بعدما ضاقت الأرض على المصريين وانتقلوا للسكن في القبور، لم يقتصر الضيق على الأحياء فقط، بل وصل إلى الأموات أيضا في ظل حكم الانقلاب العسكري، بعدما أصبح المصريون لا يوارون أجساد ذويهم بالتراب، بعد أن ضاقت عليهم قبورهم، فاضطروا لبناء مقابر متعددة الطوابق بحيث يُدفن الموتى في طوابق فوق بعضها البعض؛ بسبب ارتفاع تكلفة المدفن والتي باتت تتراوح بين ثلاثين ألفًا وحتى خمسمائة ألف جنيه تبعًا لسعر ومساحة أرض المنطقة التي يتم البناء عليها.
وتقدم عضو اللجنة التشريعية في برلمان العسكر، خالد مشهور، بطلب إحاطة حول ارتفاع أسعار المقابر لأرقام غير مسبوقة.
وأوضح أن سعر المقبرة يتراوح بين 400 ألف ومليون جنيه حسب المكان والتشطيب، لتتفوق بذلك على أسعار وحدات سكنية بالأماكن المميزة.
متعددة الطوابق
ونقلت شبكة “الجزيرة”، عن أحد أصحاب المقابر متعددة الطوابق في مدينة شربين بمحافظة الدقهلية، أن غالبية أصحاب المدافن اضطروا لزيادة عدد أدوارها، بسبب ارتفاع أسعارها فضلا عن قلة المعروض منها. وأضاف أن كثيرا من المواطنين يلجئون إلى بناء المقابر على أراض زراعية بعد تبويرها بشكل غير قانوني.

ووصف نقل الجثامين إلى الأدوار المرتفعة بالمرهق، خاصة مع أصحاب الأوزان الثقيلة، وأردف “أحيانا تقع حوادث للجثامين أثناء نقلها لطابق مرتفع، وهو ما يكون ذا وقع مؤلم جدًا على أهلهم”.
وبالرغم من طرح وزارة الإسكان- عبر مجالس المحافظات- مقابر بنظام حق الانتفاع، من حين لآخر، لكنها تحتاج إلى أصحاب النَّفَس الطويل الذين يضمنون أن الموت بعيدٌ عنهم لسنوات، فقوائم الانتظار ربما تصل إلى عشر سنوات فضلا عن التعقيدات الإجرائية.
مقبرة حكومية
والحصول على مقبرة حكومية يتطلب- بخلاف دفع ثمنها- إيداع مبلغ خمسة آلاف جنيه باسم الجهاز التنفيذي لمشروع وادي الراحة ببنك التعمير والإسكان، ويصرف المبلغ على أعمال الصيانة والحراسة من عائد الوديعة.
ولا بد لحاجز المقبرة أن يكون شخصًا طبيعيًا مصري الجنسية وليس اعتباريًّا، وألا يقل عمره عن 21 عامًا في تاريخ الحجز، ولا يحق للأسرة “الزوج والزوجة والأولاد القصر” التقدم لحجز أكثر من مقبرة. كما يحظر تقسيم أو تجزئة المقبرة أو التصرف في المقبرة أو التنازل عنها للغير بأي طريقة.

وبناء على الظروف الحالية أصبح المصريون في ضيق حتى بقبورهم، فاضطروا لبناء مقابر متعددة الطوابق، وأجاز الأزهر بناء المقابر متعددة الطوابق عند الضرورة، على أن يتم تجهيز المدفن بالتراب والرمل.
الحكم الشرعي
وقال عضو جبهة علماء الأزهر الشيخ محمد عوف: إن الحكم الشرعي لبناء المقابر متعددة الطوابق هو الإجازة مع الضرورة، على أن يتم تجهيز المدفن بالتراب والرمل.
وطالب بأن تشرف الدولة على بناء المقابر، ضاربا مثالا ببعض الدول كتركيا، والتي تتولى حكومتها كل إجراءات الدفن من الغسل والصلاة على الميت، وتخصيص مكان الدفن واللحد، وتوفير وسيلة انتقال من البلدية لنقل الأهالي لمكان المقبرة.
وقال أيضا: إن تولي الدولة عملية الدفن يرشد النفقات ويحمي الناس من جشع المتاجرة بالمقابر، مبديًا تخوفه في الوقت نفسه من الفساد الإداري والمحلي بمصر، والذي قد يؤدي إلى نفس نتيجة التعامل مع التجار والسماسرة.