فى يومها العالمي.. المرأة المصرية “أم شهيد أو فتاة مختفية قسريًا أو زوجة معتقل”

- ‎فيتقارير

شن عبد الفتاح السيسي، منذ الانقلاب العسكري فى يوليو 2013، حربًا شعواء من أجل تصفية معارضيه، ساعده في الترويج لها كتيبة من الإعلاميين والسياسيين ونفّذها ميدانيًا رجال الشرطة والجيش.

ولم تسلم النساء والفتيات من بطش السيسي ونظامه، حيث استشهدت العشرات برصاص السيسي واعتقلت المئات، وتعرضت أخريات للاختفاء القسري والاغتصاب.

وكشف شهود عيان عن أن السجينات يتعرضن للإهانة الجسدية والجنسية داخل المعتقلات، بجانب حرمانهن من الزيارات ومنع دخول الطعام أو الأدوية الخاصة بهن إلى داخل السجن، وحبسهن في أماكن قذرة.

ويحل غدا 8 مارس، اليوم العالمي للمرأة والذى يحتفل به العالم بتكريم النساء، فيما تحتفي به “مصر الانقلاب” بالانتهاكات وأحكام الإعدام، حيث تقبع عشرات النساء خلف القضبان، منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013.

إحصائيات

كانت “حركة نساء ضد الانقلاب” قد أصدرت تقريرًا، تضمن إحصائيات منذ الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي إلى أواخر شهر فبراير من العام الماضي 2018، توثق مقتل 320 ناشطة خلال أحداث الانقلاب.

وأكد التقرير الذي أنجزته الحركة، أن نظام السيسي أصدر أحكام إعدام بحق 5 مصريات، وبلغ عدد المعتقلات حوالي 45 سيدة.

وكشفت الحركة، عبر صفحاتها الرسمية مؤخرًا على موقعي التواصل الاجتماعي “تويتر” ”وفيسبوك”، عن أن نساء مصر تعرضن منذ انقلاب السيسي إلى أبشع الانتهاكات المتمثلة في الضرب والسحل والسجن لمجرد تعبيرهن على آرائهن، مضيفة أن العشرات من المصريات قتلن خلال مظاهرات سلمية وتعرضت أخريات للاختفاء القسري. وبيّن التقرير أن عدد القاصرات المعتقلات بلغ حوالي 75 فتاة، إضافة إلى 522 فتاةً وسيدةً فوق 18 سنة.

ومن جهته أكد مركز “الشهاب”، في بيان سابق له، أنه وفقًا لإحصاءات حقوقية، تم قتل ما لا يقل عن 120 سيدة وفتاة، وحبس ما لا يقل عن 2000 سيدة وفتاة بأحكام مدنية وأخرى عسكرية، مشيرا إلى أن سيدة وفتاة صدرت بحقهما أحكام بالإعدام في قضايا ذات طابع سياسي.

وأوضح أنه ما زالت هناك سيدات وفتيات رهن السجن لأنهن عبّرن عن آرائهن، وتعرضت المئات من الفتيات والسيدات للقبض عليهن بطرق مهينة، والمطاردات والمداهمات لمنازلهن، والتهديد المباشر لهن بسبب آرائهن المعارضة للنظام.

بكاء التماسيح

يشار إلى أن المنقلب السيسي كان قد ذرف الدموع فى مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، وظهر وهو يبكي على الهواء مباشرة خلال كلمة الناشطة العراقية “الإيزيدية” لمياء حجي بشار، وفى المقابل فإن “سمية ماهر حزيمة” فتاة مصرية تعمل كيميائية بمعمل تحاليل بمحافظة القليوبية، مثلها مثل الفتاة “الإيزيدية” التي ذرف السيسي عليها الدموع، تحب الحياة وتطمح أن تعيش بحرية وكرامة، لكن سمية تعرضت للاختفاء القسري على يد قوات الأمن حتى الآن، ومن حينها لا يعرف أهلها ولا زوجها عنها شيئًا حتى وقت اعتقالها.

ومن جملة انتهاكات العسكر للمرأة المصرية فى يومها العالمي ما يلى:

3 أحكام إعدام (لم تنفذ)، 11 حالة إخفاء قسري، 20 حالة اغتصاب، 23 محاكمة عسكرية، 31 حالة رهن الاعتقال، 131 حالة قتل، 2135 امرأة تعرضن للاعتقال.

خريطة التحرش

وفى نفس السياق، أفردت صحيفة” البايس” الإسبانية تقريرًا، تحدثت فيه عن النساء المصريات اللاتي رفعن أصواتهن احتجاجًا على التحرش الجنسي، وذلك في إطار وسم “أنا كمان”، الذي يعكس انتشار هذه الظاهرة.

وقالت الصحيفة، إنه منذ سنة 2010، يعمل فريق “خريطة التحرش” كمنبر للتنديد بعمليات الاعتداء التي تعاني منها النساء بشكل يومي في مدن مثل القاهرة والإسكندرية. وفي هذا الإطار، ظهرت العديد من الحركات ضد ظاهرة التحرش الجنسي، على غرار حركة “تايمز آب”، التي تنادي بضرورة وقف العنف ضد النساء، سواء الجنسي أو الجسدي أو اللفظي.

وعن الوضع فى مصر منذ الانقلاب العسكري، كشفت “خديجة”، نجلة المهندس خيرت الشاطر، عن تصرف أقل ما يوصف به أنه مهين، تقوم به الأجهزة الأمنية مع بنات وزوجات المعتقلين.

وقالت خديجة، فى منشور لها عبر فيسبوك: إن المفتشات الأمنيات بسجون طره، طلبن من بعض الفتيات “خلع ملابسهن الداخلية” لتفتيش الفوط الصحية، والتأكد من خلوها من أي رسائل أو شيء يصل إلى السجناء والمعتقلين.

رواية خديجة الشاطر أكدها بعض الحقوقيين، بينهم الناشط الحقوقي أحمد مفرح، وهو ما يعكس الانتهاكات التي ترتكبها أجهزة السيسي الأمنية مع بنات المعارضين.

مكاسب وهمية

يتفاخر “عبد الفتاح السيسي” بأنه حقق للمرأة مكاسب سياسية، من بينها تعيين أول محافظة في مصر، فضلا عن تعيين 4 سيدات في حقائب وزارية، لكن في المقابل يتجاهل السيسي واقع المرأة الذي بات صعبًا في عهده إلى حد كبير.

مراقبون اتهموا السيسي بأنه يستخدم المرأة كستار سياسي للتغطية على كثير من تجاوزات نظامه، مؤكدين أن واقع المرأة في عهده ازداد سوءا عما كان عليه في عهد “مبارك”، وأن تصريحاته بشأن المرأة مجرد ديكور تجميلي.

التقارير الدولية المتعلقة بشأن المرأة في مصر، تكشف التناقضات بين تصريحات السيسي، وبين تصرفات نظامه، فالمرأة التي يحتفي بها السيسي صنفت القاهرة في عهده بأنها أخطر مدن العالم على النساء، وفق استطلاع رأي أجرته مؤسسة “طومسون رويترز”، وكشفت فيه أن المرأة في القاهرة تعاني ترديا واضحا في كل شيء.

فمستويات التحرش الجنسي ارتفعت عن ذي قبل بنسب غير معقولة، وكذلك التردي في الخدمات الصحية والتأمينية المقدمة للمرأة، فضلا عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها ربة الأسرة خلال سنوات السيسي.

غياهب السجون

وفى ظل تعنت العسكر وعدم احترامها للمرأة، رصد نشطاء التواصل الاجتماعى وحقوقيون ومهتمون بأوضاع المرأة ما يحدث من انتهاكات بحقها منذ الانقلاب العسكرى، ونشروا إحصائية لعدد السيدات والفتيات القابعات فى سجون السيسى على ذمة قضايا سياسية.

ورصدت الإحصائية ارتفاع أعداد الحرائر فى السجون التي تفتقر لأدنى معايير حقوق الإنسان، إلى 80 حرة على خلفية اتهامات ملفقة، وكان آخرهن: عائشة الشاطر وهدى عبد المنعم وسحر حتحوت وروية الشافعي وعلياء إسماعيل وإيمان القاضي وإيمان مدبولي.

من جانبها قالت أسماء شكر، المتحدثة باسم حركة “نساء ضد الانقلاب”، إن المرأة شاركت بقوة في أحداث الثورة 25 يناير، وكانت تطمح إلى تغيير وضع مصر.

وأضافت شكر، في تصريح لها، “كانت الثورة ميدان حلم اسمه التغيير، كنا نبحث عن دور ريادي في المجتمع المصري، ليس ذلك الدور الذي أراده لنا حسني مبارك”.

وأكدت أسماء أن الانقلاب الذي قاده السيسي “أطاح بكل أحلام الحرائر، وأطاح بأصواتنا واجتهادنا وأطاح بفكرة ثورة 25 يناير”. وتابعت: “النظام العسكري أو كما نسميها “الدولة العميقة في مصر”، استعمل المرأة يوم 30 يونيو 2013، إلا أنها أدركت خطورة الوضع بعد الانقلاب العسكري، وأصبح لها وعي بالوضع السياسي في البلاد”.

ومن أبرز الأمثلة سقوط الناشطة اليسارية شيماء الصباغ برصاص رجال الأمن إثر خروجها في مظاهرة رافضة لنظام السيسي، بالإضافة إلى استشهاد الصحفية ميادة أشرف، في 2014، كما شملت حملة الاعتقالات معارضي السيسي من غير الإسلاميين، مثل الصحفية مي الصباغ، التي تعرف اليوم باسم “صحفية الترام”، التي اعتقلتها داخلية الانقلاب.

وأضافت أسماء: “ظاهرة التنكيل بالمرأة المصرية، أصبحت لافتة للانتباه وانتشرت بشكل كبير، ونتذكر جيدا البيان الذي أصدرته الأمم المتحدة، وأكد أن أكثر النساء بؤسًا تضررًا هي المرأة المصرية والمرأة السورية”.

وأشارت إلى أن الجامعات لم تسلم من بطش السيسي باعتقال الطالبات، كما أن الشرطة تعتقل الفتيات في جميع الأوقات وتقوم بسحلها مثلها مثل الذكور، مضيفة أن الحركة وثقت قرابة 20 حالة اغتصاب في سجون السيسي، آخرها حالة زبيدة  التي نشرتها قناة “بي بي سي”.

جرائم السيسي

وقالت الناشطة غادة نجيب: إن وضع المرأة المصرية في عهد السيسي “يرثى له، وحزين جدا”، فهي “أم شهيد أو أم فتاة مختفية قسريًا أو زوجة معتقل”.

فيما وصفت مسئولة الملف المصري في منظمة هيومن رايتس مونيتور، سلمى أشرف، حال ‏المرأة المصرية، بأنه “من أسوأ أحوال النساء في العالم العربي؛ فهي تعاني نفس الانتهاكات التي يعانيها الرجل المصري من اعتقال وتعذيب واختفاء قسري وقتل، بل واغتصاب وتهديد بالاغتصاب؛ بسبب معارضتهن أو معارضة ذويهن لنظام السيسي”.

وأضافت: “يزيد على ذلك انتهاك حقوقها الاجتماعية والاقتصادية؛ فكثير منهن أصبحن العائل الوحيد لأسرهن، بالإضافة إلى عبء تكاليف زيارة السجون، ومصاريف الحياة الباهظة مع عدم توفير الدولة معونات للمرأة المعيلة، ناهيك عما تعانيه من عنف منزلي ومجتمعي في ظل قوانين رخوة”.

وعددت جملة من الانتهاكات منها “إهدار حقوقها كمواطن يعيش في دولة تنتهك حقوق مواطنيها من حيث العيش الكريم، والعلاج الصحي والسكن الملائم، والحق في شرب المياه النظيفة”.

وفندت دعاية السيسي بشأن المرأة قائلة: “السيسي لم يحسّن من وضع المرأة في شيء، بل بالعكس جعلها موضع الهدف لإطلاق رصاص جيشه عليها في بيتها في سيناء واعتقلتها شرطته، وعذبتها أجهزته الأمنية”.