بعد عامين من الانقلاب العسكري الدموي على أول رئيس مدني منتخب وعام من تولي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي رئاسة الدم، أصبح نصف سكان مصر فقراء لا يجدون ما يسد احتياجاتهم اليومية الأساسية، وهو ما جدد طرح التساؤل الذي لا يزال مطروحا وهو: أين ذهبت أموال الخليج التي تم منحها للانقلاب على الشرعية وتخطت حاجز 50 مليار دولار؟ وأعلن البنك الدولي وهو إحدى الوكالات المتخصصة في الأمم المتحدة التي تعنى بالتنمية، أن نصف سكان مصر فقراء لعدم امتلاكهم الأموال اللازمة للحصول على الاحتياجات الأساسية.
وقال البنك في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على موقع التدوين المصغر "تويتر" اليوم: "نصف سكان مصر تقريباً فقراء أو محتاجين لعدم امتلاكهم المال اللازم للحصول على الاحتياجات الرئيسية مثل التعليم والصحة". التسريبات تكشف جزء من الحقيقة وكشفت التسريبات المنسوبة للسيسي في 17 مايو 2014، أن المساعدات الخليجية لمصر ليست "12 ولا 15 ولا 20 مليار دولار"، حيث قال السيسي نفسه: "أتكلم عن أموال فقط، أكثر من 20 مليار دولار".
وفي هذه التصريحات، استثنى السيسي، منها المساعدات النفطية التي وصلت مصر، والتي تصل إلى 10 مليارات دولار على الأقل، ما يعني أن السيسي تحصّل على 30 مليار دولار، أو نحو ذلك، من الدول الخليجية الثلاث (السعودية، الإمارات، الكويت)، وفق ما جرى عليه الاتفاق محل التسريب الصوتي للرئيس السيسي، دخل منها 10.6 مليارات خزانة الدولة، بينما دخلت العشرون مليارًا الأخرى في حسابات الجيش، حيث وجّه السيسي بأن تدخل هذه المساعدات إلى حسابات الجيش المصري في المصارف الإماراتية، بشكل مباشر، بحسب تسريبات السيسي. وكان المفكر والباحث الفلسطيني بشير نافع قد علق على تسريبات السيسي ، قائلاً: إنه على مدار عامين من عمر الانقلاب لم يتم حل مشكلة واحده في المجتمع المصري، بل انهار الاقتصاد المصري بشكل كبير، ولكن الطفرة الاقتصادية الوحيدة التي حدثت في مصر كانت في زيادة موازنة القوات المسلحة المصرية من 38 مليارا إلى 49 مليار جنيه مصري، ثم زادت معاشات العسكريين ثلاث مرات في فترة قصيرة.
وبحسب محللين فإن ذلك يرجع إلى أن السيسي يطلب مليارات من دول الخليج ولا يوجهها للنهوض بالدولة المصرية، ولكنه يستفيد بها، هو وقطاع لا يتعدى 8% من القوات المسلحة المصرية، الأمر الآخر، مع هذه الزيادة في موازنة الجيش، ومع زيادة المعاشات العسكرية يظل السؤال المهم: أين ذهبت مليارات الخليج؟ أين ذهبت تلك الأموال؟ أما نادر فرجاني، الخبير الاقتصادي، فاتهم سلطات الانقلاب برئاسة عبد الفتاح السيسي وقادة الجيش بنهب أموال الخليج التي تلقّتها مصر وبلغ قدرها بحسب التسريبات الأخيرة أكثر من 40 مليار دولار وقد تصل إلى 50 مليار دولار، مرجحا أن يكون هذا "المال المنهوب" قد "وجد طريقه لحسابات سرية داخل البلاد وخارجها"، على حد تعبيره.
وقال: إن "مجرد عدم الإعلان عن كامل الدعم المالي الذي تلقته العصابة باسم الشعب المصري، هو قرينة قوية على سوء نيتهم توجب استبعاد تغليب حسن النية في تقدير تصرفاتهم من جانبنا"، مضيفاً: "لن نعلم تحديداً مآل هذه الأموال إلا بعد سقوط نظام الحكم الراهن، كما حدث مع رئيسهم السابق الطاغية المخلوع"، على حد قوله. منح جديدة غير مفيدة حصلت سلطات الانقلاب العسكري على وعود بمنح بمقدار 12 مليار دولار من دول الخليج أثناء فعاليات المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ مطلع العام الجاري، وأيضا فتح حساب (تحيا مصر) لاستقبال مساعدات المصريين للاقتصاد.
ورغم هذه الأموال الضخمة التي منحها الخليج للسيسي وقادة الانقلاب إلا أن السيسي وجنرالات الانقلاب فشلوا في تحقيق أي انجاز يذكر على مدار عامين وظلت مشاريعهم الوهمية "فناكيش" لا تقدم شيء للمواطنين الذين زادت معاناتهم اليومية والحياتية بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية والوقود والطاقة والكهرباء وتدني مستوي الخدمات التعليمية والصحية وغيرها.
فشل انقلابي أثقل كاهل المواطن وخفض قادة الانقلاب الدعم عن المواد البترولية، بما أثقلت كاهل المواطن البسيط بارتفاعات في الأسعار بنسب تفوق ارتفاع الأسعار علي الأغنياء ، كما تم تقليص الدعم المخصص للتأمين الصحي والأدوية في موازنة عام 2014 – 2015، ليصل إلى 811 مليون جنيه، مقابل 1.1 مليار جنيه خلال موازنة العام الماضي، كما ارتفعت أسعار الأدوية بصورة مفاجئة وبشكل غير مسبوق؛ حيث بلغت نسبة الارتفاع من 100% إلى 300%؛ حيث خالفت شركات الأدوية قرار رقم 499 الخاص بتسعير الدواء، وتم مصادرة المستشفيات التابعة للجمعيات الخيرية التي تقدم خدماتها الطبية للفقراء بأسعار رمزية كالجمعية الطبية الإسلامية والجمعية الشرعية.
وفي ظل الانقلاب بلغ إجمالي دين الموازنة العامة (محلى وخارجي) نحو 2074.3 مليار جنيه في ديسمبر 2014 بما يعادل 89.4% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة ب 1746.3 مليار جنيه في نهاية ديسمبر 2013 بما يعادل 87.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
خلال الفترة يوليو- مارس 2014/2015 حقق عجز الموازنة العامة للدولة 9.4% نسبة إلى الناتج المحلى (218.3مليار جنيه) مقارنة ب 7.3% (145 مليار جنيه) خلال الفترة المماثلة من العام السابق، وارتفع معدل التضخم السنوي لحضر الجمهورية خلال شهر مارس 2015 للشهر الثاني على التوالي مسجلا نحو 11.5% مقارنة ب10.6% خلال الشهر السابق ومقارنة ب 9.8% خلال نفس الشهر من العام السابق. وحقق ميزان المدفوعات خلال النصف الأول من العام المالي 2014/2015 عجزا كليا بلغ مليار دولار مقابل فائض قدره 2 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي السابق، فيما بلغ سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأمريكي 7.629 في مارس 2015 مقابل 6.984 في ابريل 2014 بمعدل زيادة بلغ حوالي 9.2%