ارتفاع ضحايا “مجزرة الخرطوم” إلى 100.. والثوار و”العسكري” يستعدان للمواجهة

- ‎فيعربي ودولي

تصاعدت الأحداث في السودان بعد مجزرة فض اعتصام الثوار أمام القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم من جانب العسكر الذين يريدون الهيمنة على الحكم بدعم من السعودية والإمارات ونظام السيسي.

وأعلنت قوى المعارضة السودانية رفضها لدعوة المجلس العسكري الانتقالي جميع القوى السودانية للحوار.

وقال القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير، مدني عباس مدني: إن المعارضة لا تقبل دعوة “المجلس العسكري”؛ لأنه ليس مصدرا للثقة ويزرع الخوف في نفوس المواطنين في الشوارع.

ودعا قادة الحركة الاحتجاجيّة في السودان، أنصارهم إلى تنظيم تظاهرات جديدة، رافضين دعوة المجلس العسكري لإجراء انتخابات عامّة.

وعلى المستوى الدولي ندّدت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج بتوجّه المجلس العسكري إلى تنظيم انتخابات، ودعت بدلا من ذلك إلى “انتقال منظّم” للسُلطة نحو حكم مدني.

وأدان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي، أحداث العنف التي وقعت في السودان، وطالب بإجراء تحقيق فوري ومحاسبة المسئولين عنها.

وقال فكي، في بيان له: “أدين بشدة أعمال العنف التي اندلعت في السودان وتسببت في سقوط قتلى وجرحى، أدعو إلى إجراء تحقيق فوري وشفاف من أجل محاسبة جميع المسئولين”.

مواجهة أخرى مرتقبة 100 ضحية

كما تصاعدت حدة الأزمة بشكل غير مسبوق بين المجلس العسكري الانتقالي و”قوى الحرية والتغيير”، على وقع اتهام المعارضة للجيش بفض اعتصامهم، والذي خلف عشرات القتلى والجرحى.

وأكدت لجنة أطباء السودان المركزية، الأربعاء، مقتل 100 شخص بجانب مئات الجرحى جراء قيام الأمن السوداني بفض اعتصام العاصمة الخرطوم قبل يومين وما تلا ذلك من أحداث.

مرفوض أخلاقيًّا

من جانبه استنكر الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني، علي الحاج، سحق المتظاهرين، وقتل وجرح العشرات منهم، أول أمس الاثنين، من قبل قوات تابعة للمجلس العسكري الانتقالي.

وقال الحاج – في فيديو نشرته حسابات الحزب – إنه “مع خواتيم القرآن الكريم وشهر رمضان المبارك، فوجئنا وفجعنا بفض الاعتصام بالقوة، وهذه المسألة من دون شك مدانة، بشتى العبارات، ومسؤول عنها المجلس العسكري، مجمتعين ومنفردين”.

وتابع أن “المفارقة هي أن النقاط التي فجرت الموقف مع النظام والديكتاتور السابق، مثل قانون الطوارئ وفض الاعتصام، قام المجلس العسكري بتكرارها، رغم أنه زعم رفض البشير لهذه النقاط هو ما منح له شرعية إقالته”.

واعتبر الحاج أن ما قام به المجلس العسكري مرفوض أخلاقيا ودينيا، معقبا: “نحن مختلفون مع المعتصمين، لكن اختلافنا سياسي، ولا نرضى استخدام قوة الدولة والعسكر، والشرطة ضد المواطنين”.

وتابع: “نحن نعتبر نفسنا معتصمين في هذا الموقف، لأنه موقف مبدئي، لذا نطلب من المجلس العسكري التوقف عن العنف، وعدم تكراره”.

ودعا الحاج قوى التغيير وجميع التجمعات السودانية المعارضة إلى اجتماع طارئ؛ لمناقشة ما تم خلال الفترة الماضية، وما يجب فعله مستقبلا مشددا على ضرورة تغيير قيادة قوى التغيير المعارضة لخطابها ونهجها السياسي.

وختم أن الاجتماع الذي دعا له يجب أن ينتهي برفع مذكرة إلى المجلس العسكري تؤكد سلمية المتظاهرين.

قرارات جديدة

وكان رئيس المجلس العسكرى السوداني الفريق عبدالفتّاح البرهان، قد أعلن أمس الثلاثاء، أنّ المجلس قرّر إلغاء ما كان قد اتُّفِق عليه سابقًا مع المتظاهرين بشأن انتقال السُلطة في البلاد، وأنّه قرّر أيضًا إجراء انتخابات في غضون 9 أشهر، وذلك غداة مقتل ما لا يقل عن 30 شخصا جراء فض الاعتصام الذي أقامه المتظاهرون أمام القيادة العامة للجيش السودانى في الخرطوم.

وقال البرهان في بيان بثّه التليفزيون الرسمي، فجرا: “قرّر المجلس العسكرى وقف التفاوض مع تحالف قوى إعلان الحرّية والتغيير وإلغاء ما تمّ الاتّفاق عليه، والدّعوة إلى إجراء انتخابات عامّة في فترة لا تتجاوز 9 أشهر”، وأضاف أنّ الانتخابات ستتمّ بإشراف إقليمي ودولي.

وقال رئيس المجلس العسكرى الانتقالي في السودان: «نعلم أنه ليس هنالك أغلى من الأرواح، ولكن الوطن أيضا غال»، داعيا الجميع لإعلاء قيمة الوطن والتسامح وبث الطمأنينة.

وشدد على أن المجلس على عهده منذ البيان الأول بتسليم مقاليد حكم السـودان لمن يرتضيه الشعب، “وهذا ما خرج من أجله الشباب وضحى من أجله المئات”.

وأكّد البرهان أنّ المجلس العسكرى سيأمر بإجراء تحقيق بشأن ما حدث، قائلاً “نعِدكُم بالتحقيق في هذه الأحداث، وندعو النيابة العامة إلى توَلّى ذلك الأمر”.

وتابع أنّ «القوّات المسلّحة والدّعم السّريع والقوّات النظاميّة مسئولة عن أمن وحماية الوطن، وما انحازت إلى هذه الثورة إلّا لِضمان حمايتها وحماية السودان، وليس من أجل أن تحكُم لأنّهُ ليس من حقّها» فعل ذلك. وشدّد على أنّ «السبيل الوحيد إلى حكم السودان، هو صندوق الانتخابات الذي يتحكّم به الشعب السودانى وحده».

وأشار البرهان إلى أنّ «القوى السياسية التي تُحاور المجلس العسكرى» تُحاول «استنساخ نظام شموليّ آخَر يُفرض فيه رأى واحد يفتقر للتوافق والتفويض الشعبى والرضا العام ويضع وحدة السودان وأمنه في خطر حقيقى».

وحمل تلك القوى السياسية مسؤولية إطالة أمد التفاوض بمحاولة إقصاء القوى السياسية والعسكرية والانفراد بحكم السودان. ولفت إلى أنه سيتمّ «تشكيل حكومة تسيير مهام، لتنفيذ مهمّات الفترة الانتقاليّة المتمثّلة في الآتى: محاسبة واجتثاث كلّ رموز النظام السابق المتورّطين بجرائم فساد، التأسيس لسلام مستدام وشامل في مناطق النزاعات المختلفة، تهيئة البيئة المحلّية والإقليميّة والدوليّة لقيام الانتخابات بما يُمكّن الشعب السودانى من اختيار قيادته بكلّ شفافية».

قوات الدعم السريع

وقال نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو، (حميدتي)، اليوم الأربعاء، أن المجلس العسكري لا يسعى للحكم وهو الضامن في الفترة الانتقالية في ظل غياب الحكومة.

ودافع حميدتي عن أداء قوات الدعم السريع التي يترأسها، بعد أن حملتها تقارير عديدة مسؤولية قتل وجرح المئات خلال فض اعتصام القيادة العامة، مؤكدا أن السودان لن ينزلق إلى الفوضى.

واضاف في كلمة بثها التلفزيون السوداني: “لن نسمح بالفوضى ولن نغير قناعاتنا بفرض هيبة الدولة بالقانون” مضيفا “لن نعود للوراء وستظل قوات الدعم السريع بجانب قوات الجيش في حماية السودان من أي فوضى”.

وتابع: “ضبطنا الكثير ممن ينصبون المتاريس في شوارع الخرطوم ونسعى المحرضين والمخططين”.مضيفا أن “على المواطنين التعاون مع الأجهزة النظامية وعدم الالتفات لمحاولات الفوضى”.

اعتقال “عرمان”

وفى سياق تصعيد المجلس العسكرى ضد الثوار وقوى الحرية والتغيير كشقت مصادر سودانية، اليوم الأربعاء، أن قوات أمنية اعتقلت القيادي السوداني المعارض، ونائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان.

وقال المتحدث باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، اليوم، إن قوات الأمن ألقت القبض على نائب الأمين العام للحركة ياسر عرمان الذي عاد للسودان في الأسبوع الماضي

وكان عرمان يقيم في الخارج وحكم عليه بالإعدام غيابيًّا لكنه عاد للبلاد مؤخرًا .

مجلس الأمن

فى سياق متصل فشل مجلس الأمن الدولي فى إصدار بيان بشأن السودان لإدانة مجزرة فض الاعتصام والمطالبة بوقف فوري للعنف في هذا البلد، وذلك بسبب اعتراض من جانب الصين مدعومةً من روسيا .

ووزّعت بريطانيا وألمانيا خلال اجتماع مُغلق للمجلس بيانًا صحفيًا يدعو الحكّام العسكريّين والمتظاهرين في السّودان إلى “مواصلة العمل معًا نحو حلّ توافقي للأزمة الحاليّة”، وفقًا لمسوّدة البيان غير أنّ الصّين اعترضت بشدّة على النصّ المقترح، فيما شدّدت روسيا على ضرورة أن ينتظر المجلس ردًّا من الاتّحاد الإفريقي .

واعتبر نائب السّفير الروسي ديمتري بوليانسكي أنّ النصّ المقترح “غير متوازن”، مشدّدًا على ضرورة “توخّي حذر شديد” حيال الوضع. وقال للصحفيّين بعد الاجتماع الذي دام ساعتين “لا نريد الترويج لبيانٍ غير متوازن. فذلك قد يُفسد الوضع”.

وبعد فشل مجلس الأمن في الاتّفاق، قالت ثماني دول أوروبّية في بيان مشترك إنّها “تدين الهجمات العنيفة في السّودان من جانب أجهزة الأمن السودانية ضدّ المدنيّين”.

وقالت كُلّ من بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وهولندا والسّويد إنّ “الإعلان الأحادي” الصّادر عن المجلس العسكري “بوَقف المفاوضات وتشكيل حكومة والدّعوة إلى إجراء انتخابات في غضون فترة زمنيّة قصيرة جدًا، هو أمر يُثير قلقًا كبيرًا”.

ودعا البيان الأوروبي ” إلى نقلٍ مُتّفقٍ عليه للسُلطة إلى حكومة يقودها مدنّيون، كما طالب الشعب السوداني”.

كان مجلس الأمن قد اجتمع بناءً على طلب بريطانيا وألمانيا، للاستماع إلى إحاطة قدّمها مبعوث الأمم المتّحدة نيكولاس هايسوم الذي يعمل مع الاتّحاد الإفريقي لحلّ الأزمة بالسّودان.