الحكم البوليسي وأسوأ وضع للصحافة

- ‎فيمقالات

إذا سألتني ما الذي دفعك إلى الكتابة عن هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات وليس هناك جديد، فهذا الأمر معروف، ففي ظل النظام الحالي تعيش الصحافة أسوأ أيامها! وكلمة “تعيش” كثيرة عليها أيضا، وتستطيع أن تقول بلا مبالغة إن الصحافة الحرة التي نعرفها ماتت من زمان.

وأقول لك: بل هناك جديد على الساحة، والصورة المرفقة بهذا الموضوع هي دليلي على ذلك! إنه بيت سعيد أصحابه من الزملاء الصحفيين.. الزميلة الصحفية “سولافة مجدي”، وزوجها الزميل الصحفي “حسام الصياد”، كانا في مكان عام عندما انقضت الشرطة عليهما، وذهبا وراء الشمس!، وهما بالطبع أبعد الناس عن الإرهاب، لكنها المطاردة المستمرة للصحفيين الأحرار الذين يرفضون مسح البلاط أو على الأقل الصمت في مواجهة الحكم البوليسي الجاثم على أنفاسنا، فهم لا يؤمنون بقاعدة “السكوت من ذهب” إزاء الظلم.

والجدير بالذكر أن الحكومة المصرية في التصنيف الدولي لحرية الصحافة تقبع في المركز رقم 163 من 180 دولة، وتقول الأمم المتحدة إن مصر مصنفة كثالث دول العالم في حبس الصحفيين، وتأتي بعد الصين وتركيا، وهي رقم واحد في العالم العربي وإفريقيا كلها.

وهناك معلومات جديدة أذكرها لحضرتك، تتمثل في أن القبض على الزميل الصحفي “حسام الصياد” وزوجته “سولافة مجدي” جاء بعد فضيحة بجلاجل للنظام الحاكم، تمثّلت في اقتحام موقع إلكتروني اسمه “مدى مصر”، وهو موقع يصدر باللغة العربية والإنجليزية معًا، قامت السلطة “بحجبه” ضمن 500 موقع إلكتروني محجوب في بلادي، وأراد الحكم البوليسي تأديب العاملين فيه مثلما تفعل مع كل المواقع المصرية الأخرى، إلا أنها فوجئت بوجود صحفيين أجانب يعملون هناك.

وطار الخبر إلى مختلف عواصم العالم وتصدّر نشرات الأخبار فيها، حتى إن وزير الخارجية الأمريكي أدلى ببيان شديد اللهجة حول هذا الاقتحام، فاضطرت السلطة المصرية إلى التراجع تماما عن هذه الخطوة، وقامت بالإفراج عن جميع الصحفيين في “مدى مصر” حرصًا على علاقتها مع الخواجات، ويا ليتها اتّعظت من تلك الفضيحة وتعلمت الدرس. وقبل أن يمضي يومان أرادت تأكيد أنها لم تتراجع، بل ماضية في سياسة البطش بالصحفيين، فقامت بالقبض على هذا الصحفي المصري الجدع، وزوجته الزميلة الصحفية الجميلة، ولم تتحرك الدنيا هذه المرة لأن المقبوض عليهم من المصريين وليس بينهم أجانب.. عجائب.