30 يونيو.. ثورة خمس نجوم أم انقلاب في 48 ساعة؟

- ‎فيتقارير

الدكتاتور عادة يسعى إلى إخفاء الحقائق، فلا يسمح بإعلام يخطط للانقلاب عليه، انقلاب 30 يونيو نسف هذه المسلمات والثوابت وكسر جميع القواعد وجاءت مصادمة للمنطق وللواقع، فقد ثبت أن انقلاب “30 يونيو” وعلى غير عادة الانقلابات كان خمس نجوم بامتياز، أطلق عليه زوراً في إعلام العسكر “ثورة” والغريب أنه كان بميعاد مسبق وله استديو تحليلي في جميع الفضائيات الفلولية.

وعلى رأس كل استديو مكيف ومبهرج لقيط وظفته الثورة المضادة يدعو بكل أريحية الشعب للاحتشاد في الميادين ويدعو الرئيس المنتخب محمد مرسي إلى التنحي، ونافس البث المباشر لانقلاب 30 يونيو في فضائيات الفلول حتى البث المباشر لمباريات كرة القدم، واستخدمت فيه تقنية عالية الجودة ومؤثرات صوتية وضوئية شبيهة بتلك المستخدمة في حفلات المشاهير.

ولأول مرة يشاهد العالم في 30 يونيو 2013 ثورة بلا شهداء ولا مصابين، حصيلة انقلاب 30 يونيو كانت حصيلته 100 حالة تحرش و17 حالة اغتصاب في ميدان التحرير، بحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”، فأي ثورة هذه التي لم يُخدش فيها شخص واحد ويجد فيها الثائر وقتا للتحرش؟

ثورة في 48 ساعة!

ولأول مرة يطلق على انقلاب مسمى ثورة، بينما الثورات تقوم ضد الاستبداد وترنو للحرية، فيكون من أهم نتائجه غلق17 قناة فضائية واعتقالات سياسية لأكثر من مائة قيادة سياسية ورموز إعلامية، فهل هناك ثورة تهدف إلى توحيد الصف وحقن الدماء فتكون نتائجها أكثر من مائة قتيل وآلاف الجرحى والمصابين في أسبوعها الأول، ولأول مرة يرى المصريون ثورة تحقق أهدافها بعد 48 ساعة من الاحتشاد في الميادين.

المفارقة أن انقلاب 30 يونيو أعلن عن قيامه قبل شهرين، ولم يُعتقل الداعون إليه ولم يُضيق عليهم، بل فتح لهم التلفزيون الرسمي لممارسة المزيد من الحض على النزول إلى الميادين والتحريض على الاحتشاد، ولأول مرة في التاريخ نرى الشرطة تشارك في ثورة يُدعى أنها قامت ضد القمع والاستبداد.
وشاهد العالم رجال شرطة المخلوع مبارك يشاركون بزيهم الرسمي في المظاهرات بل وحُملوا على الأكتاف في ميدان التحرير، الذي أعيد احتلاله من بلطجية الجيش والشرطة والكنيسة في 30 يونيو 2013، وفي مشهد أخر رأيناهم يوزعون العصير وزجاجات الماء البارد على المتظاهرين، في الوقت الذي كانوا يوزعون الرصاص والخرطوش والغاز المسيل للدموع في ثورة 25 يناير.

عودة مبارك!

والدليل الأكثر دمغاً على أن 30 يونيو كانت انقلابا مكتمل الأركان مع سبق الإصرار والترصد، هو أنه لو كان ثورة كما يزعم إعلام العسكر، كيف يهلل لها ويفرح بها رموز المخلوع مبارك الذين قامت ضدهم ثورة 25 يناير، إلى درجة أن سوزان مبارك زوجة المخلوع ابتهجت وصرحت لقناة سي ان ان بعد الانقلاب على الرئيس مرسي، بالقول: “لقد رُفع عنا الظلم اليوم”.

عشرات الفنانين ممن تلطخت ألسنتهم بدماء ثوار 25 يناير، والمئات منهم كان صامتا لم ينبس ببنت شفة أمام القتل والقنص بل وشاركوا بقوة في انقلاب 30 يونيو والذي كان انقلاب فنانين بامتياز، فلم يتخلف أي واحد منهم وحتى رموز الكرة هم أنفسهم الذين كانوا في ميدان عبد المنعم رياض في آخر أيام مبارك حجوا إلى ميدان التحرير وعلى رأسهم احمد شوبير الذي شوهد محمولا على الأكتاف قائدا لمسيرة متجهة لميدان التحرير قادمة من ميدان مصطفى محمود.

ويوم أراد مؤيدو المخلوع مبارك في الأيام الأخيرة له أن ينظموا مسيرات مؤيدة، لم يجدوا غير الفنانين ولاعبي الكرة، فكان على رأس الفنانين نقيبهم أشرف زكي وعلى رأس رموز الكرة مدرب منتخب مصر حينها حسن شحاتة، وتظاهروا جميعهم لتأييد المخلوع في ميدان عبد المنعم رياض وتوزعوا على الفضائيات ليشتموا الثوار ويمجدوا مبارك ويبكوا عليه، منهم الفنان طلعت زكريا الذي طالب الثوار بترك ميدان التحرير فورا واتهمهم بالدعارة، وسماح أنور التي دعت إلى إحراقهم في ميدان التحرير، وحسن يوسف الذي انخرط في وصلة من البكاء على مبارك ووصف الثوار بعيال الفيس بوك.

في ثورة 25 يناير صبر الجيش على مبارك 18 يومًا كاملا رغم القتل والقمع، أما في انقلاب 30 يونيو فلم يصبر الجيش على الرئيس المنتخب الذي لم يقتل أحدا ولم يقمع أحدا ولم يعتقل احد أكثر من 48 ساعة، بل أقل من ذلك، إذا أخذنا بعين الاعتبار بيان القوات المسلحة في يوم 30 يونيو والذي جاء عشية المظاهرات أن طالب العسكر مرسي بإيجاد حل وإلا سيضطر إلى تبني خارطة طريق يشرف على تنفيذها.

إعلام العسكر

بيان الجيش المستعجل كان تشجيعا للنزول ضد الرئيس المنتخب حتى يكتمل نصاب الانقلاب، وفي ثورة 25 يناير وقف الإعلاميون ضدها وعلى رأسهم عمرو أديب ومنى الشاذلي وعماد الدين أديب ولميس الحديدي ومصطفى بكري ومجدي الجلاد وسيد علي و تامر أمين وخيري رمضان، المفارقة أن هؤلاء هم أنفسهم صاروا الرموز الإعلامية لانقلاب 30 يونيو 2013.

أما قنوات دريم المملوكة لرجل الأعمال أحمد بهجت المدان للبنوك المصرية، والمحور المملوكة لحسن راتب المتهم بالاستيلاء على أراضي الدولة، والحياة المملوكة للسيد البدوي المتهم في قضايا إصدار شيكات بدون رصيد، كلها قنوات مملوكة لرجال أعمال فاسدين موالين لمبارك، جميعها كانت غرف تحريض ضد الثوار في ثورة يناير، ومنها خرجت أكاذيب الثوار الذين اشتريت ذممهم بوجبات الكنتاكي، وأن معظم المتواجدين في ميدان التحرير هم من إيران وحزب الله وحماس، وأن مصر تتعرض لمؤامرة.

نفس هذه المواخير الإعلامية صارت أيقونات لانقلاب 30 يونيو، وانضمت لها قنوات أخرى مملوكة لرجال أعمال مبارك ظهرت بعد الثورة، مثل: قنوات سي بي سي التابعة لرجل الأعمال محمد الأمين، وقناة التحرير المملوكة لرجل الأعمال سليمان عامر الذي حكم القضاء بمصادرة جميع أمواله باعتباره متهما مع وزير الزراعة الأسبق يوسف والي في قضية إهدار ثروة مصر الزراعية، وصدى البلد المملوكة لمحمد أبو العينين أحد قيادات الحزب الوطني المنحل، والنهار لصاحبها وليد مصطفى المحكوم عليه أيضا سابقا في قضايا إصدار شيكات بدون رصيد.