناء تدخل في إطار الوطن التوراتى الذي تسعي إدارة ترامب حاليا لتنفيذه.

فبحسب مقال نشرته صحيفة “فورين بوليسي” الاربعاء 27 مارس 2019:”من يرسمون السياسة الخارجية الأميركية الآن هم من الأصوليين المسيحيين الذين يضمرون حقدا دفينا على الإسلام والمسلمين”.

وأن الإنجيليين في ادارة ترامب يدعون إلى اتباع إرادة الله حسب فهمهم الشائع لها والمتمثل في النبوءة التوراتية التي تدعو إسرائيل إلى التوسع، لتتوافق حدودها – وفق زعمهم -مع ما كانت عليه مملكة التوراة القديمة التي وعد الرب بها نسل الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب.

وتدعو تلك النبوءة إسرائيل أيضا إلى إعادة بناء هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى قبل حلول موعد نهاية العالم.

وتلك هي الأسباب التي حدت بالمسيحيين الإنجيليين منذ أمد بعيد إلى الدفع نحو الاعتراف بالقدس “عاصمة موحدة للدولة اليهودية” وايضا اسرائيلية الجولان ولا يمنعهم شئ من اعتبار سيناء مثلهم ارض اسرائيلية!

وقد اتجهت أطماع هرتزل صوب سيناء وسعى بالفعل لإقامة وطن قومى لليهود فيها حيث كان يرى أنها الأفضل وكان يطلق عليها (فلسطين المصرية)، وكان يرى أنه لو تمكنت شركة يهودية من أن تضع أقدامها فى سيناء والعريش فانه سيبدأ بإنشاء مشروع الوطن القومي، وكان يخطط للانقضاض منها على فلسطين.

فمن المعروف ان هرتزل اقترح مشروعا اسماه مشروع العريش يمنح اليهود امتيازا باستغلال الاراضى الواقعة فى شبه جزيرة سيناء التى تحيط بمنطقة العريش وتبلغ مساحتها 630 ميلا مربعا، وكان من المقترح أيضا إنشاء أنفاق تحت مياه قناة السويس لتمرير 51الف متر مكعب من المياه كل ثانية، وظلت الاطماع الصهيونية مستمرة فى سيناء واستخدمت كل الوسائل للسيطرة على سيناء والعريش، وفى عام 1910وقبيل الحرب العالمية الأولى تعالت داخل فلسطين أصوات جماعة صهيونية كانت تدعو لاستعمار جزء من سيناء وأسسوا لذلك مصرفا بالقدس لتمويل مشروعهم، وأطلقوا عليه المصرف (الانجلو فلسطيني) لكن هذه المحاولة باءت بالفشل.

لذلك يقول الخبير في الشأن الاسرائيلي “محمد سيف الدولة”: “يخطئ كل من يتصور أن معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية هى مجرد اتفاقية ثنائية استطاعت مصر من خلالها استرداد ارضها المحتلة، مقابل اقامة علاقة طبيعية مع (اسرائيل) وبعض الترتيبات والتنازلات الامنية والعسكرية فى سيناء”.

ويؤكد أن “كامب ديفيد هى أشمل من ذلك بكثير؛ فهى نظام حكم كامل متكامل، وضعه الامريكان و(اسرائيل) وحلفاؤهم لتفكيك مصر التى حاربت وانتصرت فى حرب 1973، وبناء مصر اخرى تابعة للامريكان لا ترغب فى قتال (اسرائيل) او فى تحديها، وان رغبت لا تستطيع. ان كامب ديفيد هى عصر كامل قائم بذاته ونظام حكم يتدخل فى كل صغيرة وكبيرة فى حياتنا منذ سبعينات القرن العشرين حتى يومنا هذا”.

وعمل الصهاينة وكفلاؤهم الغربيون جاهدين لتحقيق ما يقولون إنه وعد توراتي بأن تكون «أرض الميعاد» أو الأرض الموعودة (التي تمتد من النيل إلى الفرات) وطنًا لهم، وبرغم احتلال الدولة الصهيونية المساحة الأكبر من فلسطين أي حوالي 23 ألف كيلو متر مربع من أصل 27 ألف كيلو متر مربع مساحة فلسطين التاريخية، فهم يسعون لأن تصبح “إسرائيل الكبرى” التي تضم ما بين النيل الي الفرات، ويصرون على تنفيذ هذا المشروع «التوراتي» السياسي التوسعي.

ويعد مشروع إسرائيل الكبرىGreater Israel حجر الزاوية في فكر الأحزاب الصهيونية ونشاطها وعلى رأسها الليكود، إضافة إلى فكر المؤسسة العسكرية والاستخبارات، ويعتمدون في سبيل تنفيذ هذه الخطة لاشعال الحروب في المنطقة واضعاف الدول التي يرغبون في الاستيلاء علي ارضها ضمن المشروع الصهيوني مثل العراق التي قال الانجيليون في ادارة بوش وقتها ان حرب العراق “توراتية” بهدف الاستيلاء علي بابل، ثم اشعال حرب لبنان واضعاف مصر باتفاق سلام يجعل سيناء بلا قوة تحميها أو سيادة فعلية.