دماء جديدة للمصريين خرجت فى المظاهرات.. الدلائل والأسباب

- ‎فيتقارير

ضخت المظاهرات التى خرجت فى محافظات مصر دماءً جديدة فى شرايين الشعب المصرى، حيث خرج الآلاف معبّرين عن سخطهم إزاء استمرار حكم العسكر الذى أتى على الأخضر واليابس، ففي الوقت الذى يدّعى فيه أن مصر “فقيرة” نجده يبنى القصور والاستراحات، غير عابئ بآلام وأنين المصريين.

وكشفت حملة الاعتقالات البربرية والشرسة التى قادتها المخابرات المصرية بحق المصريين، عن وجود عناصر جديدة من الشعب خرجت تطالب بإسقاط حكم العسكر، وجاءت بعدة تركيبات كما يلى:

1-أغلب المتظاهرين أعمارهم صغيرة نسبيًّا، وعدد كبير منهم دون سن الـ20، ومن دون خبرة سياسية، ولم يسبق لهم المشاركة في أي عمل سياسي.

2- أظهرت كشوف الاعتقال أن هناك عددًا من المسيحيين بين المعتقلين أُلقي القبض عليهم في التظاهرات أو خلال حملات القبض العشوائي المستمرة بشراسة منذ حوالي أسبوع. ومن بين المعتقلين في حملة الاعتقالات 13 مواطنًا مسيحيًّا هم: مجدي صموئيل خليل، ومينا سامي بشارة، وديفيد عماد موريس، وإيهاب مرزوق وديع، وروبرت إميل لمعي سيدراك، وبولا ثابت فوزي، وماركو النوبي عبد النور، وماريو ميشال سيحة، وإقلاديوس، وممدوح مكرم، ومينا كارل عزمي فرج، وموكا محسن لمعي، وفاد فخري شفيق، وهو ما يؤكد كذب محاربة السيسي للإسلام السياسي أمام قادة العالم في نيويورك باجتماعات الأمم المتحدة.

3- نزول ربات البيوت اللاتي كنَّ يوصفن بحزب الكنبة، وهو ما أعطى زخمًا كبيرا فى الحراك ضد العسكر وقائده العسكري.

الصعيد مفاجأة

وخرج المصريون فى مظاهرات بمحافظات مصر رغم إجراءات الدولة العسكرية من اعتقالات بالجملة، وتحويل القاهرة إلى ثكنة عسكرية، فضلا عن نشر الجيش، ووجود تظاهرات محدودة في العاصمة وعدد من المحافظات بعيدًا عن الميادين الكبيرة وعدسات الإعلام.

الاستنفار الأمني أمس لم يحدث منذ سنوات، كما أغلقت أجهزة الأمن عددا من محطات المترو المؤدية إلى ميدان التحرير؛ تجنبًا لمسيرات مفاجئة.

أما المفاجأة الكبرى فكانت خروج تظاهرات في الصعيد، وتحديدا في مدينتي الأقصر وقنا، ليجري تفريقها بهدوء من دون إصابات.

ملاحظات مهمة

مينا ثابت كشف عن عدة ملاحظات، وهو باحث حقوقي بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، حيث كشف عن “صِغَر أعمار كثير من المشاركين وانعدام خبرتهم السياسية”. ولاحظ كذلك أن من يلقون القبض على الشباب هم ضباط شرطة وليسوا جنودا أو مخبرين، كما كان متبعا سابقا. ولاحظ أيضا أن من يُلقى القبض عليه، تتم مصادرة هاتفه وبطاقته وضربه، ثم انتظار التحريات التي تحدد من يخرج ومن يستمر حبسه.

أما عن قاعدة الاشتباه خلال حالات القبض العشوائي التي أعقبت التظاهرات، فبحسب مينا: “بالنسبة للرجال: أي رجل شعره طويل أو لحيته طويلة، أو يرتدي “شورت” أو ملابس رياضية. وبالنسبة للبنات: أي بنت شعرها مموّج ولا تحمل حقيبة”.

وطبقا للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، فقد بلغ إجمالي عدد المقبوض عليهم وإحالتهم على ذمة القضية 1338 لسنة 2019 أمن دولة عليا، منذ تظاهرات الجمعة، 1298 حالة، 55 سيدة و1243 رجلا. مع العلم أن التحديث مستمر للعرض على النيابات.

دلالات التركيبة الجديدة

بدوره قال عثمان عبد الله، الناشط الميداني، عن دلالات التركيبة الجديدة من المصريين للخروج فى مظاهرات: إنَّ نزول المصريين برغم القبضة الحديدية من العسكر على الشارع لم تُخف المصريين منها، بل زادتهم يقينا أنهم على حق.

وأضاف عن خروج المسيحيين رفضا لحكم العسكر، أنهم ذاقوا “المر” ولم يعد بوسعهم سوى التظاهر ورفع سقف مطالبهم بالحرية والعيشة والحياة كباقي الشعب، دون اللجوء إلى “الصدقة” التى يلقيها لهم السيسي كل مرة.

وتابع “الشباب جاءوا حاضرين وبقوة، وهو ما يكفى لكى نعترف أن ملايين الشباب العاطلين ذاقوا الأذى والمعيشة الضنك، وهو ما تكشفه الإحصائيات والتقارير عن ارتفاع نسب البطالة والعنوسة وحالات الانتحار بينهم.

محافظات ومعتقلون

ووفقا للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، فقد بلغ عدد المعتقلين 1003 معتقلين منذ احتجاجات 20 سبتمبر حتى يوم 25 سبتمبر في 17 محافظة. وشهدت القاهرة 335 معتقلا، الإسكندرية 25 معتقلا، الغربية 21 معتقلا، السويس 18 معتقلا، الجيزة 11 معتقلا، الدقهلية 10 معتقلين، القليوبية ودمياط 5 معتقلين في كل محافظة، الشرقية 3 معتقلين، مرسى مطروح معتقلين “اثنين”، بالإضافة إلى معتقل واحد في كل من أسيوط والبحيرة والغردقة والمنصورة وبني سويف وقنا وكفر الشيخ، وأخيرا 561 معتقلاً مجهولة محافظاتهم.

أما في شأن تصنيف حوالي 600 معتقل في احتجاجات 20 سبتمبر، فإن 32 شخصا منهم لم يبلغوا سن الـ18، و208 مواطنين ينتمون للفئة العمرية بين 18 و40 عاما، و20 مواطنا في الفئة العمرية بين 40 و60 عاما، إضافة إلى مواطنين فوق سن الـ60.

الخوف والقلق والارتباك

فى الشأن ذاته، وجّه الممثل ورجل الأعمال المصري “محمد علي” رسالة إلى عبد الفتاح السيسي ووزارة الداخلية والجيش، وإلى عموم المصريين الذين خرجوا، أمس الجمعة، فيما أُطلق عليها “جمعة الخلاص” في مظاهرات طالبت برحيل السيسي عن الحكم.

وقال علي، موجهًا حديثه إلى السيسي: “يكفيني فخرا أنني كنت سببًا في خوفك وقلقك والارتباك الذي بدا عليك عند عودتك من نيويورك، وحتى خلال مشاركتك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة”.

وأضاف أنه باستخدام هاتف محمول وقلم فقط، استطاع أن يحدث إرباكا داخل نظام السيسي، مستشهدا بالمشهد الذي ظهر فيه السيسي لدى وصوله مطار القاهرة عائدا من نيويورك، ومؤكدا أن المعركة لم تنته وأن ما حدث اليوم هو مجرد جولة في المعركة.

وحذر مقاول الجيش السيسي قائلا: “سأجهدك وأجهد الداخلية والجيش الذي وجهت له أكثر من رسالة ولم يستجب”. وتابع “أعرف تماما أن هناك يوما سيأتي سنعلقك على حبل المشنقة، بدم الناس اللي راحت والمعتقلين والشغل القذر للداخلية”.

كما وجه رسالة لوزارة الداخلية وقوات الأمن قائلا: “بكرة لما تجروا من الشعب لن يرحمكم.. سأسهركم ليلا نهارا”. وفي النهاية وجّه رسالة للشعب المصري قائلا “اثبتوا المعركة لم تنته”.