عيد العمال السادس في عهد العسكر.. سنوات من القمع والمحاكمات العسكرية

- ‎فيتقارير

يحتفل عمال مصر بالعيد السادس لهم تحت حكم عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، وسط أزمات مالية وإدارية حوّلت العمال في مصر إلى متسولين لحقوقهم، وهو ما ظهر جليًّا عبر الاحتجاجات والتظاهرات التي يطالبون عبرها بزيادة الرواتب والحصول على المكافآت المقررة لهم.

ووثّقت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، العديد من الانتهاكات بحق العمال في عهد قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، وتمثّلت أبرز الانتهاكات في عدم اعتراف نظام الانقلاب بالنقابات العمالية المستقلة، بجانب الفصل التعسفي للعمال والحرمان من حقوقهم المالية، وقمع الإضرابات العمالية ومواجهتها بالقوة، ومحاكمة عمال الترسانة بالإسكندرية أمام محكمة عسكرية بتهمة الإضراب عن العمل، ورفع الدعم عن السلع الأساسية على الرغم من ضعف الرواتب وتدني الأجور.

واستخدم الانقلاب العسكري كل الوسائل لمواجهة الاتحادات العمالية، بداية بالقمع ومرورًا بالفصل عن العمل وانتهاء بالمحاكمات العسكرية، كما حدث مع عمال الترسانة البحرية، وأخضع القانون رقم 138 لسنة 2010 العمال المدنيين في هيئة الإنتاج الحربي للمحاكمات العسكرية، والذي يعاقب بالحبس والغرامة كل من قام بعمل وقفة أو نشاط ترتب عليه منع وتعطل العمل، وكذلك كل من حرض أو دعا أو روّج بالقول أو بالكتابة أو بأي طريقة من الطرق العلانية لهذه الأعمال.

وكانت نتيجة ذلك إحالة 8 عمال من شركة حلوان للصناعات الهندسية “99 الحربى سابقا”، في 2010 للمحاكمات العسكرية، وساعد على ذلك قانون 34 لسنة 2011 والشهير بقانون تجريم الاحتجاجات، والمادة 204 من الدستور الحالي، في استمرار هذه المحاكمات حتى الآن.

واستخدمت الإدارات سلاح الوقف عن العمل والفصل للقيادات العمالية، وتلفيق قضايا التحريض على الإضراب والانضمام للجماعة الإرهابية لمئات العمال؛ لمواجهة الاحتجاجات العمالية التي وصلت في الربع الأول من العام 2015 إلى 1655 احتجاجًا، وفق تقرير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

هذه الإجراءات وغيرها دفعت الكيانات النقابية المستقلة، ومن بينها حملة “نحو قانون عادل للعمل”، “ودار الخدمات النقابية والعمالية” ونقابات نوعية مستقلة كالبريد المصري، والعاملين بالموانئ المصرية، والمعلمين المستقلة، للمطالبة بضرورة إعادة النظر في انتخابات اتحاد العمال العام، ومناقشة وإقرار قانون الحريات النقابية الذي يكفل للعمال حق إنشائهم كيانات تُطالب بحقوقهم وتُدافع عنهم، كما طالبوا بإلغاء التشريعات التي من شأنها تجيز إحالة العمال المدنيين للمحاكمات العسكرية كالقوانين السالف ذكرها، والعمل على تعديل تفسير المادة 204 من الدستور الحالي التي تجيز إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية.

إغلاق 7 آلاف مصنع

وشهدت السنوات الماضية إغلاق ما يقرب من 8222 مصنعًا مغلقًا خلال السنوات الماضية، بينما أشارت دراسة أخرى لاتحاد المستثمرين إلى وجود 1500 مصنع مُتعثّر، إلا أن أحدث التقارير الصادرة بهذا الشأن هو ما صدر عن اتحاد الصناعات، والذي قدَّر عدد المصانع المغلقة في جميع محافظات مصر بنحو 7 آلاف مصنع.

التقرير رصد أن غلق هذه الأعداد من المصانع تسبَّب في تشريد ما يقرب من مليوني أسرة بعد أن فقدوا المصدر الأساسي وربما الوحيد للدخل، إضافة إلى تسبُّب غلق هذه المنافذ الصناعية الكبيرة في إهدار استثمارات تُقدَّر بنحو 35 مليار جنيه (ملياري دولار).

الاحتجاجات

كشف تقرير للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عن أن القطاع الحكومي شكل أكثر الجهات العمالية احتجاجًا، إذ مثلت الاحتجاجات العمالية في القطاع الحكومي 63٪ في  عام 2014 و69٪ في الربع الأول من عام 2015 من إجمالي الاحتجاجات العمالية، التي بلغت 1655 احتجاجًا عام 2015، ووصلت إلى 267 احتجاجًا في الربع الأول من 2015.

من بين أهم حالات الاحتجاج في أبريل 2014، ما وقع في شركة نايل لنين جروب، المملوكة للمستثمر سعيد أحمد، رئيس المجلس التصديري للمفروشات المنزلية، فبعد أن قامت الشركة بتخفيض نسبة توزيع الأرباح أكثر من 50% عن العام المالي السابق، أصبح نصيب العامل 2180 جنيها مصريًا (285 دولارا أمريكيًّا) في مقابل 5000 جنيه مصري (655 دولارا أميركيًّا) للعامل فى العام السابق، مما اضطر محمد السيد وإسلام رمضان، العاملَين بالشركة، إلى تأسيس صفحة إلكترونية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، للتعبير عن مظالم العُمال والأوضاع السيئة.

القبضة الأمنية

تصاعد الاحتجاجات العمالية خلال العام الماضي، دفع وزارة القوى العاملة إلى استخدام قوات الأمن كوسيلة لفض الاعتصامات، كما جرى في وقائع متعددة أبرزها فض اعتصام أصحاب المعاشات، وعمال شركة “الصناعات الهندسية بشبرا الخيمة” أمام مجلس الوزراء، واعتصام عمال شركة وبريات سمنود، وعمال “طنطا للكتان”.

وتأتي واقعة اعتقال قوات الشرطة لــ28 عاملا من الأوقاف، كأبرز وقائع الاعتقال التعسفي للعمال خلال حكم عهد السيسي، إذ قامت قوات الأمن المركزي بعملية اعتقال عشوائي لمئات العاملين بمساجد الإسكندرية المحتجين على تدني رواتبهم، وذلك بعد تفريق وقفتهم الاحتجاجية أمام وزارة الأوقاف، ليتم تجديد الحبس لهم واعتقالهم على ذمة القضية.

ووثقت تقارير عمالية فصل 820 عاملا، منهم 100 حالة اعتقال، تنوعت التهم ما بين الدعوة إلى الإضراب عن العمل والانتماء إلى جماعة إرهابية خلال الفترة منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم، منذ يونيو 2014 حتى مايو 2015.