منظمات حقوقية لـ”الامم المتحدة”: التعذيب في مصر أصبح سياسة دولة

- ‎فيأخبار

انتقدت عدد من المنظمات الحقوقية المصرية والدولية أوضاع حقوق الانسان في مصر خلال الفترة الراهنة، مؤكدة أن التعذيب أصبح سياسة الدولة ولم يعد يقتصر علي استخدامه كوسيلة لنزع الاعترافات الملفقة من المختفين قسريا في أماكن الاحتجاز غير الرسمية، وإنما اتسع ليشمل أماكن الاحتجاز الرسمية.

وقالت المنظمات ، في تقرير مشترك مقدم للأمم المتحدة، إنه “رغم اقتراب موعد الاستعراض الدوري الشامل لملف مصر الحقوقي أمام الأمم المتحدة والمقرر في 13 نوفمبر القادم في جنيف، لم تخفت مزاعم التعذيب المنهجي في مصر ولم تقل وتيرته، بل توافدت شهادات المقبوض عليهم مؤخرا بعد مظاهرات محدودة في بعض المحافظات يومي 20 و27 سبتمبر الماضي (أكثر من 4000 شخص تم القبض عليهم خلال أسبوع واحد)”، مشيرة الي أن “ما كشفت عنه مؤخرا هذه شهادات التعذيب، مثل شهادة المحامي الحقوقي محمد الباقر، والمدون والناشط علاء عبد الفتاح، والصحفية إسراء عبد الفتاح، بمثابة نذر يسير من شهادات أكثر تم توثيقها عن التعذيب والمعاملة القاسية خلال السنوات الخمس الماضية، رفض بعض أصحابها الكشف عن هويتهم خوفا من الأعمال الانتقامية التي قد تعرضهم مجددا للتعذيب، أو ربما تفرض عليهم ظروف احتجاز أكثر سوءا”

وذكرت المنظمات أن “السلطات المصرية لم باستخدام التعذيب كوسيلة لنزع الاعترافات الملفقة من المختفين قسريا في أماكن الاحتجاز غير الرسمية، وإنما توسعت في توظيف التعذيب في أماكن الاحتجاز الرسمية”، مشيرين الي أنه وخلال الفترة ما بين 2014 وحتى نهاية 2018، توفي 449 سجينا في أماكن الاحتجاز، من ضمنهم 85 نتيجة التعذيب، بالإضافة إلى الإهمال الطبي المتعمد وحرمان المحتجزين من الرعاية الصحية اللازمة لهم، الأمر الذي يهدد حياة رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح، والمحتجز منذ فبراير 2018، وقد سبق وأودى بحياة الرئيس محمد مرسي في يونية الماضي، مؤكدة أن هذا الاستخدام الواسع والمنهجي للتعذيب لا يمكن أن يتم بمعزل عن توجيهات من رأس السلطة السياسية وتحت أعين الحكومة المصرية، على نحو يضمن حماية الجناة من المساءلة، خاصة عندما يكون ضحايا التعذيب من المعارضين السياسيين.

وأكد التقرير أن “التعذيب في مصر  تخطي حدود المسئولية الفردية لمرتكبيه، وتحول إلى سياسة دولة تسعى إلى إحكام قبضتها على المجال العام، فتحنث بوعودها بشأن إعادة تعريف جريمة التعذيب في القانون وفقاً للدستور المصري والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، بل وتلاحق النشطاء الحقوقيين ممن سعوا لذلك.وتسعى لتوظيف تغيرات تشريعية وقوانين جديدةلتقنين هذه الممارسة، مثل قانون مكافحة الإرهاب، الذي قنن احتجاز المشتبه به لمدة تصل إلى 14 يومًا- ثم تم تعديلها لـ 28 يومًا- دون عرضه على جهات التحقيق”، مشيرا الي “تواطئ النيابة العامة وخاصة نيابة أمن الدولة العليا، والقضاء في التستر على جريمة التعذيب وحماية مرتكبيها، على النحو الذي سبق وأشار له تقرير لجنة مناهضة التعذيبب الأمم المتحدة: “يمارس التعذيب مسئولو الشرطة والمسئولون العسكريون ومسئولو الأمن الوطني وحراس السجون، إلا أن المدعيين العامين والقضاة ومسئولي السجون يسهلون أيضا التعذيب بتقاعسهم عن كبح ممارسات التعذيب والاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة، أو عن اتخاذ إجراء بشأن الشكاوى.

وأضاف التقرير أن “تفشي ممارسات التعذيب وتحولها لسياسة حكم، خلق حالة من “التطبيع” مع هذه الجريمة، وبدل تصورات الضحايا عنها وعن شدتها، فلم يعد الركل والصفع والتهديد والإيذاء النفسي -في تصور بعض الضحايا- تعذيبا، طالما لم يصل الأمر للصعق بالكهرباء أو الجلد أو الضرب الشديد الذي يؤدي لإيذاء عنيف أو عاهة كبرى”، و تناول التقرير أنماط متعددة من التعذيب، تعرض لها بعض الضحايا خاصة المعتقلين منهم في قضايا سياسية،ومن بينها الاختفاء القسري، أو الحبس بمعزل عن العالم الخارجي، وإجبار المعتقلين على تصوير اعترافاتهم- تحت التعذيب والإعياء-ضمن أفلام دعائيةمن إعداد الجيش أو وزارة الداخلية، الأمر الذي وقع مؤخرا – على سبيل المثال- مع مجموعة من الطلاب والسائحين الأجانب الذين ألقي القبض عليهم في محيط وسط القاهرة، وأذاعت وسائل إعلام مصرية فيديوهات مصورة يعترفون فيها- تحت الإكراه- بالاشتراك في مؤامرة دولية لنشر الفوضى في مصر، و ثبت بعد أيام كذب هذه الادعاءات وتم إخلاء سبيلهم والسماح بسفرهم لبلادهم”.

وتضمن الجزء الأخير من التقرير عدد من التوصيات، على رأسها “الضغط على الحكومة المصرية من أجل السماح لخبراء الأمم المتحدة وخاصة المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، والمقررة الخاصة المعنية بحماية حقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب بزيارة مصر، فضلا عن السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية المتخصصة بزيارة أماكن الاحتجاز”، وطالب التقرير المجتمع الدولي بالضغط على مصر للتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، بالإضافة إلى تشكيل آلية وقائية وطنية من منظمات حقوقية مستقلة، تتولى تنظيم زيارات غير معلنة لأماكن الاحتجاز لبيان أوضاعها.

ومن ضمن المنظمات المشاركة في التقرير : المفوضية المصرية للحقوق والحريات ، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، المعهد الدنماركي ضد التعذيب، كوميتي فور جيستس،  مركز القاهره لدراسات حقوق الانسان”