اعتقال الأجانب.. هل يحول السيسي مصر إلى بيونج يانج الثانية؟

- ‎فيتقارير

كان الناس قبل تصالح الكوريتين يحذرون بعضهم من السفر إلى كوريا الشمالية ، لانعدام القانون وسهولة الاعتقال لأتفه الأسباب ولربما بدون أسباب أيضا، وكان المثل السائد عالميا الداخل بيونج يانج مفقود والخارج منها مولود، واليوم وبعد التغيرات التي أجراها الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج، أضحت كوريا الشمالية تستقبل وفود السياح الغربيين وأطلق علي بيونج يانج مدينة الشمس، فمن الدولة التي ارتدت عباءة التخويف وأصبح السفر إليها محفوفا بالمخاطر؟

إنها مصر بلا أدني تفكير، التي تراجعت على مؤشر الدول التي تتمتع بالأمن والأمان، وتقدمت على مؤشر الدول الأكثر انتهاكا للقانون واعتقال الأجانب، وفي التفاصيل قال والد الشاب الألماني المحتجز في مصر، محمد الصباغ، إنه سوف يسافر إلى القاهرة، من أجل متابعة قضية ابنه المحتجز لدى سلطات الانقلاب منذ 17 ديسمبر الماضي.

وقبل ذلك، رحّلت سلطات الانقلاب الجمعة الألماني من أصل مصري محمود عبد العزيز (24 عاما)، الذي قالت برلين إنه كان محتجزا في القاهرة، وأوضحت “نظرا لعدم ارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها قانونا وتنازله عن الجنسية المصرية، فقد تم ترحيله إلى دولة الجنسية الخاصة به (ألمانيا)، وذلك بالتنسيق مع السفارة الألمانية”.

تدمير ممنهج

وزعمت سلطات الانقلاب أنها تجري تحقيقات مع الصباغ (18 عاما)، بعد إلقاء القبض عليه “وبحوزته خرائط سياحية لمحافظة شمال سيناء”، وبشأن الخطوات التي يعتزم اتخاذها فور وصوله القاهرة، أكد أنه سيطلب من السفارة الألمانية بالقاهرة مساعدته في الحصول على زيارة لرؤية ابنه المحتجز، الذي لم يتمكن أحد من رؤيته حتى الآن.

وكان الصباغ أعرب، أنه يخشى على ابنه من تعرضه للتعذيب من أجل انتزاع اعترافات غير حقيقية، خاصة في ظل تعنت سلطات الانقلاب في الكشف عن مكان وظروف احتجازه، وبشأن الوسائل القانونية التي سوف يلجأ إليها، قال: “أخي يعمل محاميا، وسوف أستعين بمحامي السفارة أيضا؛ من أجل الكشف عن ملابسات احتجازه، والمساعدة في رؤيته، والاطمئنان عليه”.

وأكد الصباغ أن ابنه “شاب صغير في مقتبل العمر، في مرحلة الثانوية، ولا يمكن أن يكون قد تورط في أي عمل غير قانوني، خاصة أنها المرة الأولى التي يسافر فيها منفردا إلى مصر، وليست لديه أي نوايا سيئة”، واختفى الصباغ فور قدومه إلى مصر عن طريق مطار الأقصر الدولي، في 17 ديسمبر الماضي، بينما اختفى مواطنه الثاني محمود عبد العزيز في أثناء قدومه إلى مصر عن طريق مطار القاهرة، في 27 من الشهر ذاته، قبل أن تفرج عنه سلطات الانقلاب في وقت لاحق، الجمعة، منكرا جميع التهم التي وجهت له.

ويقوم السفيه السيسي بتدمير مصر بشكل منهجي ومتواصل، منذ تنفيذ انقلابه في الثالث من يوليو 2013، وأدخل مصر في دوامة من العنف وعدم الاستقرار والانهيار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وهو يدفع باتجاه انهيار الدولة المصرية، فخزينة الدولة مفلسة، والأعمال تكاد تكون متوقفة، والقطاع السياحي يعاني من الشلل، ولا يعمل في البلد إلا القبضة الأمنية للجيش وقوات الأمن المركزي والمخابرات والبلطجية.

أحلك الفترات

ورصدت دراسة لمعهد كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط أعدتها الباحثة ميشيل دنّ، أن المصريين عانوا بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، من أشدّ التجاوزات في تاريخهم الحديث في مجال حقوق الإنسان، وأن مصر أصبحت أكثر عنفاً وعدم استقرار مما كانت عليه على مدى عقود طويلة، وأن عصابة العسكر تمارس قمعا يثير دورة متصاعدة من العنف السياسي.

وقدرت الدراسة ارتفاع عدد القتلى والتصفيات خارج القانون التي يقوم بها الانقلاب، وارتفاع أعداد المعتقلين إلى ما يفوق المائة ألف معتقل، تتصدرهم جماعة الإخوان المسلمين، بينما تستمر أعمال القتل والتهجير التي يقوم بها الجيش والشرطة المصرية في شبه جزيرة سيناء، وتساندهم طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وخلصت الدراسة في قراءتها لمستقبل الأحداث، بالإشارة إلى أنه منذ العام 1952، لم تشهد مصر نظاماً أكثر قمعاً من النظام الحالي، وأشارت كارينجي إلى الأدلة والمؤشرات تبين أن مصر لا تسير في اتجاه التهدئة، بل نحو المزيد من العنف، وأكدت أن مصر تحتاج إلى مسار مختلف.

وفي ظل عدم وجود إستراتيجية اقتصادية وسياسية وحقوقية شاملة تحلّ محلّ القمع الوحشي لأن استمرار دورة الاحتجاج والقمع والانتقام يمثّل نتيجة أكثر احتمالاً من تحقيق الاستقرار، باختصار شديد فإن أعداد القتلى والجرحى والمعتقلين في عهد السفيه السيسي تجاوزت “أحلك الفترات” التي مرت بها مصر في عهد أبو الانقلاب الفاشي عبد الناصر والسادات ومبارك، وهي خلاصة تحليل محايد لا يميل إلى أي طرف من الأطراف.

ويضاف إلى ذلك بالطبع استسهال العسكر ارتكاب المجازر، وحرق جثث القتلى وجرفها بالجرافات، وقتل السجناء الغازات السامة، وحرق المساجد واقتحامها، واقتحام الجامعات وقتل الطلاب في داخلها واعتقالهم، وتكميم الأفواه وإغلاق المحطات التلفزيونية المعارضة، والسيطرة على الإعلام بشكل كامل.

وتحطيم القضاء وإصدار أحكام إعدام بالجملة مثل الحكم بإعدام 529 مصريا في 20 دقيقة، وتهجير آلاف المصريين وتدمير الاقتصاد المصري، وتوقف الأعمال وانهيار قطاع السياحي، وإفلاس خزينة الدولة، وخسائر البورصة الضخمة، وتردي الخدمات الأساسية وانقطاع الكهرباء، وعدم توفر الغاز والمحروقات، وقسم المجتمع إلى قسمين متناحرين على قاعدة “أنتم شعب ونحن شعب.. لكم رب ولنا رب”.