حمّل العسكر مسئولية المجازر.. حسن الشافعي كلمة حق ضد انقلاب ظالم

- ‎فيأخبار

في أعقاب الانقلاب الدموي الذي ظهرت معالمه مبكرا جدا، بدت أجواء الريبة من أشخاص ومواقف إلى أن ظهرت أحوالهم فكانوا بين المتربصين والخانعين والخائفين والرافضين، ومن هؤلاء الرافضين من إذا تمكنوا من رصد مؤشرات إجرام العسكر وتعاظم كيدهم للشعب هبوا ليعلنوا براءتهم من الدماء والأشلاء.

الدكتور حسن الشافعي نائب شيخ الأزهر السابق، رئيس مجمع اللغة العربية وعضو مجمع البحوث الإسلامية، خرج في 8 يوليو 2013 على شاشة الجزيرة التي حظرتها سلطات الإنقلاب وشوهت صورتها ومن يطل على المصريين من مربعها، ليعلن رفضه لمجزرة الحرس الجمهوري الأولى التي شنعت سلطات الانقلاب على المعتصمين حول النادي العسكري واتهمتهم بالإرهاب فرفض الاتهامات وحرم الدماء وكشف الكمائن.

موقف الشافعي كان بياضا لمحه د. سلمان بن فهد العودة، المعتقل الآن بسجون المجرم محمد بن سلمان، فكان مباشرا في تأييده فكتب “بيض الله وجه الرجل العظيم حسن الشافعي.. قد قضى ما عليه وقال قولاً فصلاً.. وأدعوه إلى القيام بمبادرة تكسر الانسداد وتفتح الطريق”.

30 يونيو انقلاب

ما قاله د. حسن الشافعي، الاثنين 8 يوليو 2013 إن ما حدث في 30 يونيو هو انقلاب عسكري مكتمل الأركان.

وأضاف الشافعي، في بيان له، أن المؤامرة الانقلابية مدبرة بدقة وإحكام قبلها بثلاثون ساعة، بل ومن بدء رئاسة الدكتور مرسى. مشددا على ضرورة عودة القنوات الإسلامية التي أغلقت فورا، بالإضافة إلى الإفراج عن المعتقلين والمحتجزين وعلى رأسهم د. محمد مرسي.

وقال الشافعي: “ارفض أن أكون عضوا في لجنة المصالحة بعد أن سالت دماء إخواني وكيف أطلب منهم الرجوع من الميادين بعد كل هؤلاء القتلى أثناء صلاة الفجر”. مهاجما العسكر قائلا: “أنتم انتهازيين لا تريدون إلا السلطة والأسلحة التي كانت موجودة في القنوات الإسلامية أسلحه فكرية وهذا ما تخافونه.. لن تستمر قوى البغي والعدوان أن تفرض الخوف في قلوب المواطنين بعد أن ذاقوا طعم الحرية في عهد د. مرسي”.

وأضاف: “على المواطنين أن يصبروا حتى لو اعتبرتم هذا تحريضا .. والضغط على الإسلاميين لن يدخلهم تحت الأرض .. وثوره 25 يناير لن تنسخ ولا تستبدل فهي قائمة دائمة في قلوب المصريين ومن يخرج عليها فاسدون مضللون وعار على الثوار أن يضعوا أيديهم في يد الرموز الفاسدة وإلا فهو يقامر بمستقبله. أعرف الفرق بين التدين الصحيح والإرهاب والمسلمون الآن في مصر ليسوا إرهابيين”.

وخاطب الجنود بقوله: “لا أرضى لجنود مصر أن تتورط في السياسة وعليها أن تسارع لحماية الوطن فقط، ولن نيأس من روح الله”. وعبر عن رفضه أن يظل د. مرسى الرئيس المنتخب حبيسا ويجب عودته لأبنائه.

وهاجم العالم د.حسن الشافعي أذرع السيسي قائلا: “الإعلام العميل يروج لشائعات بأن المتظاهرين حاولوا اقتحام مقر الحرس الجمهوري وقد وصلتني الحقيقة من أكثر من 10 رجال بكذب هذه الادعاءات” وتساءل قائلاً: “أين حماية المتظاهرين كما حميتم المعارضين من قبل؟ اللهم إن هذا منكر لا يرضيك سنقاطعكم حتى تعودوا إلى رشدكم ولن تكمموا أفواهنا وسنقول لا وافعلوا لنا ما تشاءون”.

انفراد في المنصة

وأدان الشافعي، أحداث مذبحة المنصة في 27 يوليو 2013، وجاء في بيان تداوله رواد مواقع التواصل وبث عبر الشاشات: “يا عباد الله 4000 جريح و 100 قتيل في ساعة واحدة وفي معركة ليست تدور مع الصهاينة الذين اغتصبوا الأرض المقدسة بل مع مصريين مسلمين عزل، وأناشد الشرفاء في كل أنحاء العالم الذين لا ترتاح ضمائرهم الإنسانية إزاء المجازر المتكررة عند الحرس الجمهوري وعند منصة السادات وحول مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية”.

وقال الشافعي في التسجيل المذاع: “متى يتوقف القتل الجماعي الانتقامي بلا ضرورة”، ونقل الشيخ شهادة طبيب في المستشفى الميداني، بأنهم يطلقون النيران علي الرؤوس مباشرة، وإن كانوا يريدون رؤية دماء فليضربوا في الأقدام.. لماذا يصطادون الرؤوس؟”. وأكد أنه لم يشهد مثل هذه المجازر من قبل رغم طعنه في السن، ويبرأ من فعل هؤلاء.

بيان أغسطس

و في 14 أغسطس 2013 تلا الشافعي بيانًا حادًّا أذاعته الفضائيات المصرية، في أعقاب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة أنهاه بقوله: “اللهم إني أبرأ إليك مما حدث، وأستنكره من كل قلبي .. وأسأل الله لبني وطني العقل والحكمة، وأدعوهم إلى التوبة، وكلُّ الحَول والطَّول والقوة بيد الله رب العالمين”.

وقال المراقبون إن الشافعي لم يسمح لعلاقته بشيخ الأزهر أن تحول بينه وبين الصدع بكلمة الحق وبيان الحكم الشرعي الصحيح لما يجري من إجرام وظلم.. واعتبره البعض شيخ الأزهر الحقيقي الذي يعبر عن موقف الأزهر المجاهد الذي قاد الجماهير للتحرر والاستقلال على مر التاريخ!
والدكتور حسن الشافعى، عضو هيئة كبار العلماء، كان أحد أبرز الشخصيات القوية داخل الأزهر الشريف، وتجمعه علاقة قوية بالدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.

بيان الشافعى تسبب فى حالة هجوم كبيرة على الأزهر، الأمر الذى دفع الشافعى للاستقالة من منصبه كمستشار لشيخ الأزهر لرفع الحرج عن الطيب، غير أن الاستقالة لم تؤثر على موقعه كرئيس لمجمع اللغة العربية أو عضوية هيئة كبار العلماء.

بل تعرض لقمع الانقلاب عندما فصله رئيس جامعة القاهرة جابر نصار وأوقف راتبه بادعاء تقاضيه راتبا عن مجمع اللغة العربية، فضلا عن اهانته بمطار  القاهرة بإيعاز من السيسي له ولزوجته أثناء رحلة علاجها.

مسيرة عالم

ولد الدكتور حسن الشافعي سنة 1930م ، وحفظ القرآن الكريم صغيرا، والتحق بمعهد القاهرة الديني الأزهري، وبرز وهو طالب بين زملائه، فكانت شخصيته تقدمه إلى الصفوف العالية، ثم تقدمه كذلك على كثير ممن هم في مثل سنه، وعلى من هم أكبر منه سنًّا أحيانًا.

وكان، وهو طالب بالمعهد الديني يتردد على المركز العام للإخوان المسلمين بالحلمية لحضور درس الثلاثاء للأستاذ حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين، وتأثر به كثيرا، وترك بصماته في فكره وسلوكه.

ولكنه ترك الإخوان مبكرا أيضا، ونذر نفسه للدفاع عن الحق أيا كان، ونُشر للشيخ حسن الشافعي مؤخرا كتاب بعنوان “شهادة أزهري معاصر على مسار التحوّل الديمقراطي في مصر” يروي فيه شهادته على أحداث ثورة يناير وما اضطلع به من أدوار من خلال مشيخة الأزهر والجمعية التأسيسية، وحديثه عن هذا التحول الحضاري في الندوات والمحاضرات في الداخل والخارج.