تأميم ساحة عابدين.. السيسي يصادر الأكسجين ويمنعه عن الغلابة

- ‎فيتقارير

“ممنوع الفسحة” شعار ترفعه سلطات العسكر ضد 100 مليون مصري، وتحت هذا الشعار تحولت الساحة الخارجية لقصر عابدين لمنطقة عسكرية محرمة على المصريين، بعد أن كانت من أسابيع قليلة متنفس للفقراء من أهالي وسط القاهرة، يخرجون إليها ليلا هربا من سخونة منازلهم الخراسانية، ويسهرون فيها حتى مطلع الفجر، يلعبون مع أبنائهم يسرقون بعض الضحكات وسط ظلمة الأيام، أطلق السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي العساكر تطوف بالساحة وتمنع أي أحد من دخولها أو الجلوس على النجيلة الخضراء.

وقبل أسابيع من انتهاء فصل الصيف وبداية الدراسة تحاول الأسر الفقيرة البحث عن أي وسيلة تخفف من أعباء الدمار الاقتصادي وارتفاع الأسعار، عدد قليل منهم استطاع بشق الأنفس السفر إلى المناطق الساحلية والبعض الآخر بدأ يبحث عن أماكن متاحة للخروج في أماكن قريبة في القاهرة.

سحق الغلابة

ولأنه لا أحد يقدر على هزيمة المصريين ولا حتى الانقلاب العسكري، ومهما كانت الظروف الصعبة من ارتفاع درجات الحرارة أو حتى الظروف الاقتصادية التي تسبب فيها غباء السفيه السيسي، تغاضى المصريون عن كل ذلك واستمتعوا بأوقاتهم بأقل مجهود وتكاليف بسيطة للغاية، فبعيدا عن خروجات الشباب في “الكافيهات” غالية الثمن، بدأت الكثير من الأسر في اصطحاب أولادهم إلى الحدائق الموجودة بالميادين الشهيرة في القاهرة، وكل ما يكلفهم في تلك الخروجة “ملاءة سرير” للجلوس عليها في الحديقة وبعض الطعام والتسالي لقضاء وقت لطيف بصحبة أقاربهم.

تقول إحدى السيدات: “دلوقتي علشان ننظم خروجة محتاجين ميزانية كبيرة لكن فى الميدان هنا كل اللي بنحتاجه ملاية نفرشها وأكل وأهو النيل جنبنا والمنظر جميل”.

ولكن رأي السفيه السيسي في ساحة ميدان عابدين كان مختلفا تماما؛ حيث إنه لا يريد للمصريين الراحة ولو بقدر قليل من السعادة، وحولت الأسر المصرية ساحة عابدين إلى “كورنيش إجباري” تجد فيه عددا كبيرا من الأسر جالسة والأطفال يلعبون بالدراجات والبالونات وكل أدوات المرح والفسحة، ولأن الشيء لزوم الشيء بالطبع، فإن تجمع الأسر كل يوم للتنزه في تلك الساحة شاسعة المساحة جعل من هذا المكان منطقة جذب للباعة المتجولين وبائعي لعب الأطفال، فبحسب ما ذكر أحد البائعين هناك “بنبيع هنا أكتر من الكورنيش”.

للأغنياء فقط

عيون العسكر الحاقدة كانت تراقب المكان من بعيد، وترى الأطفال فى كل مكان يجوبون يمينا ويسارا، يلعبون جميع الألعاب؛ في أحد الأركان البعيدة لساحة قصر عابدين بائع “التين الشوكي” وآخر “للذرة المشوي” وثالث يبيع “غزل البنات” وآخرون يفترشون الأرض يبيعون الكرات الملونة والبالونات والألعاب الأخرى التي تجذب الأطفال.

تتجول بالمكان لبعض الوقت حتى تجد مجموعة الأطفال هللوا فجأة، وقاموا بالتجمع حول شاب من الذين قضى الانقلاب على مستقبلهم، ويبدو من مظهره أنه فى العشرينيات من عمره، حاملاً صينية كبيرة عليها كل ما لذ وطاب من الحلوى، فتجذبك رائحة البقلاوة الطازجة نحو الشاب حتى تتعرف على حقيقة أمره، فهو أحد خريجي الخدمة الاجتماعية ولجأ لتلك المهنة بعدما أغلق السفيه السيسي أمامه كل فرصة للتوظيف أو العمل، فقام بعمل تلك الحلوى بالجهود الذاتية ومهارته في الطبخ في منزله، ليبيعها في ميدان عابدين مستغلاً التجمع الكبير للأسر يوميا، من بعد المغرب وحتى بعد الفجر في الكثير من الأحيان.

تطلق عيناك بعيدا لترى أحد الشباب من الذين قضى الانقلاب على أحلامهم، والذي اعتبر ساحة الميدان أنسب مكان ليقوم بعمل مشروع بسيط أثناء سنوات دراسته، فيأتي بعد العصر كل يوم إلى ساحة الميدان ويقوم برص العجل والأسكوترات بالأشكال المختلفة والأحجام المتنوعة التي تناسب جميع أعمار الأطفال.