هل بدأت معركة “تكسير العظام” بين العسكر والثوار في السودان؟

- ‎فيسوشيال

أسئلة السلطة تقاسمها وانتقالها تؤرق السودان، إنها تعقيدات المشهد السياسي منذ عزل الرئيس البشير وتولي العسكريين الحكم، لا يزال ثمة من يخشى أن يلتف هؤلاء على مطالب الشعب، فمفاوضاتهم مع قوى الحرية والتغيير لم تبلغ بعد اتفاقًا نهائيًّا على ترتيبات المرحلة الانتقالية، بل شيئًا فشيئًا أخذ منطق التفاوض والتوافق يتراجع لمصلحة التوتر والتصعيد.

وبحسب تقرير بثته قناة “الجزيرة”، طفت الخلافات سريعًا إلى السطح ومعها الاتهامات المتبادلة، بل التشكيك في النيات، حتى لغة المجلس العسكري بدأت تتغير، نلمس حدتها مثلا في قول نائب رئيس المجلس الانتقالي محمد حمدان “حميدتي”: إنه ليس ثمة من يحظى بقاعدة شعبية أكثر من المجلس العسكري، وتتضح أكثر في محاولته شيطنة قوى الحرية والتغيير، فقد ألمح إلى أنها لا تمثل مكونات الشعب كافة، وأنها تتلقى أموالًا من الخارج.

كما اتهمها بمحاولة الانفراد بالمجلس السيادي، وبأنها لا تبحث عن شركاء لها، وإنما عن مشاركة رمزية في الحكومة الانتقالية.

أما قوى الحرية والتغيير فلا تزال مصرة على غلبة الطابع المدني على المجلس السيادي المقترح، بوصفه واجهة الدولة في المرحلة الانتقالية، وليست أقل تمسكًا برأيها القائل إن المجلس العسكري الحاكم إنما أصبح قيادة سياسية لا مجلسًا انتقاليًّا، وذلك ما قد يفسر تحذيرها المجلس العسكري من مغبة اتخاذ أي خطوة في اتجاه تشكيل حكومة بصورة منفردة أو إجراء انتخابات مبكرة.

تلك من خيارات الجيش، أما خيارات قوى الحرية والتغيير فهي أن السلميَّ من وسائل الاحتجاج قد يصل إلى عصيان مدني مفتوح يشل مفاصل الحياة في حال تعذر بلوغ اتفاق نهائي ينظم المرحلة، لكن الآن لا بأس بممارسة الضغط من خلال إضراب عام لتسريع إجراءات نقل السلطة إلى المدنيين وعودة الجيش إلى ثكناته.

صحيح أن الخطوة لن تعدم معارضين لها حتى بين الثوار أنفسهم، ناهيك عن المجلس العسكري الذي يصفها بتصعيد يضر بالعملية التفاوضية، لكن الإضراب فعلًا شلّ أرجاء واسعة من السودان، مصحوبًا بوقفات احتجاجية لمضربين خارج مقار عملهم.

شمل الإضراب، منذ ساعاته الأولى، قطاعات مهنية عدة عامة وخاصة، منها القطاعات الصحية والهندسية والملاحة الجوية والنقل العام والسكك الحديد والمياه والكهرباء والبنوك والمصانع وشركات الاتصال، كما توقفت تمامًا خدمات الميناء البري جنوب الخرطوم.

بعين الرضا تنظر قيادات في المعارضة السودانية إلى الاستجابة الفعلية للإضراب العام في يومه الأول، تقول إن ذلك نجح في نقل رسالتين إلى المجلس العسكري: الأولى حجم التأييد الذي تحظى به قوى الحرية والتغيير بين مكونات الشعب كافة، والثانية إصرار السودانيين غير القابل للمساومة على نقل الحكم إلى سلطة مدنية.