هل فتح “حادث المنيا” عيون الأقباط على القاتل الحقيقي؟

- ‎فيتقارير

“هل فتح حادث كنيسة المنيا عيون الاقباط نحو قاتلهم الحقيقي طوال السنوات الخمس الماضية؟” سؤال بات يطرح نفسه بقوة عقب قيام شرطي بقتل مواطن قبطي ونجله أمام إحدي كنائس المنيا ، الاسبوع الماضي، خاصة وأن كافة الحوادث التي كان يستهدف فيها الاقباط في الماضي كان العسكر يلصقها بمجهولين أو يلفقها لابرياء.

تواضروس والسيسي

توثيق الحادث بكاميرا مراقبة جعل موقف نظام الانقلاب ورأس الكنيسة تواضروس في غاية الصعوبة، لا يستطيعان تبرير الجريمة أو الصاقها بمجهولين أو متشددين، وعلي غير العادة أعرب تواضروس عن حزنه البالغ للحادث وطالب باتخاذ إجراءات قوية وحاسمه، وقال تواضروس، في تصريحات لفضائية “مي سات” -القناة الرسمية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية- ، إن “الحادث مؤلم وغريب، وأن محافظة المنيا بها شكل من أشكال التوتر بسبب أحداث سابقة، وأُعزي أسرة الفقيدين، ومن متابعتي أعرف أن لهم صيتا حسنا، عماد ودايفد لهم سيرة حسنة وحضور طيب، عشان كدا هذا يزود الألم”.

وأضاف تواضروس “ننتظر اتخاذ إجراءات قوية وسريعة حاسمة؛ لامتصاص الغضب الموجود والانفعالات الشديدة، وننهي كلاما كثيرا يقال ليس له معنى أو مغزى، ونحن نعمل في الكنيسة بهدوء شديد، لأن في الأزمات الأمر يحتاج للتعقل، والتصرفات الهادئة والمحسوبة”.

غدر وخيانة

ولم يقتصر الامر علي تواضروس، بل شمل قيادات كنسية أخري، حيث عبر الأنبا بيمن أسقف نقاده وقوص، عن استيائه البالغ من الحادث، قائلا “ده كلام مينفعش وكلام لا يليق، ورد الفعل يجب أن يكون ايجابي وسريع، والمفروض المرة اللي جاية قبل ما يحصل حاجة زي كدا الدولة أجدر وأقدر بأجهزتها أن توقف الحادث قبل ما يحدث”.

وأضاف بيمن”: “لما تيجي الضربة من الغريب أحيانا نلتمس عذرا، ولكن لما تيجي الضربة من الحبيب أو من الحارس دا يبقي غدر وخيانة ومافيش تعبير تاني يتقال أكتر من كدا.. دا غدر وخيانة انه استخدم سلاحه الميري وأنا وانت واللي قتلوا دفعين الالاف الضرائب علشان يشتروا له السلاح، وبدلا من أن يحافظ ويكون سبب شعور بالأمان”.

من جانبه طالب الانبا مكاريوس، أسقف عام المنيا، بمحاكمة عاجلة للشرطي الذي قتل مواطن مسيحي ونجله، معتبرا أن الحادث يحمل خطورة كبيرة للغاية، وقال مكاريوس،: “الحادث مؤلم ويحمل خطورة كبيرة عندما يطلق فرد الأمن المكلف بالحراسة النيران على القبطيين، ولابد من محاكمة عاجلة للقاتل.

جرائم مماثله

كان العسكر قد انتهج خلال السنوات الماضية سياسة “يقتل القتيل ويتاجر بدمائه” في تعامله مع الاقباط؛ وذلك لتحقيق أهداف داخلية وخارجية، وسط وجود حالة تناغم بين قادة العسكر ورأس الكنيسة البابا تواضروس، وكانت أحداث ماسبيرو 2011 أحد نماذج هذا الإجرام، حيث قتلت مليشيات الشرطة العسكرية والأمن المركزي عشرات الشباب من الأقباط أمام مبنى ماسبيرو، خلال تظاهرهم تنديدًا بتصريحات لمحافظ أسوان اعتبروها مسيئة لهم، وصدرت ىتعليمات من المجلس العسكري للتلفزيون المصري بتشويه صورة المتظاهرين والادعاء بأنهم اعتدوا على قوات الجيش، الأمر الذي دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى تنظيم حملة على “توتير” لمقاطعة البرامج الإخبارية في التلفزيون الحكومي، فضلا عن الدعوة إلى استقالة وزير الإعلام آنذاك أسامة هيكل.

تورط الجيش والشرطة

وفيما كانت هناك مساحة واسعة من الحرية في ذلك الوقت، رفع العديد من السياسيين ورموز الأقباط أصواتهم عاليا، باتهام قادة العسكر بارتكاب المجازر وهددوا بتدويل الأمر، وأصدرت الكنائس الإنجيلية في مصر بيانااستنكرت فيه تلك الاعتداءات. وقال المحامي ممدوح رمزي: إن الأقباط سيلجئون إلى الأمم المتحدة لمواجهة إرهاب الدولة الذي يمارس بحق الأقباط، فيما مارس شيخ الأزهر أحمد الطيب دوره المعهود في امتصاص الغضب لصالح العسكر، حيث اتصل بالبابا شنودة وطالب باجتماع «بيت العائلة» لوضع قانون منظم لبناء الكنائس.

وسبق ذلك تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، قبيل أيام من ثورة يناير2011 ، بعد أن تم اعتقال شاب يدعى “سيد بلال” من الإسكندرية على خلفية الحادث، وتم قتله تحت التعذيب داخل مقر أمن الدولة؛ إلا أن الأيام أثبتت تورط وزير الداخلية آنذاك حبيب العادلي في الحادث، حيث تقدم المحامي القبطي “ممدوح رمزي” ببلاغ حمل رقم (1450) لسنة 2011 عرائض النائب العام، حيث نقل عن دبلوماسي بريطاني، قوله إن مخابرات بلاده تأكدت- ومن المستندات الرسمية المصرية الصوتية والورقية- أن وزير داخلية المخلوع “حبيب العادلي”، كان قد شكل منذ ست سنوات جهازا خاصا يديره (22) ضابطا، بالإضافة إلى عدد من الأفراد الذين قضوا سنوات في سجون الداخلية، وعدد من تجار المخدرات، وفرق الشركات الأمنية، وأعداد من المسجلين خطر من أصحاب السوابق، وتم تقسيمهم إلى مجموعات حسب المناطق الجغرافية والانتماء السياسى، وكان هذا الجهاز قادرا على أن يكون “جهاز تخريب شامل” في جميع أنحاء “مصر” في حال تعرض النظام لأي اهتزاز”، مشيرا إلى قيام أحد أفراد الداخلية برتبة “رائد” بتفجير السيارة عن بعد بواسطة جهاز لاسلكي.

تواطؤ النيابة

من جانبه كشف جوزيف ملاك، محامي كنيسة القديسين بالإسكندرية، عن رفض النائب العام عبد المجيد محمود الاسبق، وهشام بدوى المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، للطلب التي تقدموا به لفتح التحقيق مع وزير الداخلية حبيب العادلي في أحداث تفجير كنيسة القديسين، مشيرا إلى أنه لم يطلب التحقيق مع العادلي كمُتهم، ولكنه طلب التحقيق معه بشكل استدلالي على الأقل، بصفته وزير الداخلية الذي وقع في عهده الأحداث، والذي أشرف على التحريات والتحقيقات في الحادث منذ بدايته، مؤكدًا أنه لا يجد تفسيرا منطقيا لهذا الرفض.

وأبدى ملاك انزعاجه من التباطؤ الشديد الذي تسير به التحقيقات في القضية، بقوله “إن هذا التباطؤ يصل إلى درجة التواطؤ من النظام الحالي، ويعطينا إحساسا بأنه يحاول إخفاء تورط رجال النظام السابق في الحادث، ويعتمد على عامل الوقت لكي ننسى”، مؤكدا أن “الأقباط لن ينسوا ما حدث، وإذا كان البعض يعتقد ذلك فهو واهم”، وقال ملاك: “هناك قرار سياسي لإغلاق هذا الملف نهائيا، خاصة أنهم تقدموا بأكثر من 15 التماسا إلى المجلس العسكري لإعادة التحقيق، ولكن لم يعيرونا أي اهتمام.

وكان آخر تلك الحوادث ما تم منذ عدة أيام من قتل وإصابة عشرات الأقباط، خلال زيارتهم لأحد الأديرة بالمنيا، وذلك للمرة الثانية على التوالي في أقل من عامين، دون الكشف عن الجناة الحقيقيين، على الرغم من وجود قوات أمن بالمنطقة إلا أنه لم يتصدَ أحد للمهاجمين، ولم يحاولوا اعتقال أو قتل أحد منهم، فضلا عن عدم ملاحقتهم، الأمر الذي يؤكد وجود شبهات خلف الحادث.