“قوم نادي على البوعزيزي”.. لماذا خلت الانتخابات الرئاسية التونسية من الرقص؟

- ‎فيتقارير

ظاهرة رقص النساء أمام اللجان الانتخابية ابتدعتها مخابرات جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، وخصص إعلام الانقلاب مساحات واسعة تبرز قصص هؤلاء الراقصات ودوافع رقصهن، التي امتلأت بالإشادة بالسفيه السيسي والهجاء بحق الإخوان المسلمين الذين لا يشجعون الرقص، بينما خلت الانتخابات الرئاسية التونسية من هذا التدليس.

وقال المرشح لانتخابات الرئاسة التونسية، قيس سعيّد، إنه سيكمل حملته الانتخابية كما بدأها، معتمدا على تطوع الشباب دون قبول أي تمويل من أي جهة، حتى التمويل العمومي الذي تمنحه الحكومة التونسية للمترشحين.

وأشار سعيد إلى أنه لم يتواصل مع أي أحزاب أو أطراف، مشيرا إلى أن لديه مشروعًا وطنيًّا، وأنه يرحب بكل من يرغب بدعمه، وقال إنه منحاز لمبادئ الثورة، وأن رحيل رأس النظام لا يعني سقوط النظام برمته، داعيًا إلى تأسيس دولة قيامها العدل والمساواة والسيادة الوطنية والحكم المحلي.

مواكب الرقص

وعلى النقيض مما يحدث في تونس، يختلف جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي عن سابقيه من الجنرالات العسكريين ممن حكموا مصر؛ فمشاهد تسويقه يغيب عنها وجود الرجال، ويمكنك أن تبحث في المواقع الإخبارية والشبكة العنكبوتية، عن لقاءٍ جمع السفيه السيسي برجل فقير أو معدم أو صاحب حالة خاصة، لكنك لن تجد انتشارًا، مقارنة باللقاءات والمواقف المرتبطة بالسيدات!.

على ما يبدو، فإن السفيه السيسي وجد في الأمر ضالته، وتعامل مع عنصر السيدات على أنهن أصوات ومؤيدات في الشارع ينزلن لتأييده وتنفيذ مطالبه، وكان أبرز ما دعا إليه السفيه السيسي نزول السيدات للتصويت على دستور "لجنة الـ50"، تلك اللجنة التي شُكّلت عقب انقلاب 30 يونيو 2013، لإعادة كتابة الدستور المصري.

وانطلقت مواكب الأفراح والرقص أمام بعض اللجان، لترتفع مجازا شعبية السفيه السيسي إلى السماء، ويتلقى الرجل عشرات الدعوات عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك التي تديرها لجان المخابرات، للزواج منه، بل إن إحدى الكاتبات في جريدة "المصري اليوم"، أبدت رغبتها لأن تكون "ملك يمينه".

بشرة خير

وفي الوقت الذي ينتظر فيه الجميع ما تسفر عنه الانتخابات الرئاسة في تونس، انشغل النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليق على هذه العملية، والنتائج المتوقعة، كما قارن العديد منهم بين ما يجري في تونس وما حصل في مصر وباقي دول الربيع العربي.

وتساءلت الناشطة أم شهد بالقول: "مفيش رقص أمام اللجان في تونس ليه؟.. التوانسة معندهمش أى انتماء ولا وطنية ولا إسلام وسطي". أما زينات وفيق فقد كتبت: "بمناسبة انتخابات تونس: الإسلام الوسطي الجميل بتاعهم مفيهوش رقص لأن المرأة تمثل ٥٢٪ من المجتمع و٥٠٪ من المرشحين وأكثر من نصف من يشرفون على الانتخابات. لماذا تحتاج أن ترقص؟ أما من عندنا فإنهن يرقصن كالطير يرقص مذبوحًا من الألم".

كما كتب الناشط برهوم: "الإيجابي في الموضوع أنَّ الجسمي لم يغن لتونس.. وهذا بحد ذاته بشرة خير". فيما قال أبو عصام: "الفائدة الوحيدة لنا في الخليج من عدم فوز الإخوان المسلمين أن أموال نفط الخليج لن تذهب لإسقاطهم".

وبحسب وسائل إعلام تونسية، فقد أعلن ممثل حملة الرئيس التونسي الأسبق، محمد المنصف المرزوقي، عن مساندته لسعيد في الجولة الثانية، وهنأت حركة النهضة كلا من سعيّد والقروي بعد وصولهما لجولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، وذلك في مؤتمر صحفي شارك فيه مورو إلى جانب رئيس الحركة راشد الغنوشي.

وحول نية الحركة دعم أحد المرشحين في الجولة الثانية، قال الغنوشي: إن هذا القرار يعود لمجلس شورى الحركة، وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الثلاثاء، عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية المبكرة، مشيرة إلى انتقال المرشح المستقل، قيس سعيّد، ومرشح حزب قلب تونس، نبيل القروي، إلى جولة ثانية.

وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات "نبيل بفون" خلال ندوة صحفية بالمركز الإعلامي: إن النتائج الأولية للاستحقاق الرئاسي أفرزت تقدم "المرشح المستقل قيس سعيد  بـ18.04%، يليه المرشح نبيل القروي بـ15.58%، واحتل مرشح حركة النهضة، عبد الفتاح مورو، المرتبة الثالثة بـ12.88 بالمائة".

ووفق رئيس الهيئة، فقد قام بعملية الاقتراع 3456184 ناخبًا من مجموع 7074666 ناخبا، فيما بلغ عدد الأوراق الملغاة 62125 ورقة والأوراق البيضاء بـ24085.

لهذا لم يرقصن!

جدير بالذكر أن صورة السفيه السيسي كمحب للسيدات لم تكن الوحيدة له؛ فقد كان الظهور الأول الأبرز للسفيه السيسي من خلال تصريحات صادمة، حين اعترف في 2011، عندما كان مديرًا للمخابرات الحربية، بإجراء قوات الجيش لكشوف العذرية على فتيات، وكان تبريره وقتها "حتى لا يُقال إن الجيش هتك عرض الفتيات المقبوض عليهن"!.

وعقب انقلابه واستيلائه على الحكم، رصدت مؤسسة "الكرامة الحقوقية" عددًا من الانتهاكات التي لحقت بالسيدات المصريات المعارضات، منذ 30 يونيو 2013، وتنوعت تلك الانتهاكات التي تعرضت لها السيدات، ما بين القتل خارج نطاق القانون في الشوارع والجامعات وبلغ نحو 95 سيدة وفتاة، مرورًا بالاعتقالات العشوائية والتهم الملفقة، انتهاءً بالمعاملة غير الآدمية داخل السجون وأقسام الشرطة بجميع محافظات مصر، فضلًا عن حالات الإخفاء القسري، ولم يظهر منهن حتى الآن سوى عشر حالات.

وعلى فترات متقاربة، تُدشن عدة منظمات حقوقية حملات للمطالبة بمنع الانتهاكات ضد سيدات وفتيات محكوم عليهن، ومحبوسات احتياطيًا في بعض السجون، وتنتشر بين الحين والآخر صور ومقاطع فيديو لسيدات يحاولن زيارة أبنائهن أو أزواجهن في سجون الانقلاب، ينتظرن بالساعات أمام السجن، للحصول على رقم ودور، وقد يرفض ضابط المباحث دون سبب، لهذا لم ترقص النساء في تونس.