إبراهيم المقادمة.. ذكرى عاشق الجنة وقائد المقاومة

- ‎فيأخبار

يوافق اليوم الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد القائد المفكر إبراهيم المقادمة، أحد أبرز مفكري حركة “حماس” وقادتها السياسيين، وأبرز مؤسسي العمل العسكري في فلسطين، حيث اغتالته طائرات الاحتلال باستهداف سيارة مدنية كانت تقله عام 2003.

“أنا للجنة أحيا يا إلهي، في سبيل الحق فاقبضني شهيدا، واجعل الأشلاء مني معبرًا للعز الجديد”، بهذه الكلمات عبر الدكتور المفكر إبراهيم المقادمة عن شوقه لدخول الجنة، راجيًا من الله عز وجل أن يقبضه شهيدًا في سبيل نصرة الحق، وهو ما تم بالفعل صباح السبت الثامن من مارس عام 2003.

من هو الطبيب الثائر؟

ولد الشهيد القائد إبراهيم المقادمة في عام 1952م، لأسرة فلسطينية هجرت من بلدة بيت دراس من قضاء المجدل عسقلان.

هاجرت عائلته عام 1948 مع آلاف الأسر الفلسطينية، وبعد عامين ولد إبراهيم الذي انتقل للسكن في مخيم جباليا للاجئين قم انتقلت عائلته لمخيم البريج وسط قطاع غزة.

عاش “المقادمة” في مخيم جباليا ودرس في مدارس وكالة الغوث هناك، وحصل على الثانوية العامة بدرجة امتياز، ثم انتقل إلى مصر لمواصلة دراسته الجامعية، حيث التحق بكلية طب الأسنان، وتخرج طبيباً للأسنان.

وبعد إنشاء مستشفى الشفاء بغزة عمل “المقادمة” أخصائي أشعة، ثم فصل من وزارة الصحة بعد أن اعتقلته أجهزة السلطة بتهمة الحصول على أسلحة، حيث انتقل بعدها إلى العمل في مستشفى الجامعة الإسلامية في غزة.

مسيرة الدعوة والمقاومة

انضم المقادمة إلى حركة الإخوان المسلمين في شبابه أثناء الدراسة الجامعية، إلى أن أصبح من المقربين لمؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، وأحد قادة الحركة.

شكل المقادمة أهم أعمدة الجهاز العسكري للحركة وأمد مقاتلي الحركة بالأسلحة، لكنه اعتقل عام 1984 للمرة الأولى بتهمة إنشاء جهاز عسكري للإخوان المسلمين في قطاع غزة وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات.

وفي عام 1996 اعتقلته أجهزة السلطة، بتهمة تأسيس جهاز عسكري سري لحركة حماس في غزة، وتعرض خلال الاعتقال لشتى أنواع التعذيب من قبل أجهزة السلطة البائدة.

في سنوات حياته نشط “المقادمة” في المجال الدعوي والفكري، وألف العديد الكتب أبرزها (معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين، والصراع السكاني في فلسطين) وكان الدكتور المقادمة من أكثر الشخصيات القيادية أخذاً بالاحتياطات الأمنية في التمويه والتنكر ومن أقلهم في الظهور الإعلامي.

حياته الدعوية

نشط شهيدنا الدكتور في الفترة الأخيرة من حياته في المجال الدعوي والفكري لحركة حماس وكان يقوم بإلقاء الدروس الدينية والسياسية والحركية وخاصة بين شباب حركة حماس وخاصة الجامعيين وكان له حضور كبير.

وألف عدة كتب ودراسات في الأمن وهو داخل السجن وخارجه، منها: معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين، وكانت له دراسة حول الوضع السكاني في فلسطين وهي بعنوان “الصراع السكاني في فلسطين” كما كانت له عدة دراسات في المجال الأمني.

وكان “المقادمة” من أكثر الشخصيات القيادية في حركة حماس أخذا بالاحتياطيات الأمنية قليل الظهور أمام وسائل الإعلام، واستخدام أساليب مختلفة في التنكر والتمويه عبر تغيير الملابس والسيارات التي كان يستقلها وكذلك تغيير الطرق التي يسلكها، حتى عرف عنه أنه كان يقوم باستبدال السيارة في الرحلة الواحدة أكثر من مرة.

كتاباته الأخيرة

كتب الدكتور المقادمة في كتابه معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين: ” فهذه معالم أضعها بين أيدي الشباب المسلم في فلسطين وخارج فلسطين وتوجهت بها إلى الشباب المسلم بالذات لأن عليه يرتكز الأمل في تفهم أبعاد هذه القضية والانطلاق بها في الطريق الصحيح”.

ويضيف: “هذه المعالم يجب ألا تغيب عن ذهن المسلمين في طريقهم إلى تحرير فلسطين ولا يلهيهم عنها تقلبات الواقع وغدر الأنظمة وتكالب الأعداء”.

وعن دور الشباب قال: “ولي أمل في شباب الحركة الإسلامية أن يقوموا وينفضوا عن أنفسهم غبار النوم والكسل ويواصلوا العمل ليل نهار جهاداً في سبيل الله وتضحية بكل ما يملكون من جهد ونفس ، ومال ووقت ويخلصوا توجيه هذا الجهد لله سبحانه ويوطدوا العزم”.

شرف الشهادة

في صباح يوم السبت 8-3-2003 اغتالت قوات الاحتلال الصهيوني الدكتور ابراهيم أحمد المقادمة “أبو أحمد” بإطلاق خمس صواريخ باتجاه سيارته التي كانت تسير في شارع اللبابيدي بالقرب من مقبرة الشيخ الرضوان بمدينة غزة، مما أدى إلى استشهاده وثلاثة من مرافقيه وإصابة عدد من المارة وطلاب المدارس بجراح.

مقاوم كبير

أجمع حتى أعداء القادمة من الصهاينة على أن الدور الكبير للشهيد القائد إبراهيم المقادمة ليس فقط في تأثيره القوي في نفوس حركة حماس والشعب الفلسطيني، بل لكونه أبرز مفكري الشعب الفلسطيني الذين نظروا لخيار المقاومة كخيار أخير وحيد واجب التعامل به مع الاحتلال ودافع عن هذا الخيار حتى يومه الأخير.

ولم تندثر سيرة وجهاد القائد الكبير، فقد قلدته كتائب القسام وسام المقاومة بصاروخ حمل اسمه (M75) دك عمق الكيان الصهيوني، خلال معركة حجارة السجيل والعصف المأكول.

وعلى وقع صواريخ M75، التي هزّت “تل أبيب”، تمر الذكرى السنوية لرجل من رجال الأمّة، ولعلم من أعلام فلسطين، سطر بوجوده فكر الجهاد، وأضاء برحيله مرحلة جديدة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني تمثلت أبرز ملامحها بصاروخ أطلق عليه M 75 تيمناً بهذا القائد.