دلالات تقارب السيسي مع خصوم تركيا في الآونة الأخيرة

- ‎فيتقارير

بينما تعد مصر أول دول العالم اعترافًا بقبرص عام 1960، كانت قبرص واليونان من أوائل الدول التي اعترفت بالانقلاب العسكري في مصر، منتصف 2013، ومنذ ذلك الحين تعددت زيارات جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي للدولتين، بمعدل زيارتين لكل من نيقوسيا وأثينا، بينما جمعت القاهرة الأطراف الثلاثة مرة واحدة في نوفمبر 2014.

التآمر على تركيا جمع وزير دفاع الانقلاب محمد زكي، مع نظيره اليوناني نيكولاوس بانايوتوبولوس، والقبرصي سافاس أنجيليدس، وتباحثوا أعمال التنقيب التركية في البحر الأبيض المتوسط، بحسب بيان نشره المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية.

عصابة الشياطين

وتحوَّل الاجتماع الثلاثي إلى مناسبة للهجوم مجددًا على تركيا، ليس فقط بسبب تنقيبها عن الغاز في شرق المتوسط والذي يزعج الدول الثلاث، بل استغلوا اجتماعهم ليشنوا هجومًا ثلاثيًّا على أنقرة، لنجاحها في طرد ميلشيات “البي كاكا” الإرهابية من حدود الشمال السوري.

وأشار البيان إلى أن “عصابة الشياطين الثلاثة” استنكروا عملية “نبع السلام” التركية في منطقة شرق الفرات بالشمال السوري، بزعم أنها “أدت إلى أزمة إنسانية جديدة، وزيادة أخرى لتدفقات الهجرة، إلى جانب محاولة تقويض سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السورية، بغرض إحداث تغييرات في التركيبة الديموغرافية والبنية الاجتماعية للشعب السوري”.

ولفت بيان “عصابة الشياطين الثلاثة” إلى أنهم “دخلوا حقبة جديدة من التعاون الجيواستراتيجي، بناء على إمكانيات كل منهم، ووافقوا على عقد الاجتماع الثلاثي القادم لوزراء الدفاع في قبرص عام 2020”.

وذكر البيان أن “الوزراء الثلاثة شهدوا المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك البحري الجوي، والذي نفذته عناصر من القوات البحرية والبرية والقوات الخاصة لكل من مصر واليونان وقبرص، واستمر لعدة أيام بمسرح عمليات البحر المتوسط غرب جزيرة كريت باليونان”.

لقاءات السفيه السيسي، واعتراف اليونان به كسلطة شرعية؛ أنتج اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بين البلدين تنازل بمقتضاه السفيه السيسي عن مساحة من المياه الإقليمية المصرية تعادل دلتا النيل بها حقول غاز ضمتها اليونان لثرواتها الطبيعية.

وتأكيدا على عمق علاقات عصابة الانقلاب مع اليونان الطرف الثاني في الحلف، وعقب قطع عصابة الانقلاب علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، سمحت القاهرة لأثينا برعاية مصالحها ورفع علم اليونان على سفارة مصر بالدوحة.

وزادت حدة التوتر مع تركيا بسبب المناورات العسكرية المشتركة بين عسكر الانقلاب واليونان في جزيرة رودس اليونانية والتي تبعد عن الأراضي التركية بحوالي 15 كيلومترا، والتي اعتبرتها أنقرة خرقا للقوانين الدولية.

السيسي يتنازل

ويرى ‏الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية‏ الدكتور السيد أبو الخير، أن “تركيا ليست بعيدة أو منفصلة عن المنطقة؛ بالعكس فهي لاعب أساسي بها”، مشيرا إلى أن “التنسيق بين الدول الثلاث يبدأ حاليا بالضغط على تركيا بملفات تجعلها تتقوقع داخلها لفك الارتباط بينها وبين دول المنطقة وخاصة قطر”.

أبو الخير، أكد أن “دخول تركيا بثقلها وقوتها مع قطر أفسد المخطط ضد الدوحة”، موضحا بقوله: “ولذلك يتم افتعال أية مشاكل حدودية أو داخلية لتركيا حتى تنسحب أو تتراجع عن المنطقة العربية وحتى لا تؤثر على ما يخطط لها”.

وكشف الأكاديمي المصري، أن “من ضمن برامج زيارة السيسي في قبرص؛ لقاء المعارضة التركية بهدف افتعال أزمات داخلية تهدد الداخل التركي لشغله عن أزمات المنطقة وخاصة مقاطعة قطر”.

وعن ملف الغاز، أكد أبو الخير أن “السيسي تنازل عن حقوق مصر من الغاز بالمياه الإقليمية بموجب اتفاقية لا يجوز التراجع عنها، وإن كانت مخالفة صراحة للقانون الدولي الجديد للبحار واتفاقية (جامايكا لعام 1982)، خاصة قواعد وأحكام تحديد المناطق التي تخضع لسلطات الدولة مثل المنطقة الاقتصادية الخالصة”.

وفي 7 أكتوبر 2019، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن القوات الأمريكية بدأت الانسحاب من مناطق بشمال شرق سوريا بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الأمريكي دونالد ترمب، وبعد ذلك بيوم صدّق البرلمان التركي على تمديد التفويض للحكومة بتنفيذ عمليات عسكرية خارج الحدود في سوريا والعراق، لتعلن تركيا في 9 أكتوبر عن بدء عملية عسكرية طال انتظارها شمالي شرقي سوريا بهدف إقامة منطقة آمنة.

في التوقيت نفسه تقريبا، كان السفيه السيسي في قصر الاتحادية بالقاهرة يستضيف القمة الثلاثية السابعة بين مصر وقبرص الرومية واليونان في 8 أكتوبر 2019، التي لا يمكن قراءتها بمعزل عن التطورات الإقليمية وبخاصة عملية نبع السلام التركية شمال شرق سوريا والتحركات التركية للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص التركية بخاصة أن البلدان الثلاثة الشريكة في القمة تقف على جبهة متناقضة ولديها خلافات مع أنقرة في قضايا عدة.

ذلك فضلا عن قيام عصابة الانقلاب في سياق آخر بدعوة لاجتماع للجامعة العربية لإدانة العملية التركية، وهذا يزيد من تعقيد العلاقات التركية مع عسكر الانقلاب إذ تصبح مصر عاملا مشتركا في تجمعين يتحركان ضد تركيا أحدهما منتدى شرق المتوسط والدول الرئيسية في الجامعة العربية.