“المقاطعة”.. حق مشروع في مواجهة عصابة تُجرف ثروات المصريين

- ‎فيتقارير

“المؤمنون عند شروطهم”، هذا ما تحتجُّ به حكومات عصابة الانقلاب العسكري في مواجهة المصريين لتحتال عليهم لدفع أموال طائلة في فواتير الكهرباء والماء والغاز وباقي الخدمات، تلك الأموال التي تتخطى بكثير قيمة الاستهلاك الحقيقي، وبعدها يخرج شيوخ السلطان- سواء على برامج الفضائيات التابعة للمخابرات أو إذاعة القرآن الكريم- ليحذروا المصريين وينذروهم بالويل والثبور وعظائم الأمور إن هم امتنعوا عن دفع الإتاوات والضرائب.

وتحت شعار “هتدفع يعني هتدفع” الذي رفعه انقلاب 30 يونيو 2013، يتنافس شيوخ ودعاة جهنم على حلب المصريين، مقابل الحصول على مزايا ومكافآت مقابل توظيف الفتوى لتمرير سياسات السرقة والفقر. يقول أحد شيوخ الطغاة على إذاعة القرآن الكريم: “ولا يجوز لأحد أن يحتال للتهرب من دفع هذه الرسوم بحجة أن البلد غنية، وراتبه لا يكفيه، لأن هذا من خيانة الأمانة، ومن الإخلال بالعقد والعهد الذي وافق عليه الشخص”.

فتاوى للنهب

ويضيف شيخ العسكر بصوته الرخيم، عبر أثير الإذاعة التي يعشقها المصريون، والتي أنشأها لذلك الغرض أبو الانقلاب الفاشي جمال عبد الناصر: “والمؤمنون على شروطهم”، ولا يذكر شيخ الطغاة أن المواطن قد يكون عاجزا عن القيام بأسباب الحياة مع الأخذ بما معه من سبل، ولم يتقاعس عن ذلك، أو كان لا يستطيع حيلة- لسبب من الأسباب – في تأمين حد الكفاية من المعيشة، كما أنه لا يذكر أنه يجب على الحكومة حينئذ أن تفرض له من العطاء ما تقوم به حياته ورعايته، بدلا من إهدار المليارات على مؤتمرات الشباب وغيرها.

ويقول الرسول- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: “ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه”، وما وصلت إليه أحوال المصريين في بلادهم من الفقر والمعاناة إلا عندما طمع العسكر في ثرواتهم وخيراتهم من غاز ومعادن وبترول وجزر بحرية، ونزحوها أو تنازلوا عنها للمحتل الأجنبي، وضعف جانب التعاون وروح التآخي، وانتشرت الأثرة والاستغلال، فمنع الناس زكاة أموالهم خوفًا من اتهامهم بالانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، واتسعت الفجوة بين أغنياء الانقلاب والشعب الفقير.

من جهته يقول الحقوقي عمرو عبد الهادي، العضو المؤسس في جبهة الضمير: “أهم حاجة الفترة القادمة التكاتف بين أبناء الشعب لمواجهة الإجرام العسكري، والرسول شرع المقاطعة، وهي حق الشعب حينما تسرقه الحكومة والسيسي، ولو اتفق كل حي على عدم دفع فواتير الكهرباء والغاز والمياه لما استطاع العسكر القبض على كل الناس.. الإضراب والعصيان سلاح الشعب ضد الظلم”.

وبنبرة تغولٍ وتهديدٍ واضحةٍ صرح الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء في حكومة الانقلاب، بأنه في حالة عدم دفع فاتورة الكهرباء أكثر من شهرين متتالين، سوف يتم سحب العداد من قبل مباحث الكهرباء.

موضحًا أنه “خلال 48 ساعة إذا لم يتم التصالح ودفع قيمة الفواتير سوف يتم تحرير محضر، وتصل إلى الحبس لمدة عام وغرامة 10000 جنيه، وسوف يتم تحصيل الفواتير من المؤسسات الحكومية والجوامع والكنائس وغيرها”.

وفي لبنان أيضا!

وليس الأمر قاصرًا على المصريين، ففي خطوة نحو العصيان المدني، واستكمالا لحملة #مش_دافعين التي انطلقت مؤخرا كحملة تضامن شعبي، اعتصم عشرات اللبنانيين واللبنانيات أمام شركة كهرباء لبنان في بيروت، تحت عنوان “فاتورة كهرباء (لا دفع للفاتورة) ما بقى رح ندفع فاتورتين”؛ وذلك رفضا لدفع “فاتورة الظلام” كما أسموها، في دلالة على انقطاع التيار الكهربائي في فترات يومية عدة.

تأتي الحملة بالترافق مع عجز فعلي لدى كثير من المواطنين عن دفع أيّ فاتورة، تضاف إلى كلفة الغذاء اليومي التي بالكاد يستطيعون توفيرها، وردّد المحتجون هتاف: “لا إصلاح ولا تغيير ما رح ندفع فواتير”، و”حق (ثمن) فسادكم مش دافعين”، و”عايش ع الشمعة مقهور والحاكم عم يبني قصور”، و”ما رح ندفع فاتورتين ما حندفع حق الدَّين”.

ومن المعروف أنّ المواطن اللبناني يدفع ثمن كهرباء الدولة، لكنّ تغذيتها لا تغطي غير ساعات محددة من اليوم، ما يجبره على الاشتراك في مولد كهربائي خاص في الحيّ الذي يسكن فيه، ويدفع بالتالي فاتورة ثانية.

وتبلغ كلفة فاتورة الاشتراك الخاص ما بين 70 دولارا أمريكيا و120 شهريا، بحسب عدد الساعات التي حلّ فيها الاشتراك محلّ كهرباء الدولة، أما فاتورة كهرباء الدولة فهي في حدود تتراوح بين 25 دولارا و60 شهريا، في الغالب، بحسب معدل استهلاك كلّ منزل.

ووزّع المعتصمون منشورات على السيارات المارّة، دعوا فيها إلى “الامتناع عن دفع الضرائب والرسوم والتوقف عن تسديد القروض المصرفية المستحقة إلى حين استرجاع الحقوق”، لأنّ “الضرايب عالأرباح مش عالعامل والفلاح” كما هتفوا، وحملوا لافتات كُتب عليها “عفوا الكهرباء مقطوعة”، و”بدنا (نريد) رئيس حكومة إنقاذ مش (لا) حكومة مجاعة”.

المقاومة السلمية

وفي وقت سابق، دشن عدد من النشطاء المعارضين بمصر حملة تحت عنوان “مش دافعين”، ينظمها المجلس السياسى للمعارضة المصرية كإحدى وسائل المقاومة السلمية؛ ردًا على زيادة أسعار فواتير الكهرباء والماء وأسطوانات الغاز، بمصر بجانب ارتفاع أسعار تذاكر القطارات والمترو والخدمات الحكومية كجوازات السفر وغيرها.

وأكد المعارض المصري، زيدان القنائي، أن حكومة الانقلاب تتجه لرفع الدعم بشكل كلى عن رغيف الخبز وتوصيل الدعم الحكومي بمصر إلى مستوى الصفر على عدة مراحل، مما سيزيد من معاناة الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

وأشار إلى أن زيادة الرواتب التى أعلنت عنها حكومة الانقلاب بلا جدوى؛ نتيجة رفع أسعار الوقود التى تؤدى تدريجيًّا لرفع أسعار كافة السلع والخدمات والسلع الرئيسية، داعيا المصريين إلى المشاركة بالحملة والامتناع عن دفع فواتير الكهرباء.