ملامح الطبخة الإقليمية لتمكين الثورة المضادة في ليبيا

- ‎فيتقارير

لا خلاف على أنَّ لم الشمل وتوحيد صف الشعب الليبي هو مراد كل المخلصين في العالم العربي والإسلامي، بشرط ألا يكون ذلك على حساب حرية الشعب، وألا يستهدف بالأساس تمكين جنرالات الثورة المضادة من الملف الليبي كله.

إزاء ذلك فإن تحركات إقليمية مشبوهة ومتزامنة في عدد من العواصم العربية الموالية للتحالف الصهيوني الأمريكي تستهدف بالأساس حسم الصراع الليبي بتمكين جنرالات الثورة المضادة، وعلى رأسهم خليفة حفتر، عبر صفقة سياسية مع رئيس حكومة التوافق المعترف بها دوليا فايز السراج.

ويتضمن التصور المصري الإماراتي القائم تحت لافتة «توحيد القيادة السياسية والعسكرية في ليبيا»، اختيار فايز السراج رئيس حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، رئيسا للدولة، وقائدا أعلى للقوات المسلحة، بوجود نائبين هما محمد البرغثي، وناجي مختار، إضافة إلى اختيار عارف النايض سفير ليبيا في الإمارات رئيسا للحكومة، على أن يكون حفتر، قائداً عاماً للجيش ووزيراً للدفاع، وسالم جحا رئيساً للأركان والذي كان ملحقا عسكريا في السفارة الليبية بالإمارات.

ووفقا لهذا التصور، يحظى تحالف حفتر بنصيب الأسد، حيث يهمين على المؤسسة العسكرية بالكامل إضافة إلى الحكومة، بينما يبقى السراج رئيسا صوريا، وتخرج القوى الشعبية والثورية من المشهد تماما.

في الأثناء ذاتها، أعلن سيف الإسلام القذافي، ابن الراحل معمر القذافي، ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا، بما يعني خلطا للأوراق ورسالة للجهات الإقليمية التي لا تعول على معسكر القذافي، وتستبعده كذلك من المشاركة في مستقبل ليبيا.

توحيد المؤسسة العسكرية

في القاهرة، بدأت اليوم الاثنين 19 مارس، اجتماعات موسعة لقيادات عسكرية ليبية تحت لافتة «توحيد المؤسسة العسكرية»، تستهدف بالأساس تمكين الجنرال خليفة خفتر ليكون القائد العام للمؤسسة العسكرية الليبية بعد توحيدها وإعادة هيكلتها وفق مخططات مصرية سعودية إماراتية.

يشارك في هذه الاجتماعات عبد الرزاق الناظوري رئيس أركان القوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، واللواء عبد الرحمن الطويل رئيس أركان حرب القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

وبحسب مصادر مصرية مطلعة, فقد تم تشكيل مجموعة من اللجان الفنية التخصصية لبحث آليات توحيد المؤسسة العسكرية ودراسة كافة الشواغل التي تدعم تحقيق هذا المسار”، كما تتضمن أجندة الاجتماعات بحث طبيعة العلاقة بين السلطة المدنية والمؤسسة العسكرية، وكذلك عملية إعادة هيكلة وتنظيم المؤسسة العسكرية.

وبحسب المصادر المصرية، يشارك في اجتماعات الجولة السادسة لتوحيد الجيش الليبي في القاهرة نحو 45 ضابطًا عسكريًّا برئاسة الناظوري والطويل، اللذين يشاركان في الاجتماعات للمرة الأولى منذ انطلاقها قبل ستة أشهر في مصر، وسوف تضم الاجتماعات قادة الأفرع الرئيسية للجيش الليبي التابعين لحفتر، والمجلس الرئاسي.

حفتر في الأردن

تتزامن مع هذه الاجتماعات في القاهرة اجتماعات أخرى أكثر سرية وانغلاقا, تضم الجنرال المثير للجدل وقائد الثورة المضادة خليفة حفتر بعدد من المسئولين الأمريكيين والبريطانيين، دون الإفصاح عن طبيعة هذه اللقاءات. وتشير مصادر مطلعة إلى أن حفتر سوف يتجه من العاصمة الأردنية عمان صوب القاهرة للمشاركة في الاجتماع الأخير بالقاهرة الذي يستهدف إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية.

وكان عمداء بلديات المنطقة الشرقية وعدد من الشيوخ والأعيان والحكماء والوجهاء بالمنطقة الشرقية عقدوا لقاء مع عمداء بلديات طرابلس والأعيان والحكماء بالمدينة، في العاصمة طرابلس، بعد وصولهم عبر مطار “معيتيقة”، أمس الأحد، في خطوة تعد الأولى من نوعها.

ورئيس برلمان طبرق في الرياض

في السياق ذاته وفي ذات الوقت، يزور رئيس البرلمان الموالي لحفتر في طبرق، عقيلة صالح، العاصمة السعودية “الرياض” اليوم الاثنين 19 مارس، بدعوة من مجلس الشورى السعودي؛ لبحث تعزيز العلاقات البرلمانية بين الطرفين.

ومن المقرر أن يلتقي “صالح” رئيس مجلس الشورى السعودي، محمد بن عبد الله آل الشيخ، لبحث تعزيز العلاقات بين البلدين، خاصة بين المجلسين، بحسب وكالة الأنباء السعودية “واس”.

ورأى متابعون للزيارة أنها “تأتي في إطار التداخلات الإقليمية في الملف الليبي، ومحاولة من قبل نظام ابن سلمان للتواصل مع أطراف ربما يكون لها دور في المشهد السياسي المقبل، كون “عقيلة صالح” أحد المرشحين بقوة في المجلس الرئاسي المنتظر.

وفي تصريحات سابقة، طالب عقيلة صالح السعودية بـ”ضرورة التدخل في ليبيا؛ من أجل إقناع الليبيين بالتوصل إلى وفاق، وذلك بنقل الحوار الليبي- الليبي إلى الرياض، تحت إشراف البرلمان الليبي، وبدعم من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وحكومته”.

وبحسب محللين فإن الزيارة يمكن اعتبارها حلقة في التحركات الإقليمية الراهنة الرامية لتمكين الموالين للتحالف السعودي المصري الإماراتي، وهم قيادات الثورة المضادة، وحسم الصراع باستبعاد القيادات الثورية والإسلامية من المشهد بدعم قوى دولية وإقليمية.

سطو إماراتي على مليارات ليبيا

في هذه الأثناء لا تزال الإمارات تمارس دورها القذر في المشهد الليبي، ولا يزال الجدل قائماً بعد الخبر الذي نقلته وكالة الأنباء البلجيكية قبل أيام، عن اختفاء 10 مليارات يورو من الأموال الليبية في مصارفها. وعلى الرغم من النفي الرسمي البلجيكي له، كشف مسئول ليبي رفيع بالأسماء والأرقام، تفاصيل استيلاء دولة الإمارات على 50 مليار دولار من الأموال الليبية المهربة لديها، لدعم الحراك العسكري للواء المتقاعد خليفة حفتر وحلفائها في ليبيا، وتمويل قاعدتها العسكرية (الخادم)، إضافة إلى تمويل وسيلتين إعلاميتين تبثان من عمان.

وأعرب المسئول الليبي عن اعتقاده بأن “قضية تمويل قاعدة الخروبة، أو الخادم هي ملف غامض”، لافتاً إلى أن “دولاً أخرى غير الإمارات لها دور في السماح بتأسيسها، فهناك ضوء أخضر أمريكي وروسي وأوروبي مرتبط بمصالح هذه الدول لدى الإمارات، كما أن هناك حسابات سياسية على علاقة وثيقة بتأسيس هذه القاعدة” إضافة إلى شراء أسلحة من روسيا وأوكرانيا لدعم عصابات حفتر، وتمكينه من السيطرة على ليبيا على غرار هيمنة عبد الفتاح السيسي على مصر بعد الثورة المضادة في منتصف 2013.