د. عبدالرحمن البر يكتب: هَلْ يَتَخَلَّى الرَّحْمَنُ عَنْ أَوْلِيَائِه؟!.. هذا جوابُ القُرْآنِ العَظِيم

- ‎فيمقالات

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِه ومَنْ والاه.

وبعدُ؛ فقد يستبطِئُ البعضُ نصرَ اللهِ عزَّ وجلَّ لأهلِ الحقِّ، وقد يَهُولُه تسلُّطُ الظَّلَمةِ والمفسِدين على دُعاةِ الحقِّ والعدْلِ والخيرِ، وقد يستفزُّ مشاعرَه هذا الطغيانُ الكبيرُ، وهو يرى الباطلَ مُدجَّجًا بقوى: السلاحِ الغاشمِ، والقضاءِ الظالمِ، والمؤسساتِ الفاسدةِ، والإعلامِ الصاخبِ، والنفاقِ الماجنِ باسمِ الدين، وبقوةِ الإسنادِ الماديِّ والمعنويِّ المجرمِ من القوى الإقليميةِ والدوليةِ الكارهةِ للإسلامِ، والرافضةِ للحقِّ ولحريةِ الشعوبِ وكرامةِ الإنسانِ، بينما الحقُّ لا ظهيرَ لأصحابِه إلا اللهُ تعالى، والأحرارُ من الناس.

وكلما ازداد عنفُ الظَّلَمَةِ وبطشُهم يثورُ السؤالُ المكتوم: إذا كان الظالمون يتوَلَّى بعضُهم بعضًا فهل يتخلَّى اللهُ عن أوليائه؟.

وحتى تتجلَّى الحقيقةُ لا بدَّ أن نعرفَ حقيقةَ الولايةِ وأسبابَ استحقاقِها وأسبابَ سقوطِها، وآثارَها على أولياءِ الرحمن.

(1) معنى الولايةِ وأمارةُ صِدْقِها

الولايةُ تعني المحبةَ والنُّصْرَةَ، فَالْوَلِيُّ سبحانه يَنْصُرُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ لأنه يُحبُّهم، والوليُّ من العبادِ: مَنْ توالتْ طاعاتُه للهِ، فتوالى عليه إحسانُ الله وأفضالُه، وتولَّى اللهُ أمرَه فحفظه من المحن، وثبَّته على الحقِّ، فتيقَّنَ بأنَّ الأمرَ كلَّه في يدِه سبحانه “قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا” أي مَنْ الذي يحقِّقُ لكم من دونِه مَرْجُوًّا؟ ومن الذي يصرفُ عنكم دونَه عَدُوًّا؟.

“مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ” أي لا معتمدَ ولا مستندَ تُعَوِّلُون عليه، سوى مطلقِ عنايتِه ورحمتِه، فإذا لم يُرِدْ بكم خيرًا فلا أحدَ يقدرُ على نصرِكم، وإذا لم يُعْنَ بشأنِكم فلا أحدَ يقدرُ على نفعكم “قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ”.

والذين يظنُّونَ أنَّ غيره -مهما كانت قُوَّتُه- يمكنُ أن يفيدَهم عِزًّا أو نفعًا واهمون “بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا. الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا”.

والذين يمدُّون أيديَهم وأعناقَهم لأعدائِه سِرًّا، ويُلْقُون إليهم بالموَدَّة؛ ظنًّا أنهم سيحمونهم ضالُّون “تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ”.

إنه عنوانٌ واحدٌ لا غير للولايةِ الصحيحةِ “إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ. وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ”.

ومن علاماتِ صدقِ ولايةِ العبدِ: أنَّه لا يخشَى من الموت، لأنه يُوَصِّلُه إلى الكرامةِ العُظمى بلقاءِ المحبوبِ سبحانَه، ولهذا فهو شجاعُ النفسِ ثابتُ الجَنَان لا يستخِفُّه التهديدُ، وقد ادَّعى اليهودُ أنهم أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ, وأولياؤُه من دونِ الناس، فكشف اللهُ كذبَهم، فقال لهم “إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِين”.

أما يوسفُ عليه السلامُ الوليُّ حقًّا فقال: “فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين”.

(2) المستحقون للولاية

(1) المؤمنون:

“وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ” لأنهم تولّوا دينَه، فتولَّاهم اللهُ بالعونِ والنصرةِ والقُرْبةِ والمثوبة “اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ” فهو المتولِّى لأمورِهم، والمتفرِّدُ بإصلاحِ شئونهم، يخرجُهم من ظلماتِ الشكِّ والخوفِ والجهلِ والضلالِ، ويدخلُهم في ظلِّ عنايتِه وأنوارِ توفيقِه وهدايتِه “لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.

(2) الصالحون:

?إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ?، فمن قام بحقّ الله تولّى أمورَه على وجه الكفاية، ولا يدَعُ شيئًا من أحوالِه إلّا أجراه على ما يريدُه بحسنِ أفضالِه، فيتولَّاه في نفسِه في حياتِه وبعد مماتِه، ويتولَّاه في ذريتِه من بعده.

(3) المتقون:

“إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ” أي إن أراد سبحانه بك نعمةً فلا يمنعُها أحدٌ، وإن أراد بك فتنةً فلا يصرفُها عنك أحدٌ، فلا تُعلِّقْ بمخلوقٍ فكرَك، ولا تتوجَّهْ بضميرِك إلى غيره، وثِقْ بربّك، وتوكَّلْ عليه “إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ”.

(3) أسباب سقوط الولاية

(1) اتباع هوى النفس أو هوى الغير:

“وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ”، وقال تعالى “وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ”.

قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: «اتَّقُوا اللَّهَ مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، وَخُذُوا طَرِيقَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَقَمْتُمْ لَقَدْ سبقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا، وَلَئِنْ تَرَكْتُمُوهُ يَمِينًا وَشِمَالًا لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا أَوْ مُبِينًا»

(2) عمل السوء:

“لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا”

(3) الاستكبار والإعراض عن أمر الله:

“وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا?، ?فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ”.

(4) الركون إلى الظالمين:

“وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ” أي لا تعملوا أعمالَهم، ولا تَرْضَوْا بأعمالِهم، ولا تمدحُوهم على أعمالِهم، ولا تُسَاكِنُوهم بقلوبِكم، وعنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «خَصْلَتَانِ مِنَ الْعَبْدِ إِذَا صَلُحَتَا صَلُحَ مَا سِوَاهُمَا: الرُّكُونُ إِلَى الظَّلَمَةِ، وَالطُّغْيَانُ فِي النِّعْمَةِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: “وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ”، وَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: “وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي””.

(5) عدم إجابة داعي الله:

قال تعالى “وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ” هذا بيانٌ لاستحالةِ نجاتِه مِنْ أمرِ الله بواسطةِ الغيرِ، إثرَ بيانِ استحالةِ نجاتِه بنفسهِ.

(4) آثارُ ولاية الله لعبده

(1) ولايةُ الله حماية من الفشَل والتخاذُل:

“إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” أَيْ: تَجْبُنَا وَتَضْعُفَا وَتَتَخَلَّفَا، وقد أخرج الشيخان عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ بَنُو حَارِثَةَ، وَبَنُو سَلِمَةَ، وَمَا نُحِبُّ -وَمَا يَسُرُّنِي- أَنَّهَا لَمْ تُنْزَلْ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ: “وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا”.

وفي الآية دليلٌ واضحٌ على أن أهلَ ولايةِ الله لا يتقلَّبُون إلا بتصريفِ القبضةِ، وتقليبِ القدرةِ، وأنَّ اللهَ يعصمُهم من الفشَل والتراجُع.

(2) ولايةُ الله تطمئن من الخوف والحزن:

“أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ”

قيل: إنه “لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ”: فى الدنيا، “وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ”: فى العاقبة.

ولكنَّ الأوْلَى أن يُقال: إنّهم لا يصيبُهم الخوفُ ولا الحزنُ في الدنيا؛ لأنهم فى رَوْحِ الرِّضا بكلِّ ما يجرى به القَدَرُ، ولا في الآخرةِ؛ لأنهم يُبَشَّرون بالنعيمِ المقيم.

(3) الملائكة أولياء المؤمنين في الدنيا والآخرة:

“إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” بالمحبةِ، وبالإيمانِ، وبالرضا بالقضاءِ، “وَفِي الْآَخِرَةِ” بالغفران، وبالقربةِ باللقاءِ في دار البقاء.

(4) ولايةُ الله كفاية ونصرة:

“وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا” أَيْ: كَفَاكُمْ وَحَسْبُكُمْ بِاللَّهِ رَبِّكُمْ وَلِيًّا، يَلِيكُمْ وَيَلِي أُمُورَكُمْ بِالْحِيَاطَةِ لَكُمْ وَالْحِرَاسَةِ مِنْ أَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ أَعْدَاؤُكُمْ عَنْ دِينِكُمْ، أَوْ يَصُدُّوكُمْ عَنِ اتِّبَاعِ نَبِيِّكُمْ، وَحَسْبُكُمْ بِاللَّهِ نَاصِرًا لَكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ وَأَعْدَاءِ دِينِكُمْ, وَعَلَى مَنْ بَغَاكُمُ الْغَوَائِلَ, وَبَغَى دِينَكُمُ الْعِوَجَ، وفي بعض الآثار: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ابْنَ آدَمَ إِذَا ظُلِمْتَ فَاصْبِرْ، وَارْضَ بِنُصْرَتِي؛ فَإِنَّ نَصْرِي لَكَ خَيْرٌ مِنْ نُصْرَتِكَ لِنَفْسِكَ”.

(5) ولايةُ الله غوثٌ ونجدةٌ بعد الاستيئاس والقنوط:

“وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ” وقِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ وَقَنَطَ النَّاسُ. قَالَ: «مُطِرُوا إِذًا» وتلا هذه الآية.

وَالْقُنُوطُ لَيْسَ يَقِينًا أَنّ الْمَطَرَ لَا يَكُونُ، وَلَكِنّ الْيَأْسَ دَخَلَهُمْ حِينَ تَطَاوَلَ إبْطَاؤُهُ، فجاءهم بعد طولِ انتظارٍ، وهو كقوله تَعَالَى “حَتّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرّسُلُ وَظَنّوا أَنّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا”. فمهما تأخَّر النصرُ فهو آتٍ لا محالةَ لأوليائِه الذينَ يطلبونَ ولايتَه ونصرتَه في مواجهةِ الظلمِ والظالمين “لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ”.

وفي الجملة: ما خاب له وليٌّ، وما ربح له عدوٌّ، وهو سبحانه يُدَمَّرُ على أعدائِه تدميرا، ويُوَسِّعُ لأوليائه فضلا كبيرا.

فهل تتصوَّرُ بعد هذا أن يتخلَّى الرحمنُ عن أوليائِه إذا حقَّقُوا في واقعِهم معنى الولايةِ حقا؟.

اللهم اجعلْنَا من أهلِ ولايتِك، واسلُك بنا سبيلَ أهلِ طاعتِك، وأدخِلْنا في أهلِ رحمتِك، وعجِّل لنا بنُصْرتِك “وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا”.
———-
نقلاً عن “إخوان أون لاين”.

المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها