عصابة الخليج وانقلاب السودان.. حياد أم انحياز؟

- ‎فيتقارير

مثل الضباع تنتظر عصابة الخليج (السعودية والإمارات والبحرين) الفرصة لتنقضّ على أحلام وطموحات أي شعب عربي يتسرب إلى رئتيه هواء السيادة والكرامة والانعتاق من العبودية، وأعلن الأشرار الثلاثة داخل عصابة الخليج عن دعمهم لخطوات المجلس العسكري الانتقالي في السودان‎، لأول مرة بعد إطاحة الجيش بالمخلوع عمر البشير.

وأمس السبت، أعلن الرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، عن أنه سيتم تشكيل مجلس عسكري لتمثيل سيادة الدولة، وحكومة مدنية يتفق عليها الجميع، خلال مرحلة انتقالية تمتد عامين كحد أقصى، وهو ما رفضه الشارع السوداني وتخشى عصابة الخليج من أن استمرار الاحتجاجات هناك سوف يضعف قبضة المجلس العسكري على السلطة.

وأعلنت الرياض، العضو الأكبر والأكثر ثراء في عصابة الخليج، عن “دعمها للخطوات التي أعلنها المجلس العسكري الانتقالي، والوقوف إلى جانب الشعب السوداني”، وأشارت إلى أن العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وجَّه بتقديم حزمة من الرشاوى التي سبق وأن قدمها لجنرال إسرائيل السفيه السيسي، في مصر، تحت غطاء المساعدات الإنسانية إلى السودان، تشمل أدوية ومشتقات بترولية وقمحًا.

الشعب يرفض الانقلاب

فيما قالت الإمارات، العضو الثاني في عصابة الخليج، إنها “تدعم وتؤيد الخطوات التي أعلنها المجلس العسكري الانتقالي في السودان للمحافظة على الأرواح والممتلكات، والوقوف إلى جانب الشعب السوداني”، ووجَّه رئيس الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بالتواصل مع المجلس العسكري الانتقالي، لبحث مجالات المساعدة للشعب السوداني.

أما العضو الثالث بالعصابة الأقل وزنًا والتابع المطيع للرياض ملك البحرين، فقد أعلن عن تضامن بلاده مع الشعب السوداني ووقوفه إلى جانب “قرارات المجلس العسكري الانتقالي”، ويأتي موقف عصابة الخليج، في ظل رفض المعارضة السودانية انقلاب المجلس العسكري، حيث طالبت “قوى إعلان الحرية والتغيير”، بحكومة انتقالية مدنية تدير المرحلة الانتقالية وتنفّذ المهام الانتقالية، بالإضافة إلى اعتقال والتحفظ على كل قيادات جهاز الأمن والاستخبارات التي أعطت الأوامر على مدى 30 سنة، على أن يقدَّموا إلى محاكمات عادلة وفقاً للدستور.

وواصل آلاف السودانيين، لليوم الثاني على التوالي، الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش، لـ”الحفاظ على مكتسبات الثورة”، في ظل مخاوف من أن يلتف عليها الجيش كما حدث في مصر، وأعلنت قيادة الجيش السوداني، الخميس الماضي، عن عزل البشير واعتقاله، تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت في 19 ديسمبر الماضي؛ تنديدًا بالغلاء ثم طالبت بإسقاط النظام الذي يحكم منذ ثلاثين عامًا.

وتعترف السعودية، التي فشلت حتى الآن في حسم المعارك التي دخلت عامها الخامس في اليمن، بنجاعة دور القوات السودانية في مقاومة الحوثيين، وتخشى في حال وجود نظام سوداني مدني منتخب أن يكون القرار الأول له سحب القوات من اليمن.

وهو ما سيضع التحالف الذي تقوده الرياض في مأزق سياسي وعسكري لصالح الحوثيين، الذين يُسيطرون منذ عام 2015 على 10 محافظات كاملة، والذين أصبحوا اليوم طرفًا أساسيًا في المفاوضات نظرًا للصمود العسكري الذي أظهروه، وهو ما قد يتسبب في قلب الطاولة لصالحهم، حال سقط انقلاب العسكر في السودان الذي يعرقل بقواته البرية،  انتصاراتهم.

السودان واليمن

خمس سنوات مضت على العملية العسكرية التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن، بدأت بالتآمر على الثورة وانتهت بمواجهة الحوثيين، والتي خلفت آلاف القتلى وأضعافهم من الجرحى والمشردين، وبينما الرئيس عبد ربه هادي يمارس مهامه الرسمية من الرياض، ولا يزال الحوثيون يسيطرون على صنعاء وعشرات القتلى يسقطون بشكل يومي من الطرفين دون حسم للمعركة حتى الآن.

هذا الوضع الكارثي الذي يعيشه اليمنيون، بات جزءًا من معاناة أكبر تعاني منها قوات عصابة الخليج الإماراتية والسعودية المشاركة فيما يعرف بعاصفة الحزم، والتي لجأت إلى الرئيس السوداني المخلوع البشير من أجل المشاركة في المعركة التي ما زالت رحاها تدور.

فمنذ نحو 3 أعوام شارك السودان بأمر من الرئيس البشير بعدد لا بأس به من قوات الدفاع الشعبي والتي ولاؤها للبشير نفسه وليس السودان، في المعركة اليمنية، بوعود من جانب أبو ظبي والرياض بتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي المطلوب للبشير داخليًّا وخارجيًّا مقابل حسم الحرب مع الحوثيين.

أيضًا عصابة الخليج لديها حساسية مفرطة من أي سقوط قد يحدث على مستوى جنرالات العسكر في الدول العربية خوفًا من انتقال عدوى التغيير لها، مثلما اعتبرت أن الربيع العربي سيطال الأنظمة الخليجية، وتمكنت حتى الآن في دعم الثورات المضادة في مصر وليبيا واليمن، وما زالت تحاول في تونس.

جدير بالذكر أن كلا من السعودية والإمارات اتخذتا قرارا بدعم الرئيس المخلوع عمر البشير، قبل الانقلاب الذي نفذه وزير الدفاع عوض بن عوف، وذلك بمشتقات نفطية مجانية لمدة عام، وعلم وقتها أن المنحة الإماراتية السعودية ستكون رسميا في شكل “قروض ميسرة”، وهدفها تقليل الاحتجاجات الشعبية التي تنادي بتنحي “البشير” وإسقاط نظامه.

وفي الكواليس جاء الدعم النفطي السخي مكافأة للبشير وقتها على زيارته لـ”بشار الأسد”، كأول رئيس عربي يلتقي السفاح السوري قاتل شعبه بعد الثورة وما تبعها من حرب خلفت مئات الآلاف من الشهداء والجرحى، وكان يعتقد قبل سقوط البشير أن المنحة النفطية التي قدمتها عصابة الخليج ستكفي كل حاجات السودان، إلا أن شبكة الفساد التي يديرها جنرالات الجيش السوداني ابتلعت الجزء الأكبر.