تداول رواد موقع “فيسبوك” صورًا لنفق مركز تجاري شهير بالتجمع الخامس “كايرو فستيفال” بعد انهيار أسقفه بفعل الإهمال من عصابة الانقلاب وعدم وجود شبكة صرف صحي لتصريف الأمطار، وأظهرت الصور انهيار سقف النفق المؤدي للجراج داخل المركز وانهمار المياه المتدفقة كالسيول وانهيار الجدران نتيجة اندفاع المياه.
وسبق “المرحوم نفق كايرو فيستيفال”، كما وصفه نشطاء، انهيار أحد أسقف الممرات داخل مول “كارفور” المعادى وسط ذعر رواد المول، وقامت سلطات الانقلاب بإخلاء المواطنين والعاملين وفصل الكهرباء عن المول، وأعادت تلك الحوادث الحديث عن مشاريع إنشاء الجسور والطرق التي تحولت من كونها “إنجازا” تفخر به عصابة العسكر، وتقدمه إلى الشعب كأحد أهم مسوغات نجاح السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إلى مادة مثيرة للغضب والتذمر أحيانا، والسخرية والنقد أحيانا أخرى.
ولم يلتفت السفيه السيسي خلال احتفالية تدشين رؤية مصر 2030 إلى ما شهدته جسور وطرق تم إنشاؤها مؤخرا من تشقق وتصدع بشكل غير مسبوق، وتباهى بالانتهاء من 133 جسرا خلال عشرين شهرا، قائلا “لازم المواطن يحس أنه معزز في وطنه”.
ويرى الكاتب الصحفي أحمد القاعود أن هذه الكوارث سببها هرولة الجيش بسرعة كبيرة نحو التحول لشركة ضخمة تسيطر على الطرق والمقاولات ومختلف القطاعات، كأنه مقاول فاسد يريد أن ينهب الشعب بأي طريقة قبل تركه، وتابع أن هذه الظاهرة مرعبة؛ ففضلا عن أنها تعرض المواطنين للموت والخطر فإنها تدمر البنية التحتية لمصر، وتترك تراكما قبيحا من الفساد الذى سيكلف إصلاحه أضعاف إنتاجه صحيحا من أول مرة.
إهمال وفساد
هذا الشعور عبّر عنه المواطن حسن سلامه -وهو موظف يتطلب عمله السفر عبر إحدى الطرق التي شهدت انهيار أحد الجسور منذ شهرين جسر قليوب :”لم يعد الغلبان يأمن على حياته ويشعر بأي قيمة لذاته بسبب هذا الإهمال والفساد”، وأضاف أن “الفساد الذي أصبحنا نلمسه في كل مناحي الحياة بمصر يجعلنا لا نستغرب هذه الكوارث رغم تزايدها، وقريبا ستنهار هذه المنظومة الفاسدة كما تسببت في انهيار هذه الكباري”.
الحديث عن خطورة انهيار الكباري فى مصر أمر ليس جديدا، فسقوط عدد منها على مدار سنوات الانقلاب الماضية كان يدق ناقوس الخطر لحكومات العسكر المتعاقبة إيذانا بكارثة محققة فى ظل إهمال صيانة أغلبها وعدم علاج العيوب الموجودة فى بعضها.
ويبلغ عدد الكبارى فى مصر 1704 كبارى، توزعت مسئوليتها فى سنوات الانقلاب الخمسة الماضية بين الهيئة العامة للطرق والكبارى والمحليات فى المحافظات، فكلما تم فتح ملف صيانتها تلقى كل جهة المسئولية على الاخرى، فى ظل الإعلان الدائم لكل الجهات بعدم وجود موارد مادية كافية لصيانة كافة الكبارى.
وعلى الرغم من أن ميزانية الهيئة التي يديرها جنرالات متقاعدين من الجيش تصل إلى 2 مليار و750 مليون جنيه سنويا، إلا أنه وفقا لدراسة سابقة صادرة عن البنك الدولى بالاشتراك مع المعهد القومى للنقل فى مايو الماضى، فإن هيئة الطرق والكبارى أحد الأسباب الرئيسية لأزمة المرور بالقاهرة بالكبرى، نتيجة تراجع استثمارها فى الطرق وتجاهلها توسيع شبكة الطرق رغم تزايد أعداد السيارات بشكل مستمر، وتنفيذ الطرق بشكل غير مطابقة للمواصفات العالمية.
استحواذ الجيش
ولاحظ مراقبون استحواذ الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على معظم المشاريع القومية والطرق والكبارى بالبلاد، منذ الفترة التى تلت الانقلاب العسكرى على الشرعية مباشرة، وكانت النتائج فى بعض المشاريع إما انهيارات أرضية على الطرق، أو انهيار الكبارى قبل أو بعد افتتاحها واستمرارًا لتلك الانهيارات، أصيب الكوبري الجديد بمدينة طهطا بمحافظة سوهاج، بشروخ وتشققات تنذر بكارثة مستقبلية، رغم أنه لم يتم افتتاحه حتى الآن.
وفي هذا السياق، تشير الإحصاءات التي أصدرتها وزارة النقل بحكومة العسكر في فبراير الماضي، إلى أن 40 % من كباري مصر تخطى عمرها الافتراضى ومضى عليها نصف قرن.
وأكدت الوزارة وجود 700 كوبرى معرض للانهيار، بسبب الحمولة الزائدة وإهمال الصيانة، وذلك بناء على تقرير هيئة التعاون الدولى اليابانية (الجايكــا) بعد اعداد برنامج فحص وإدارة صيانة الكبارى في مصر”.
ومن الكباري التي انهارت، كوبري المحلة – كفر الشيخ، الذي انهار مؤخرًا، جزء منه، أمام قرية نمرة البصل دائرة مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، من ارتفاع 8 أمتار، وذلك، رغم عدم استلامه رسميا؛ حيث سقط “الدبش” على 6 منازل أسفل الكوبرى، ما تسبب في إصابة عدد من المواطنين.
وجاء ذلك بعد مرور شهر على انهيار كوبري جامعة سوهاج قبل تشغيله، وانهيار جزئى بكوبرى الجامعة الجديد، وذلك عقب تشغيله فقط بـ7 أشهر أمام السيارات وطلاب الجامعة، وبلغت مساحة الهبوط نحو 70 متراً تقريبا، جاء ذلك بعد أن نسيت الشركة المنفذة وضع الخوازيق أسفل الكوبري.
انهيارات وقتل للمصريين
وفي فبراير 2015، انهار كوبري علوي تحت التأسيس، عند كمين الروس بمنطقة كوم أبوراضي، التابعة لمركز الواسطي بمحافظة بني سويف، وتسبب انهيار الكوبري في انهيار “الشدة المعدنية” اللازمة لأعمال الصب، وكان السبب في انهيار الكوبري، أن المواد المستخدمة ليست بالمواصفات المطلوبة والمعتمدة في إنشاء الكباري، رغم تكلفة وصلت 80 مليون جنيه.
وفي أبريل 2016، انهار جزء من كوبري المنيل على طريق المنصورة – جمصة، على الرغم من أنه لم يمر على بنائه سوى أشهر قليلة، ما أدى لانقلاب ثلاث سيارات أثناء المرور عليه، وكشفت التحقيقات الأولية عن وجود مخالفات كبيرة وأخطاء هندسية في عملية البناء، إضافة إلى وجود أخطاء في التصميم.
كما انهار كوبري المشاة أمام سوق العبور في أبريل 2013، ما أسفر عن وفاة 4 أفراد، وإصابة 12 من ركاب أحد الميكروباصات، أثناء مرورهم أسفل الكوبري وقتها، وهو الذي كانت تقوم بتنفيذه إحدى الشركات المدنية تحت إشراف القوات المسلحة.
ومع عسكرة الدولة، تحول الجيش لسمسار ، يأخذ المقاولات الحكومية ثم يسندها لمقاولين من الباطن، محصلا نسبته من الأرباح قبل أن تبدأ المشروعات، تاركا المسؤولية على الشركة المنفذة التي تريد تعويض ما دفعته من الباطن للسمسار”الجيش”، فتتلاعب في المواصفات وهو ما يتسبب في أن تخسر مصر مليارات، لكي ينعم الجيش بشركاته ومقاولاته.