جمال خاشقجي.. هل يكون القشة التي تقصم ظهر ابن سلمان؟!

- ‎فيتقارير

يبدو أن عاصفة قوية تضرب المملكة العربية السعودية والنظام الملكي، من جديد، بعد اختفاء الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، والحديث عن مقتله بعد دخوله القنصلية السعودية بتركيا، حيث بدأت الانشقاقات تعود من جديد، بعد سياسة الغدر التي أنتهجها ولي العهد محمد بن سليمان للوصول للحكم، على حساب باقي أفراد العائلة المالكة، وفي ظل سياسة القتل والاعتقال التي يعتمد عليها لإخراس الألسنة.

ويتزامن حادث اختفاء الكاتب الصحفي جمال خاشقجي مع حالة الغليان التي تمر بها المملكة، في ظل إجراءات القمع السعودية، فضلا عن الفضائح الخارجية التي تمر بها المملكة، وتمثلت في تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للنظام السعودية، بان عليهم أن يدفعوا ثمن الحماية الأمريكية، وأن الطائرات السعودية لن تصمد أسبوعين إذا رفعت الولايات المتحدة الأمريكية يدها عن حماية النظام السعودي.

وكشفت تقارير صحفية أن خاشقجي ليس أول سعودي منفي يقتل، وأشارت لحادث ناصر السعدي، الذي اختفى من العاصمة اللبنانية بيروت في عام 1979 ولم يُرَ بعد ذلك، أو اختطاف الأمير سلطان بن تركي من مدينة جنيف السويسرية في عام 2003. وأيضا اختفاء الأمير تركي بن بندر آل سعود، الذي تقدم بطلب اللجوء السياسي في فرنسا، في عام 2015. واللواء علي القحطاني، الضابط في الحرس الوطني السعودي، الذي مات أثناء وجوده في الحجز، وظهرت عليه علامات تعذيب بما في ذلك رقبته التي بدت ملتوية، وجسمه المتورم للغاية، والأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز وكثيرون غيرهم.

وكشفت صحيفة “ميدل إيست آي ” البريطانية، أن الآلاف يقبعون في السجون وآخرون قُتلوا، حتى أن منظمة “هيومن رايتس ووتش” كشفت العشرات من جرائم التعذيب في السعودية، منها أحد كبار رجال الأعمال عُلِّق من قدميه عارياً وتعرَّض للتعذيب. ولم يسمع عنه شيء منذ ذلك الحين، كما أن منشور واحد على مواقع التواصل الاجتماعي يكفي لتموت.

في الوقت الذي تنتشر فيه جرائم النظام السعودي في اليمن، حيث تلقي طائرة سعودية قنبلة أمريكية الصنع على حافلة مدرسية في اليمن لتقتل 40 طفلاً و11 شخصاً بالغاً في رحلة مدرسية.

فيما يعتمد محمد بن سلمان على الذباب الإلكتروني لتحسين صورته أمام العالم، وحتى قبل انتشار أخبار القتل المفترض لخاشقجي، كانوا يفتخرون بمصير الرجل الذي كانوا يعتبرونه خائناً. إذ غرد فيصل الشهراني على تويتر قائلاً: «تغادر بلدك بغرور.. فنعيدك مذلولاً». ولم يحاول أحد المتصيدين الموالين للنظام حتى أن يخفي ما حدث في القنصلية. وأرسل الأمير خالد بن عبد الله السعيد رسالةً إلى منشقٍ سعودي آخر قال فيها: «ألا تريد المرور بالقنصلية السعودية؟ إنَّهم يريدون الحديث معك وجها لوجه”.

 

مليارات بن سلمان ذهبت في الفضاء

ويواجه محمد بن سلمان حربا مستعرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد الكشف عن وجهه الحقيقي، حيث بدأت حوادث الانشقاقات في السعودية من جديد، بعد أن تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيدوهات لمسئولين سعوديين يعلنون هروبهم خارج المملكة، ويؤكدون تبرؤهم من انتهاكات نظام محمد بن سلمان.

كما ذهبت الملايين التي دفعها ولي العهد السعودي لشركات العلاقات العامة من أجل صقل صورته في الغرب باعتباره «مصلحاً نشطاً» سدىً على خلفية جريمة قتل نُفذّت وكأنها مشهد من لب الخيال.

وقالت تقارير صحفي إن ربما محمد بن سلمان سيدفع هو أيضا الثمن، عندما يمتص ردة فعل وسائل الإعلام في واشنطن. حتى أن الأمريكيين الذين لا يكترثون بتاتاً بشأن السعودية غدوا يعرفون الآن من هو جمال خاشقجي.

وتحدث مسئولان كبيران في الإدارة الأمريكية بشأن الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي، على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تقول أي شيء علناً في الوقت الراهن، فإن الحكومة الأمريكية تعمل بهدوء في قضية الصحفي المفقود جمال خاشقجي عبر عدة وكالات وعلى مستويات الإدارة العليا.

وأفاد المسئولان بأن الإدارة ليس لديها معلومات يمكن التحقق منها لتأكيد تصريحات الحكومة التركية، لكن الولايات المتحدة تسعى للحصول على إجابات حول مكان خاشقجي (المقيم الدائم في الولايات المتحدة)، والتحدث إلى المستويات العليا من الحكومة السعودية.

وكانت “رويترز” نقلت عن مسئولين تركيين: إن “التقييم الأولي للشرطة التركية هو أن خاشقجي قُتل في القنصلية السعودية في إسطنبول. نعتقد أن القتل متعمد وأن الجثمان نقل إلى خارج القنصلية”. ولم يذكر المصدران كيف يعتقدان أن عملية القتل قد تمت. كما نشرت صحيفة “واشنطن بوست الأمريكية تقريرا مماثلا نقلا عن مصادر تركية لم تكشف عنها أيضا.

وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن حكومة بلاده تنتظر نتائج التحقيق بقضية اختفاء جمال خاشقجي، مشيرا إلى أنه ما زال يحسن “النية” بشأن الأسباب التي أدت لاختفاء الصحفي السعودي، وفقا لوكالة الأناضول التركية.

وقال المحلل سايمون هاندرسون، مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة بمعهد واشنطن، إن “العالم مصدوم، فالقضية اليوم أكبر من ثنائية سعودية- تركية”.

وأضاف هاندرسون: “حتى إذا لم يتم تأكيد التورُّط السعودي بنسبة 100%، فسوف يجد محمد بن سلمان نفسه مضطراً للإجابة عن الكثير من الأسئلة من قادة العالم الآخرين».

وتابع «من الواضح أن ولي العهد السعودي لم يأخذ بعين الاعتبار الآثار المحتملة لهذه الخطوة على واشنطن؛ حيث كان يعيش خاشقجي، فهو يريد استثمارات غربية ويحتاج إليها، أما المستثمرون فيرحّبون بحكومة قوية، لكنهم لا يحبون عدم القدرة على التنبؤ، وأي شيء قد يزعج حملة الأسهم”.

فيما قال ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع ” ميدل إيست آي” أن تهور بن سلمان يُبدد أسطورة العلاقات العامة التي صُرِف عليها جيداً،والتي ورَّطت صحافيين أمثال توماس فريدمان، الصحفي بصحيفة “نيويرك تايمز” وديفيد إغناتيوس زميل جمال بصحيفة” واشنطن بوست”، اللذين أشادا بمحمد بن سلمان باعتباره مُصلِحا.

وقال إنَ ولي العهد السعودي كان يُقدِّم لبلاده «علاجاً بالصدمة». مؤكدا أنَّ محمد بن سلمان صادِمٌ فعلاً، لكنَّه ليس طبيباً نفسياً، بل شخصاً انتقامياً؛ فهو يحمل الضغائن، ومتصلبٌ لأقصى حدٍّ. وهو بالقطع لا يحمل أي احترام لسيادة أي دولة أخرى أو أراضيها أو محاكمها أو إعلامها. إنَّه متهور، وفكرة أنَّه تعيَّن عليه فعل هذا العمل الجريء في إسطنبول، فوق الأراضي التركية، مقياسٌ لمدى تهور ولي العهد السعودي والدائرة الضيقة المحيطة به.

وبحسب هيرست فإن العلاقات بين السعودية وتركيا تتدهور باطراد منذ المحاولة الانقلابية على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل عامين.