“ترقيع الدستور”.. صلاحيات مطلقة وزواج كاثوليكي بين السيسي والحكم

- ‎فيتقارير

تستهدف جريمة “ترقيع الدستور” التي يقوم بها ما يسمى بمجلس النواب حاليا تحت إشراف جهاز المخابرات العامة والأجهزة الأمنية توثيق عقد زواج كاثوليكي بين جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي وكرسي الحكم، فمعروف أن الزواج الكاثوليكي ينظر إليه على أنه “علاقة أبدية” لا تنتهي إلا بهلاك أحد الطرفين؛ حتى لو كانت العشرة بينهما مستحيلة، فما عقده الله لا يجوز للبشر أن يحلوه وفق تأويلات الكنيسة.

وتمضي عملية ترقيع الدستور حاليا وفق هذه الفلسفة (الزواج الكاثوليكي) التي تجعل العلاقة بين زعيم الانقلاب والرئاسة علاقة أبدية رغم أن السيسي اغتصب الرئاسة بقوة السلاح وعاشرها سفاحا بعد أن زج ببعلها المنتخب في ظلمات السجون بتهم ملفقة تعصف بها الحقائق والبراهين الدامغة.

صلاحيات مطلقة

السيسي فعليا يسيطر على جميع مفاصل الدولة التنفيذية والتشريعية بعد أن أشرفت أجهزته الأمنية على تشكيل برلمان صوري جيء فيه بالمتردية والنطيحة وأسافل الناس وأحقرهم أخلاقا، ثم سن تشريعات مشينة أدخلت السلطة القضائية في حظيرة السلطة وعصفت بما تبقى من مسحة استقلال. كما أمم الفضاء السياسي والإعلامي وصادر السياسة والاقتصاد ومنح الجيش صلاحيات واسعة جعلته يتغول ويلتهم الدولة سياسيا واقتصاديا وفي كافة المجالات.

السيسي حاليا يهيمن على كل شيء، صلاحياته هي ذاتها صلاحيات فرعون الطاغية الذي ضرب الله به مثلا وعبرة لكل الأمم والشعوب فهو بخلاف السيطرة على الحكومة والبرلمان والقضاء هو أيضا يمكنه إقالة الحكومة وإقالة وتعيين رؤساء الأجهزة الرقابية كما جرى مع هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يفترض أنه يمارس الرقابة على الأنشطة المالية للسيسي والحكومة، ويسيطر على هيئة الرقابة الإدارية التي جعلها عينه وجواسيسه على كل مؤسسات الدولة، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة والكسب غير المشروع وأيضا هو من يسيطر على قرارات المصارف والبنك المركزي والسياسات الصناعية والزراعية والتجارية بل إنه منح نفسه صلاحيات التنازل والتفريط عن التراب الوطني كما فعل مع جزيرتي “تيران وصنافير”.

أضف إلى ذلك أن السيسي بحكم التعديلات المقترحة سيكون هو المهمين الفعلي على جميع المحاكم وهو من يعين رؤسائها وبذلك يتحكم في تشكيل الدوائر ويعصف بكل معاني استقلال القضاء، وبعد التعديلات أيضا سيكون السيسي قد تزوج من كرسي الحكم زواجا كاثوليكيا إلى الأبد فإما أن يهلك أو تهلك مصر.

بهذه الصلاحيات المطلقة بات السيسي أكثر من رئيس أو زعيم انقلاب ليتحول إلى المرشد العسكري الأعلى الذي يحكم البلاد حكما ثيوقراطيا عسكريا مقدسا لا يجوز مسه بالنقد أو الاعتراض. فضلا عن محاسبته أو مساءلته؛ فمن هذا الذي يملك صلاحيات مساءلة المرشد العسكري الأعلى وإمبراطور مصر الجديد؟!

وكان الدكتور محمد البردعي قد انقد تعديلا الدستور في تغريدة له عبر تويتر: “ثار المصريون ضد نظام “أنا ربكم الأعلى” الذي يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات تناقض أي نظام ديمقراطي ويبقى في الحكم إلى أبد الآبدين. تعديل الدستور فى هذا الإتجاه إهانة لشعب قام بثورة لينتزع حريته وعودة سافرة إلى ما قبل يناير. لا نتعلم أبدا وفي كل مرة ندفع ثمنا باهظا يُرجعنا للوراء!”.

وأضاف في تغريدة آخرى: “إذا كان الهدف هو خلق نظام حكم مسخ، حتى من ناحية الشكل، يقوم على أن “الجميع من أجل واحد” و”الجيش فوق الجميع” فلماذا الإصرار على التمسك بأهداب “دولة القانون” التى واريناها التراب! لماذا لانعلنها صراحة أن السلطوية منهجنا والقمع أسلوبنا؟ نضحك على أنفسنا والكل يضحك علينا”.

مستبد فديكتاتور فطاغية

وبحسب الكاتب أنور الهواري، الذي كان أحد الداعمين لانقلاب الجيش على المسار الديمقراطي نكاية في الإخوان ومنح صوته في مسرحية 2014 للجنرال بحسب اعترافه، فإن السيسي مضى بتحولات ثلاثة من مستبد إلى ديكتاتور فطاغية، ويشرح ذلك في مقاله له بعنوان (مستبد فديكتاتور فطاغية) والمنشور الأحد الماضي على موقع الشبكة العربية، بأن السيسي في ولايته الأولى وتحت بند الضرورة جمع بين سلطتي التنفيذ والتشريع ثم هندس البرلمان علي مقاسه فاستمر قابضًا علي السلطتين، ولم يكتف بذلك، فأعاد هندسة المشهد العام بكامله ليكون عجينة لينة في قبضته من النقابات إلى ىالإعلام إلى الصحافة الي الأحزاب إلى المؤسسات الدينية، لم يترك شاردة ولا واردة إلا وقد وضعها بين أصابعه . وكانت هذه هي فترة الاستبداد الجلي الواضح المبين.

ويضيف الهواري أن السيسي في فترته الثانية، تحول من مجرد الاستبداد الي الديكتاتورية المطلقة، مدللا على ذلك بأنه منع المدنيين والعسكريين السابقين من الترشح إزاءه فيما أسماها بانتخابات الرئاسة، ثم في اللحظات الأخيرة، ومن باب استيفاء الشكل فقط، دفع بمرشح من أشد المؤيدين لينافسه في مشهد تمثيلي مثير للشفقة والرثاء والعجب والعتب والغضب، وقبل وأثناء وبعد الانتخابات استطاع أن يملأ مفاصل البلد بالخوف والرعب فأسكت كل الأصوات حتى همست ثم خشعت ثم خافت ثم خضعت ثم اتكتمت، مقرا أنه شارك في مسرحية 2018 أيضا لكنه أبطل صوته!

ويمضي الهواري مضيفاأن تعديل الدستور ، لو تم، وتخليد من وصفه بالسيد الرئيس في السلطة، لو تقرر، نكون قد انتقلنا إلى مرحلة جديدة، فبعد الاستبداد، ثم بعدالديكتاتورية، ننتقل إلي الطغيان، وهذا الطغيان يقوض أركان النظام الجمهوري، ويخلق نظاما ملكيا مستترا تحت لافتة الجمهورية، الملك فيه يحكم ويملك ويقبض بين أصابعه علي القرار والمصير معا، لايملك أحد له حسابا ولا نقدا ولاعتابا ولامساءلةً ولا مراحعةً فهو – وحده – صاحب النقض والإبرام. ويكشف الهواري أن هذا الاستفتاء إن تم سوف يشارك فيه بالتصويت بلا، دون أن يكشف عن مدى ثقته في هذا النظام الذي وصفه بأبشع الصفقات في إقامة استفتاء نزيه معلومة نتائجه مسبقا تماما كما جرت مسرحيات دستور 2014 ورئاستي 2014 و2018 ونواب 2015م