ابحث عن الأحكام السياسية.. مخاوف بين القضاة بسبب تدني ترتيب القضاء المصري عالميًا

- ‎فيتقارير

تسود حالة من القلق المشوب بالخوف داخل أروقة القضاة الموالين للنظام العسكري، على خلفية تدني ترتيب القضاء المصري في مؤشر العدالة الدولي الأخير، الذي صدر في يوليو الماضي، حيث تذيّلت مصر قائمة الدول العربية والإفريقية في الترتيب العالمي الذي تصدّرته الدنمارك والدول الأوروبية.

وحلت مصر في المرتبة 110 من مجموع 113 دولة من حيث نزاهة القضاء وسيادة القانون، حسب مؤشر مشروع العدالة العالمية (WJP)، الذي صدر في 20 يوليو 2018م، ويستند في تقييمه إلى 44 مؤشرا، منها: السيطرة على الحكومة، وغياب الفساد، والحقوق الأساسية، والنظام والأمن، والعدالة المدنية، والعدالة الجنائية.

أما الدول التي حلّت بعد مصر وفق المؤشر فجاءت كالآتي: أفغانستان في المرتبة 111، وكمبوديا في المرتبة 112، وفنزويلا في المرتبة 113 والأخيرة. وسبقت مصر دول مثل الكاميرون، وزيمبابوي، وإثيوبيا، وباكستان، وأوغندا، وبوليفيا، وبنغلاديش، وهندوراس، ونيكاراغوا، وكينيا.

هذه المخاوف عبّرت عنها تدوينة نشرها رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق ومحافظ المنوفية والقليوبية الأسبق، عدلي حسين، عبْر حسابه الشخصي على “فيسبوك”، بشأن تدنِّي ترتيب القضاء المصري في “مؤشر العدالة” الدولي. وكتب حسين، نهاية الشهر الماضي: “بشأن ما نُشر من تقارير دولية حول تدني ترتيب القضاء المصري في الاستقلال والنزاهة.. صدقوني إن الأمر جدّ لا هزل، وله أبعاد مستقبلية خطيرة، لعل أخطرها الاتجاه إلى عرض بعض القضايا الوطنية على القضاء الدولي بدلا من عرضها على القضاء الوطني”. في إشارة إلى القضايا السياسية التي يحاكم فيها أنصار الشرعية وثورة 25 يناير.

التدوينة أثارت جدلا واسعا في الوسط القضائي، حيث رد الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة أسامة الشاذلي، قائلا: “هذا البوست على الفيس (فيسبوك) لا يقدم فائدة للقضاء، بل على العكس يقلل من شأن القضاء ويعدم الثقة فيه”. كما عقب القاضي بمحكمة الجنايات جنيدي الوكيل، قائلا: “ما الحكمة من نشر ذلك إلا ليؤدي إلى النيْل من مكانة القضاء، وأنتم على صلة قوية بأعضاء مجلس القضاء، ويمكنكم التواصل معهم دون الحاجة للفيسبوك”.

وعقّب عليهما عدلي حسين، قائلا: “الأمر منشور على الوسائل الإعلامية في أنحاء العالم، وليس سرا، والمقصود أن يعلم الكافة أننا نأخذ الأمر بكل جدية، ولعلي بحكم صلاتي الدولية في هذه المجالات أعرف مدى تأثير ذلك عليهم”.

كما علَّق القاضي بمحكمة الجنايات، جابر الجزار: “كنت أتمنى أن يدور حوار بين القضاة بعد الاطلاع على هذا التقرير وأسبابه، وما إذا كان للجهة مُصْدرته الحق فيه من عدمه، ومعايير هذا التقدير، وترتيب القضاء المصري عندهم من قبل، وهل هناك أسباب حقيقية أدت لهذا الوضع، وإن كان الأمر حقيقيا، ما العمل على تلافي ذلك بإزالة أسبابه مستقبلا”.

وفي وقت سابق من العام الجاري، اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المحاكم المصرية باستصدار أحكام بالإعدام على 1450 شخصا من دون محاكمة عادلة، خصوصا أنهم متهمون بقضايا على خلفية انتمائهم السياسي، ومن دون مراعاة تحقق شروط النزاهة في تلك المحاكمات، ما يثبت فشل مصر في احترام تعهداتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، خصوصا فيما يتعلّق بالإجراءات القانونية الواجبة، وضمانات المحاكمة العادلة.

وفي سياق ذي صلة بالشأن القضائي، وافق مجلس نواب العسكر على زيادة المخصصات المالية للهيئة الوطنية للانتخابات بمبلغ قدره 53 مليون جنيه، ليبلغ إجمالي ميزانية الهيئة 60 مليون جنيه وذلك في الموازنة الحالية 2018/2019م.

وتقررت هذه الزيادة بعدما كانت المخصصات في العام المالي الماضي، الذي أُجريت فيه مسرحية الانتخابات الرئاسية، 7 ملايين جنيه فقط، أي نحو 8 أضعاف. وأن القانون الخاص بإنشاء الهيئة لم ينص على ضرورة الإفصاح عن المخصصات المالية لأي جهة، وألزمت الدولة بتوفير ما تطلبه الهيئة من اعتمادات مالية.