هل لا يزال الأقباط يؤيدون العسكر؟!

- ‎فيمقالات

 

بقلم: عامر شماخ

 

أحد جيرانى الأقباط لفت نظرى لخدعة مُحكمة جرت فى الكاتدرائية أثناء زيارة قائد الانقلاب للتهنئة بعيد الميلاد. قال: أما ما سمعته من تهليل وتأييد وصفير للمعتوه فلم يكن سوى تغطية لما وراء الصفوف الأولى التى أعدت بعناية لهذه المهمة، أما الأقباط الحقيقيون فهم من كانوا فى الصفوف الوسطى والأخيرة، وهم من هتفوا ضده، ونعتوه بالقاتل، بل منهم من رفع فى وجهه إشارة رابعة، وكانت الصفوف الأولى التى دُربت على عين الكنيسة والأمن جاهزة لإفساد هذه الحقيقة التى يعيها الأقباط، إلا طائفة منافقة -على حد قوله- كما هى عند المسلمين.

– لكن يا فلان أقابل إخوة لكم، وهؤلاء جميعًا على قلب رجل واحد؛ يدعمون العسكر، ويتهمون الإخوان، ويرون فى هذا المضطرب مخلصًا كأنه يسوع؟

– هؤلاء هم حزب الكنبة، الجهلة الذين لا يبحثون إلا عن مورد رزقهم، واستقرار معيشتهم، ولا يهمهم أمر بلد أو دين.

– لكن قادة الكنيسة ومطارنتها وقسيسها مع هذا النظام بل شاركوه منذ اللحظة الأولى الإطاحة بأول رئيس منتخب، ووافقوه على إسالة الدماء وهتك الأعراض، ولا يزالون- كما ترى- يمدحونه ويرسلون مندوبيهم إلى الخارج لتأييده، كما لا يخفى عليك تلك المظاهرات القبطية الداعمة للمجرم أثناء زياراته لدول الغرب؟

– ليس كل القادة عندنا كما تظن راضين عن هذا النظام، بل جماعة منهم، وهم الذين يتصدرون المشهد، ويمارسون الاستبداد الدينى، ويمنعون كل صوت إصلاحى؛ يفعلون ذلك للحفاظ على النعيم الذي يتمرغون فيه، تمامًا كما يفعل العسكر، ولا يفكرون فى ترك مناصبهم ولو دمر البلد عن آخره، أما غالبية القادة فهم واعون، مثل شعبهم، يدركون أن الذين قتلوا أبناءهم هم العسكر، ولا زالت دماء ماسبيرو والبطرسية وما جرى فى القديسين وغيرها عالقة فى أذهان الجميع، ولن تمحى إلا بالقصاص.

– وهل أدركتم هذه الحقيقة مؤخرًا؟

– كنا مخدوعين كما خُدعتم، لكن للحق كان من بيننا -منذ عام 1952- من ينبه إلى خطورة العسكر، لكن بعد الثورة وضحت الأمور، لقد مرت أيام 25 يناير فلم نر شيئًا مما كانوا يحذروننا منه، فلم تمس كنيسة، ولم نتعرض لإرهاب كما كانوا يزعمون، بل كنا شركاء لإخوتنا المسلمين، وكذلك لما حكم الإخوان؛ فلم نر منهم أى إساءة، فلم يدهس الأقباط فى تلك السنة كما دهسوا أمام ماسبيرو، ولم تفجر لهم كنائس كما وقع فى القديسين والبطرسية، والناس كانوا أحن علينا من إخوتنا فى الدين.

– لكنكم من خرجتم عليهم فى 30 يونيو بأعداد كثيفة، ورصدتم لهذا الأمر ما رصدتم، وأعددتم له ما أعددتم؟

– يعلم الله أن كل هذا كان من إعداد قادة الكنيسة، أما الذين خرجوا فهم من على شاكلة المسلمين الذين خرجوا فى هذا اليوم، مخدوعين بقادتهم من جهة، وبوسائل الإعلام وأباطيل الدولة العميقة من جهة أخرى، لكن لو سألت أين هؤلاء الآن لقلت لك إن غالبيتهم فهموا الوضع، وأدركوا الحقيقة، وهم من تظاهروا عقب تفجير البطرسية، واعتدوا على إعلاميى النظام، ولو كانوا يؤيدونهم كما تظن فما الذى يدفعهم إلى مطاردة هؤلاء الكذابين وضربهم.

– أفهم أنكم لا تؤيدون العسكر، وأنكم غير سعداء تحت ظل هذا النظام رغم أنه ضامن بألا يكون هناك من يستعيدون مظاهر الحكم الإسلامى؟

– عقلاء الأقباط ونخبهم الواعية يعلمون تمامًا أن العيش تحت ظل إسلامى رشيد أحسن ألف مرة من حكم هؤلاء؛ إذ العدل هو الحاكم، والإنسان تحت الحكم العادل لا يخشى على دينه أو عرضه أو ماله، إنما يخشى عليها لو ساد الظلم والاستبداد ولو كان الحاكم واحدًا من أبناء ملتك، فما بالك إذا كان سافكًا لدمك ومن غير ملتك، وهذا ما يتحقق فى العسكر بدون شك..

– فما الحل فى قادة الكنيسة وفى قطاع الأقباط الذين يؤيدون هذا النظام؟

– الحل فى الثورة على الجميع، وهذا -بالمناسبة- ما يقوم به الشباب عندنا، والحل أيضًا فى الوحدة؛ إذ لا ثورة حقيقية إلا بتلك الوحدة، خصوصًا أن الأهداف واحدة، والبلد واحد، والسارق لا على خلاف عليه.

——————————————————
* الآراء المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "بوابة الحرية والعدالة"

المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها