لماذا تحرك العالم لـ”خاشقجي” وأدار ظهره للرئيس مرسي.. أليست الدماء واحدة؟

- ‎فيتقارير

أي دولة في العالم حتى لو كانت تحت سيطرة عصابة انقلاب عسكري، مسئولة عن الحقوق الإنسانية للسجناء فيها، وعندما يحرم سجين من العلاج تكون الدولة أو العصابة المسيطرة قد ارتكبت جريمة بشعة ضد شخص لا يستطيع الدفاع عن نفسه، وهو ما حدث مع الرئيس الشهيد محمد مرسي، فقد شكا أكثر من مرة من منع الأدوية عنه، وقالها صريحة للمصريين والعالم "لدي أسرار وأتعرض للقتل المتعمد؛ ما أدى في النهاية إلى اغتياله.

وأعادت الوفاة المؤلمة للرئيس الشهيد محمد مرسي أسئلة كثيرة على ضفاف نيل الحرية العربية، وعلى ركام ثورات الربيع التي انتهت إلى صيف مؤلم ودماء غزيرة في أكثر من ميدان عربي.

سنوات عجاف

يأتي استشهاد الرئيس مرسي المغتال بسبب السجن الطويل والتعذيب والمنع من العلاج، لتنبش في لهيب ما يصفه البعض بـ"الإرهاب" الرسمي العربي، عن رماد محرقة الكاتب السعودي جمال خاشقجي، وعن أوجه التلاقي بين ما يصفه آخرون بـ"الجريمتين" الأكثر بشاعة في عام واحد من سنوات العرب العجاف.

من جانبه يقول الإعلامي أسامة جاويش: "في مثل هذا اليوم قبل ستة أعوام، انقض بلطجية الرئيس الحالي، الجنرال السابق عبد الفتاح السيسي، على ميداني رابعة والنهضة، وقتلوا تسعمئة من المتظاهرين السلميين، فيما اعتبرته منظمة هيومان رايتس واتش واحدة من أكبر عمليات قتل المتظاهرين في يوم واحد في التاريخ المعاصر، وما يمكن أن يعتبر جريمة ضد الإنسانية".

ويضيف: "ما لبث جنون العظمة والعنف الذي أظهره السيسي خلال الأيام التي سبقت المذبحة وأثناءها أن استمر، ولو بأشكال مختلفة. فقد تعرضت البلد منذ ذلك الحين إلى نوع من الخنق البطيء المستمر دونما توقف، الذي لا يمكن أن يصدر إلا عن حالة من الطغيان، ويتمثل في قوانين تزيد من تقييد الحريات وقمع مستمر ومتعاظم، وتداعيات في غاية الخطورة تعود على كل من يتجرأ على تحدي الدولة، الأمر الذي جعل منظمة العفو الدولية تصف مصر بأنها سجن مفتوح".

ويطرح مرور شهرين على اغتيال الرئيس الشهيد مرسي، ونحو  6 أعوام على وقوع مجزرتي فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في مصر، عقب الانقلاب العسكري، دون تحقيق تقدم على صعيد محاسبة المنفذين، تساؤلات بشأن تعثر فتح هذا الملف دوليا وتقديم المسؤولين عما جرى فيه للمحاكمة.

وأقر خبراء وحقوقيون بوجود عقبات عديدة أمام طرح هذا الملف على نطاق دولي، بما يضمن محاسبة مرتكبي المجزرتين وتحصيل حقوق الضحايا، وأبرز تلك العقبات الإرادة السياسية للدول المهيمنة على العالم.

وطرح الحقوقي المصري علاء عبد المنصف، مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، ما وصفها بخطة تنفيذية مُقترحة، لإجراءات قانونية وقضائية، تُمكن من مقاضاة المسؤولين عن وفاة الرئيس الراحل محمد مرسي أمام الجهات القضائية الدولية.

وأكد في دراسة له، نشرها المعهد المصري للدراسات أنه يمكن بالفعل مقاضاة رموز سياسية رسمية في حكومة الانقلاب، أمام القضاء الأوروبي، وفقا لمبدأ الولاية القضائية العالمية، أو المحكمة الجنائية الدولية أو وفقا لطلبات فتح تحقيق دولي، على جريمة التعذيب بالإهمال الطبي المُتعمّد التي أفضت لموت الرئيس مرسي.

ليل من الحزن

وقبل اغتياله مباشرة، طلب الرئيس الشهيد محمد مرسي من القاضي السماح له بالكلام، وتحدث دقائق عديدة ثم تعرض لإغماء توفي على أثره، إلا انه في كلماته الأخيرة أكد أنه "يتعرض للموت المتعمد من قبل سلطات الانقلاب، وأن حالته الصحية تتدهور، وإنه تعرض للإغماء خلال الأسبوع الماضي أكثر من مرة دون علاج أو إسعاف".

بدورها، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مصدر قضائي فضل عدم كشف اسمه لأسباب أمنية، أن الرئيس الشهيد مرسي طلب التحدث أثناء المحاكمة في قضية التخابر مع قطر، وأشار إلى أن مرسي تحدث لمدة 20 دقيقة، وأكد أن لديه أسرارا كثيرة، مضيفا أنه لو كشف هذه الأسرار فسيفرج عنه، بيد أنه قال إنه لن يكشفها لأنها ستضر بأمن مصر القومي.

ويشترك الرئيس الشهيد مرسي والصحفي السعودي القتيل جمال خاشقجي في ملمح آخر من ملامح الجريمة والعقاب، فملايين الأحرار في العالم وجدوا أنفسهم أمام ليل من الحزن تجاه الحادثتين، وخصوصا بالنسبة لرئيس منتخب يتم الزج به لست سنوات في سجن مرير، قبل أن يخرج منه جثة هامدة نخرتها الأمراض والنكبات.

وتفاعل ناشطون خليجيون وعرب، مع الذكرى السادسة، لحادثة مجزرة فض اعتصام "ميدان رابعة العدوية"، من قبل قوات الانقلاب العسكرية، بقيادة جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، واستذكر كتاب ومثقفون ونشطاء، مجزرة رابعة التي راح ضحيتها الآلاف بين قتيل وجريح، وهي التي أعقبت الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، الشهيد محمد مرسي.