من أعان ظالما سلطه الله عليه.. منع المدخلي «سعيد رسلان» من الخطابة

- ‎فيسوشيال

في ترجمة للحكمة الشهيرة «من أعان ظالما سلطه الله عليه»، منعت وزارة الأوقاف بحكومة الانقلاب  محمد سعيد رسلان من الخطابة وإلقاء الدروس الدينية بالمساجد؛ ما أثار  كثيرا من علامات الاستفهام لأن رسلان أحد المحسوبين الكبار على الأمن الوطني الذي طالما يوظفه في الهجوم والتطاول على جماعة الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية المعتدلة المعارضة لنظام الحكم العسكري الاستبدادي.

وظهر الوهن واضحاً على صوت رسلان في خطبته الأخيرة بمسجد “سبك الأحد” بمركز أشمون في محافظة المنوفية،  شاكيا ما يتعرض له من ظلم قائلاً في نقله عن إحدى روايات الأثر: “لقد قهرونا، وظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا. رجاؤنا ألا نُظلم عندك أيها الملك”، موجهاً رسائل متفرقة عن التقصير في فهم الدين، والتطلع نحو نظم مستوردة من الخارج”.

وينتمي “رسلان”  إلى السلفية المدخلية التي أسسها السعودي ربيع بن هادي المدخلي على أعين أجهزة المخابرات السعودية، التي توظف هذا التيار   في خدمة أهدافها وتكريس قبضتها السلطوية على الحكم عبر  قراءة شديدة التعسف للنصوص الدينية ولي أعناقها من أجل الترويج لأفكار الطاعة العمياء للحكام حتى لو كانوا ظالمين مستبدين.

واشتهر  رسلان الذي انطلق  من مدينة أشمون من المحافظة المثيرة للجدل “المنوفية”  بالدعم والتأييد المطلق للانقلاب الذي قاده الجنرال الطاغية عبدالفتاح السيسي ضد أول رئيس مدني منتخب بإرادة الشعب الحرة في تاريخ مصر، وبرر  رسلان وأنصاره  جرائم النظام العسكري؛  واعتبر  المعتصمين في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر  وجميع الميادين “خوارج”، كما اشتهر  “رسلان” بالهجوم الضاري على جماعة الإخوان المسلمين، كبرى الحركات الإسلامية والشعبية في مصر والعالم” كما يهاجم كل من يعارض النظام رافضا فكرة المعارضة من الأساس وأن الحاكم لا ينازعه في الملك أحد وإلا اعتبر خارجا على الأمة!

وقالت وزارة الأوقاف، في بيان رسمي، إن “رسلان خالف تعليماتها المتصلة بشأن خطبة الجمعة، والمتعلقة بالالتزام بنص الخطبة، أو بجوهرها على أقل تقدير، مع الالتزام بضابط الوقت ما بين 15 إلى 20 دقيقة كحد أقصى”، مشيرة إلى أنها واثقة من سعة أفق المشايخ العلمي والفكري، وفهمهم المستنير للدين، وتفهمهم لما تقتضيه طبيعة المرحلة من ضبط للخطاب الدعوي.

وشدد البيان على استبعاد أي خطيب لا يلتزم بالتعليمات، وأنه لا أحد فوق القانون أو المحاسبة، مشيرا إلى تكليف وكيل الوزارة بأوقاف المنوفية، الشيخ أحمد عبد المؤمن، بأداء خطبة يوم الجمعة المقبل بالمسجد الذي كان يخطب فيه رسلان، مع تعيين إمامين متميزين له، وهو المسجد الذي يسيطر عليه الأخير ومريدوه منذ قرابة 15 عاماً. مضيفاً: “لن نسمح لأحد بالتجاوز في حق المنبر، أو مخالفة تعليمات الوزارة، أو الخروج على المنهج الوسطي، أو اتخاذ المسجد لنشر أفكار لا تتسق وصحيح الإسلام”.

من جهته، قرر وزير الأوقاف المصري، مختار جمعة، إعفاء أي قيادة، مهما كان مستواها الوظيفي داخل الوزارة، إذا ثبت تمكينها لشخص غير مصرح له بالخطابة من صعود المنبر، أو تقصيرها في العمل على منعه، معتبراً الأمر “قضية أمن ديني وقومي، وإعلاء شأن دولة القانون، ولا يمكن التسامح فيه”.

وتظهر مقاطع الفيديو المتداولة عن رسلان تحفيزه المواطنين على انتخاب السيسي دون غيره، بزعم أن “ولي الأمر لا يُنازع في مقامه، ولا منصبه الذي بوّأه الله إياه، ولا مجال مطلقاً في أن ينافس عليه، بل هو باق فيه إلا إذا وقع عارض من موانع الأهلية”.

ونافق رسلان السيسي في مقطع مصور، بالقول: “الدولة محددة برأسها، ورئيسها، والذي لا يقول عن كذب أو مبالغة، ويقول عن رؤية وبصيرة وواقع يعلمه علم اليقين. ومن أساسيات الأمن القومي ألا يصرح بتفاصيله، وأن يفهم صاحب كل عقل أن الدولة مهددة، والمؤامرة عُطلت، ولكنها لم تحبط، وماضية. وتتجمع خيوطها مجدداً، والمصريون لا يبالون”.

وأظهرت وثائق جهاز “أمن الدولة” التابع لوزارة الداخلية المصرية، المسربة عقب اندلاع ثورة يناير 2011، أن الجهاز الأمني كان داعماً لرسلان باعتباره مفيداً لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، في حين وظفت الأجهزة الأمنية رسلان لاحقاً في حملات التشويه الممنهجة ضد الرئيس  محمد مرسي، بغرض إسقاط حكمه.

وحرض رسلان أنصاره على العمل مع الأجهزة الأمنية الإبلاغ فورا عن أي معارض لنظام السيسي واعتبر ذلك عملا  يتقربون به إلى الله ويؤكدون وطنيتهم المخلصة للبلاد!. وطالب بالانتقام والتنكيل بكل من يعارض  السيسي وجعلهم عبرة للآخرين.

ولد محمد سعيد رسلان في العام 1955 بقرية “سبك الأحد” بمحافظة المنوفية، وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الأزهر، وليسانس الآداب قسم اللغة العربية (شعبة الدراسات الإسلامية)، ودرجة الماجستير في علم الحديث عن بحث “ضوابط الرواية عند المُحدِّثين”، واشتهر عنه تأييده للطغاة العرب، ومعارضته لثورات الربيع العربي، واعتبارها خروجاً على الحاكم، فضلاً عن معاداته لجماعة الإخوان، ووصف أنصارها في خطبه بـ”خوارج العصر”.