أسباب تأجيل الشريحة الثانية لقرض صندوق النقد

- ‎فيتقارير

 كتب يونس حمزاوي:

سادت حالة من الارتباك في أوساط حكومة الانقلاب؛ على خلفية تأجيل صندوق النقد الدولي تسليم الشريحة الثانية للحكومة، والتي تبلغ (1,25) مليار دولار، وكان مقررا صرفها في 15 مارس الماضي، من إجمالي القرض الذي أبرمته الحكومة، نوفمبر الماضي، ويبلغ 12 مليار دولار على 3 سنوات.
وبحسب مراقبين، فإن هناك خلافا مكتوما بين الطرفين؛ على خلفية عدم وفاء حكومة الانقلاب بعدد من الشروط التي ألزمها بها الصندوق، على خلفية مخاوف الحكومة من غضبة شعبية واندلاع ثورة لا يمكن السيطرة عليها، لا سيما بعد أن كانت انتفاضة الخبز الأخيرة جرس إنذار واضح في دلالته ورسائله.

"3" مؤشرات على خلاف مكتوم

وبحسب الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام، فإن هذه الخلافات بين الطرفين يمكن أن نلمسها في ثلاثة مؤشرات رئيسية: المؤشر الأول هو تأجيل بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها للقاهرة من شهر فبراير 2017، إلى الفترة من 28 أبريل إلى 8 مايو المقبل. والثاني تأجيل صندوق النقد منح القاهرة الشريحة الثانية من قرضه، وهي الشريحة التي كان من المقرر صرفها يوم 15 مارس 2017. والثالث انتقاد بعض مسئولي الصندوق لبعض البيانات الحكومية، خاصة المتعلقة بعجز الموازنة وقيمة الجنيه المصري مقابل الدولار.

علامات الارتباك الحكومي

وانعكست هذه الخلافات، بحسب عبدالسلام، على تصريحات كبار المسئولين عن إدارة السياسة المالية في مصر، فوزير المالية بحكومة الانقلاب، عمرو الجارحي، ومساعدوه، أعطوا عدة مواعيد بشأن وصول بعثة صندوق النقد لمراجعة ما تم في برنامج الإصلاح المصري وتقييمه، وهي المراجعة التي كان من المقرر أن تتم خلال شهر فبراير الماضي ويسفر عنها منح مصر الشريحة الثانية من قرض الصندوق.

ففي نهاية شهر يناير الماضي، قالت ثلاثة مصادر في وزارة المالية، إن هناك وفدين فنيين من صندوق النقد الدولي يزوران مصر لإجراء مباحثات، تمهيدا للمراجعة النهائية من الصندوق على برنامج البلاد خلال فبراير 2017، وتكرر الموعد على لسان وزير المالية.

وبدلا من أن تأتي البعثة لزيارة القاهرة في فبراير الماضي، ذهب إليها وزير المالية للالتقاء بها في العاصمة البريطانية، وذلك يوم 10 مارس الجاري، حيث اجتمع الجارحي في لندن مع فريق من الصندوق لإطلاعه على أحدث مؤشرات الأداء الاقتصادي، وليرد على الملاحظات التي أبداها الفريق حول برنامج الإصلاح الاقتصادي وكانت سببا في تأجيل الزيارة.

ومر شهرا فبراير ومارس ولم تأت البعثة الفنية للقاهرة، إلى أن خرج وزير المالية عمرو الجارحي ليؤكد أن بعثة صندوق النقد الدولي ستزور البلاد في الفترة من 28 أبريل وحتى 8 مايو القادم، لإجراء مراجعة تمهيدا للحصول على الشريحة الثانية من القرض.

أسرار الخلاف

وبحسب مراقبين، فإن أسباب الخلافات بين الطرفين تتعلق بعدم تنفيذ حكومة الانقلاب عددا من التعهدات التي قطعتها على نفسها، ومنها زيادة الضرائب وأسعار الكهرباء والوقود وخفض عجز الموازنة العامة.

إذ لم تنجح الحكومة في خفض العجز إلى المستوى الذي تعهدت به للصندوق، كما تتردد في فرض ضرائب جديدة، كما لم تنجز الحكومة القوانين التي تعهدت بها، ومنها قانون الاستثمار والإفلاس، ولم تقم كذلك بإجراء إصلاحات جوهرية في قانون ضريبة الدخل، أو تفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية وتعاملات البورصة، كما تعهدت الحكومة في برنامجها المقدم للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.

هل يمكن وقف دعم الصندوق؟

ويستبعد الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام أن تتسبب هذه الخلافات في وقف دعم الصندوق لحكومة الانقلاب، مستبعدا أيضا أن يقرر الصندوق وقف صرف باقي الشرائح الخمس المتبقية من القرض، والبالغ قيمتها 9.25 مليارات دولار.

ويؤكد عبدالسلام أن الصندوق سيواصل دعمه المالي القوي لحكومة الانقلاب، ولكنه قد يؤجل صرف شريحة من شرائح القرض الخمس بعض الوقت كما يحدث حاليا، وقد تستمر الخلافات بين الطرفين، خاصة في حال تأجيل الحكومة تنفيذ بعض القرارات المتعلقة بزيادة الأسعار خوفا من ردة فعل الشارع، لكن من المستبعد، بحسب خبراء ومتخصصين، تجميد الصندوق برنامج دعمه لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وحكومته، التي أجهضت المسار الديمقراطي وترتكب فظائع وانتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان.