“فلسطين”.. خط الدفاع الأول من حسن البنا إلى محمد مرسي

- ‎فيتقارير

شاءت إرادة الله أن تتزامن ذكرى اغتيال البنا مع اغتيال أحد أبناء دعوته الشهيد الرئيس محمد مرسي، وفي موتهما المتقارب علوّ كبير لليهود، فالحال في 1948 حيث خيانات العرب وصفقة بيع فلسطين والحال في 2020 مشابه تماما لما مضى ولما ينقض، بإعلان لصهاينة والأمريكان صفقة القرن، ولاكتمال المخطط لا بد من التخلص من الرجلين البنا ومرسي، كلٌّ في وقته.

عاش الإمام البنّا، يرحمه الله، بالدعوة وللدعوة، وخاض ملحمة كفاحٍ حافلةٍ في كل الميادين، ودفع حياته شهيدًا – بإذنِ الله – ثمنًا لكفاحه من أجل إعادة الأمة إلى أحضان دينها واستعادة مجد الإسلام والخلافة، وثمنًا لنضاله ضد الاستعمار الصليبي والصهيوني، لكن استشهاده كان بعثًا جديدًا للدعوة، فبلغ مداها الآفاق.

شهادة فلسطيني

"الأمين العام لهيئة علماء فلسطين" الدكتور نواف التكروري قال: إن مسيرة دعم الإخوان لقضية فلسطين التي دفعوا في سبيلها الكثير في الماضي والحاضر.

لافتًا في هذا الشأن إلى الدور البارز الذي قام الإخوان به خلال حرب 1948 ضد الصهاينة، والرعب الذي سبَّبوه للصهاينة بسبب ثباتهم وعزيمتهم وصبرهم على الجهاد، وهو ما ظهر في تصريحات قادة الصهاينة، ورصده كامل الشريف في كتابه القيم في رصد جهاد الإخوان في حرب فلسطين.

وأشار إلى أن اعتقال الإخوان من قلب المعركة وإعادتهم إلى مصر، وحل الجماعة باجتماع أمريكي فرنسي بريطاني، ثم اغتيال الإمام البنا رحمه الله خلال الحرب، ليس بعيدا عما يحدث اليوم بحق الإخوان المسلمين.

فأوضح أن اغتيال الرئيس الشهيد محمد مرسي ليس مستبعدا أن يكون تم عقابا له على دوره في دعم أهل غزة ضد الصهاينة وتهديده بأنه "لن يترك غزة وحدها".

هو نفس ما أصر عليه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، د. محمد بديع، بإظهار دعم الإخوان المستمر لقضية فلسطين وتشديده على أن اعتقال الإخوان جاء لأنهم أهم من كان يقف في وجه مخططات تصفية القضية الفلسطينية.

الدفاع عن فلسطين

وجه الإمام البنا في واحدة من مؤتمرات الحج التي ذهب فيها إلى مكة إلى عدة بنود لمعالجة قضية فلسطين فقال: "لقد علمنا أن الخطب والاحتجاجات لا تجدي ولا تُسمع، وترى الجمعية أن من واجب المؤتمرين أن يعالجوا:

1-مسألة شراء الأرض بفلسطين: إن اليهود يحاربون الفكرة الإسلامية بذهبهم، وإذا تمكنوا من شراء أرض فلسطين صار لهم حق الملكية فقوى مركزهم وزاد عددهم، وبتوالي الأيام تأخذ المسألة شكلاً آخر، وقد نظم اليهود هذه الحركة وجعلوا لها صندوقًا خاصًا يجمعون فيه الاكتتابات لهذه الغاية.

فحبذا لو وفق المؤتمر إلى إيجاد نواة لصندوق مالي إسلامي، أو شركة لشراء أرض فلسطين المستغنى عنها، وتنظيم رأس المال وطريق جمع الاكتتابات وسهوم هذه الشركة.

وأشار إلى أن “الجمعية”، يقصد الإخوان، تكتتب مبدئيًّا في هذه الفكرة بخمسة جنيهات مصرية ترسلها إذا قرر المؤتمر ذلك على أن تتوالى بعدها الاكتتابات.

وأضاف “ولا يضحك حضراتكم هذا التبرع الضئيل فالجمعية تقدر الفكرة، وتعلم أنها تحتاج إلى الآلاف من الجنيهات، ولكنها جرأت على ذلك إظهارًا لشدة الرغبة في إبراز الفكرة من حيز القول إلى حيز العمل.

2-تأليف اللجان في كل البلاد الإسلامية للدفاع عن المقدسات: كذلك تقترح الجمعية أن يعالج المؤتمر موضوع تأسيس لجان فرعية لجمعية رئيسية مركزها القدس أو مكة، وغايتها الدفاع عن المقدسات الإسلامية في كل أنحاء الأرض، وتكون هذه اللجان الفرعية كلها مرتبطة تمام الارتباط بالمركز العام.

محارب للصهيونية

ووفق دراسة نشرها موقع "ويكي إخوان"، فقد نظر حسن البنا لمسألة الأمن القومي منذ نشأة الجماعة، وبالرغم من كونه لا يعتدُّ بالحدود بين الدول العربية والإسلامية والتي صنعها المستعمر لأنها قسمت الدول لشيع وكيانات مختلفة ومتعصبة، إلا أنه مع ذلك اهتمَّ البنا بحدود مصر الشرقية والتي كانت تهددها الأخطار الصهيونية والتي غرست بأيدي المستعمر لتعمل على زيادة الفرقة بين الكيانات الإسلامية، وحذر من خطورة هذا الجسد الغريب الذي زرع بين البلاد الإسلامية، خاصة أنه لم تقتصر الدعاوي الصهيونية الزائفة على فلسطين فقط بل امتدت أطماع الصهيونية لتشمل العديد من الأقطار العربية، فحدود فلسطين كما تريدها الصهيونية هي من النيل إلى الفرات.

وفطن البنا إلى الخطر الذي تمثله الصهيونية على مصر، وأن نجاح المخططات الصهيونية في فلسطين يشكل تهديدًا خطيرًا لمصر ليس فقط على المستوى الأمني بل في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، ولذلك نجد الكثير من الكتابات التي تعبر عن هذا الخطر، ومن الواضح أن هذا الإدراك قد جاء مبكرًا ويتضح ذلك من تواريخ مقالات كتابات الإخوان.

فيذكر حسن البنا قوله: إن فلسطين هى خط الدفاع الأول؛ والضربة الأولى نصف المعركة، فالمجاهدون فيها إنما يدافعون عن مستقبل بلادكم وأنفسكم وذراريكم كما يدفعون عن أنفسهم وبلادهم وذراريهم، وليس قضية فلسطين قضية قطر شرقى ولا قضية الأمة العربية وحدها.

وحذر حسن البنا المصريين بأن عدم مساندة الثورة في فلسطين يعني أنهم سيضطرون إلى أن يدفعوا عن أنفسهم في المستقبل غائلة الخطر اليهودي الصهيوني بعد أن ترسخ قدمه على بعد خطوات من الحدود المصرية وحينئذ لا تنفع الجهود ويصدق علينا المثل القائل (أكلت يوم أكل الثور الأبيض).

خيانة السيسي

وتعد صفقة القرن التي يسارع نظام العسكر بقيادة عبد الفتاح السيسي لانهاء وتصفية القضية الفلسطينية عبر التخلي عن الحقوق الفلسطينية التاريخية بها، كشفها الإخوان وقال الدكتور محمد بديع إن حبس الإخوان وقتلهم في السجون وإبعادهم عن المشهد إنما هو من أجل صفقة القرن التي أعلن السيسي رضاه بها في لقاء جمعه بترامب في واشنطن.

حذر حسن البنا الحكومة المصرية عام 1946 من الأطماع الصهيونية في سيناء وطالب بالإسراع بنقل الجمرك من القنطرة إلى رفح وإقامة منطقة صناعية على الحدود، بالإضافة إلى إنشاء جامعة مصرية عربية بجوار العريش، كما اعتقد الإخوان أن قيام دولة يهودية في فلسطين سيهدد موقف مصر الاقتصادي وسيغرق الأسواق المصرية بالمنتجات اليهودية، هذا بالإضافة إلى سيطرة اليهود المصريين على الحياة الاقتصادية في مصر؛ ما سيؤدي بالتالي إلى أننا "سنفقد استقلالنا الاقتصادي".

ونظر حسن البنا إلى سيناء وتعميرها كخطوة أساسية ومهمة في حفظ الأمن القومي لمصر، وقد سبق كل من تحدث عن الأمن القومي للبلاد فنكتب يحذر الحكومة من تجاهل سيناء وعدم الاهتمام بها فقال: إن سيناء المصرية تبلغ ثلاثة عشر مليونا من الأفدنة أى ضعف مساحة الأرض المنزرعة فى مصر.

وقد كشفت البحوث الفنية في هذه المساحات الواسعة أنواعًا من المعادن والكنوز فوق ما كان يتصور الناس، واكتشف فيها البترول حديثا، ويذهب الخبراء في هذا الفن إلى أنه في الإمكان أن يستنبط من سيناء من البترول أكثر مما يستنبط من آبار العراق الغالية النفيسة، وأرض سيناء في غاية الخصوبة وهي عظيمة القابلية للزراعة.

مضيفا: "وحرام بعد اليوم أن تظن الحكومة أو يتخيل أحد من الشعب أن سيناء برية قاحلة لا نبات فيها ولا ماء فهي فلذة كبد هذا الوطن ومجاله الحيوي ومصدر الخير والبركة والثراء، ونرجو أن يكون ذلك كله بأيدينا لا بأيدي غيرنا".

فتحدث البنا في مؤتمر رؤساء المناطق والشعب ومراكز جهاد الإخوان المسلمين على مستوى القطر المصرى، المنعقد في 2شوال 1364ﻫ- 8 سبتمبر 1945م يقول: "نريد أن نؤمن حدودنا الشرقية بحل قضية فلسطين حلاً يحقق وجهة النظر العربية، ويحول دون تغلب اليهود على مرافق هذه البلاد. نحن نطالب بهذا لأنه تأمين لحدودنا ومصلحة مباشرة لنا".

الإباحية والالحاد

وحذر الإخوان من الخطر الاجتماعي المترتب على قيام الكيان الصهيوني حيث ستلجأ الصهيونية إلى نشر الإباحية والإلحاد وقد عبر البنا عن هذه الأخطار بقوله “أنه لن تقوم في أي دولة صناعة ناجحة ولا تجارة رابحة وستقضي المنافسة الصناعية والتجارية على كل أمل لهذه الأمة العربية والإسلامية في التقدم والنهوض هذا فضلاً عن الفساد الاجتماعي الذي تحمله جراثيم هذه الرؤوس اليهودية الطريدة من كل دولة مما يشيع في هذه المجتمعات الكريمة أسوأ ما في الإباحية والإلحاد والتحلل، وكل خلق فاسد مرذول.

وهو ما يعني تنبه الإخوان للأخطار الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي تهدد العالم العربي والإسلامي من جراء المشروع الصهيوني وقد ركز الإخوان على الخطر الاقتصادي على الشرق الأوسط نتيجة صغر مساحة فلسطين مما سيدفع كبار الممولين اليهود المهاجرين إلى فلسطين إلى محاولة استثمار أموالهم في البلاد العربية المجاورة وتصريف منتجاتهم في دول الشرق الأوسط مما سيؤدي إلى "خراب اقتصاد واضطراب مالي".