دراسة: استبعاد الخيار العسكري في أزمة سد النهضة جريمة وخيانة من السيسي

- ‎فيتقارير

قالت دراسة علمية، إنه بعد مفاوضات واشنطن الأخيرة، وبيان خارجية الانقلاب الذي كان أقرب إلى الشكوى من التعنت الإثيوبي ومماطلة وفدها التفاوضي الذي وضع خطته على “أساس كسب الوقت”، بنيّة فرض الأمر الواقع وبسط السيطرة على النيل الأزرق وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب وبالأخص مصر، وأن هذا الفهم بعد مرور خمس سنوات هو أمر غير قابل للتفسير إلا تحت عنوان (الخيانة).

وقالت الدراسة التي جاءت بعنوان “اتفاق سد النهضة بواشنطن.. المؤامرة مستمرة والخيانة أيضا”، وأعدها حازم عبد الرحمن، إن “البيان” هو أقصى ما يمكن لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وحكومته أن يفعلوه بعد الخيانة.

وأوضحت أنه ليس هناك جديد لضمان حقوق مصر التاريخية في مياه النيل والدفاع عنها, وستبتلعها إثيوبيا وتخطط لبيعها إلى مصر أو مقايضتها بوساطة صهيونية فيما بعد؛ وذلك لأن إثيوبيا انتابتها حالة من السعار في بناء السدود دون اعتبار لمخاطر الجفاف والمجاعات والكوارث التي تترتب عليها في الدول المجاورة, كما حدث في نهر شبيلي بالصومال”.

الوقاحة الإثيوبية

وأشارت الدراسة إلى عدة مواضع مبكرة كانت سياسة مصر الثابتة حماية حصتها من مياه نهر الخيار العسكري.

وأشارت إلى أنه كان ناجحا في كل مرة يتم التلويح به فيها, لكن الحكم العسكري الذي جاء بعد انقلاب 3 يوليو 2013 بقيادة عبد الفتاح السيسي، كان أول خروج على سياسة مصر الثابتة لحماية حقوقها في مياه النيل, وهي تستند في ذلك إلى حقوق تاريخية بموجب اتفاقيتي 1929 و1959 اللتين تمنحانها 87% من مياه النيل، وهو ما يقدر بـ55 مليار متر مكعب سنويا.

وأضافت أنه بموجب هاتين الاتفاقيتين أيضا تمتلك مصر حقّ الموافقة على مشاريع الري في دول المنبع, لكن إثيوبيا تجرأت اليوم لتعلن أنها ترفض الاعتراف المباشر أو غير المباشر بأي معاهدة سابقة لتحديد حصص المياه, ولم يكن ذلك ليحدث إلا بتخطيط ورعاية صهيونية للضغط على مصر وإضعافها, وتواطؤ من قائد الانقلاب الذي وقع على وثيقة تنازل مصر عن حقها في مياه النيل, ومنع بناء أي سدود تؤثر على حصتها فيها.

طموح تسليحي

ولفتت الدراسة إلى أن إثيوبيا لها خطط مستقبلية إذا نجحت في سد النهضة؛ فستوالي بناء السدود على النهر لحجز المزيد من المياه, خاصة مع تنامي طموحها العسكري.

واسترشدت الدراسة بما نشرته مجلة “لوبوان” الفرنسية عندما طلب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المساعدة في تقوية سلاح الطيران الإثيوبي, ويتضمن الطلب 12 طائرة حربية من بينها رافال وميراج, و18 هليكوبتر مقاتلة وطائرتا نقل جنود, و10 طائرات مسيرة, ونظام تعتيم الرادار, وتزويده بصواريخ بعيدة المدى (30 صاروخا من طراز M51 بمدى 6 آلاف كيلومتر وقادرة على حمل رءوس نووية).

وأضافت أن القوات البحرية الإثيوبية تستعد للبدء في إنشاء وتنفيذ قاعدة عسكرية تعتبر الأولى لها على سواحل جيبوتي, خلال الفترة المقبلة، وهو الأمر الذي يحمل الكثير من الدلالات والرسائل الداخلية والخارجية في الوقت نفسه؛ بما يجعل تعجيز إثيوبيا عسكريا وتفكيكها إلى عدة دول هدفا لتحقيق الأمن القومي المصري, ولن يفعل السيسي شيئا من ذلك, ويبقى الأمل الوحيد في ثورة كاسحة تعيد للبلاد كرامتها وحقوقها.

ضربة متأخرة

ورأت الدراسة أن توجيه ضربة العسكرية للسد كان عندما بدأت إثيوبيا في بناء السد, من شأنها إجبار أديس أبابا على التوقف عن عملية البناء, ثم يجري التفاوض بعد ذلك.

وأضافت أن المنقلب عبد الفتاح السيسي كان لاهثا في البحث عن شرعية بعد انقلابه الذي لا يحتمل عدة تعريفات لدى “الاتحاد الإفريقي” الذي علق عضوية مصر بعد الانقلاب؛ فذهب يقدم التنازلات عن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل, وظهر وهو يوقع وثيقة خيانته للشعب المصري الذي بات مهددا بكارثة خطيرة من العطش والجوع, بدأت مظاهرها تتجلى في انخفاض مستوى نهر النيل وظهور الجزر والقيعان في كثير من أجزائه, وجفاف قنوات مياه الري, مع شكاوى المزارعين من قلة المياه وعدم كفايتها لري المحاصيل الأساسية.

مسارات الانقلاب

وكشفت الدراسة عن أنه كجزء من الخيانة بدأت تروج الأذرع أسبابا واهية لاستبعاد الخيار العسكري في أزمة سد النهضة الذي يهدد الحياة في مصر, من أن الضربة ستعرض مصر للغرق إذا ما أقدمت على ضرب السد الإثيوبي, مع تجاهل أن التخويف من طوفان المياه يكون بعد اكتمال بناء السد وتخزين المياه وهو ما لم يتم حتى الآن.

وأن “الخبراء” الانقلابيين باتوا يحذرون من ضرب سد النهضة عسكريا بسبب ما ينتج عنه من مخاطر يتجاهلون احتمال انهيار هذا السد ذاتيا كما يقول خبراء آخرون, وهم يؤكدون أن هذا سيحدث, وأن طبقات الطمي ونوع التربة من العوامل التي تجعل العمر الافتراضي لأي سد في إثيوبيا يتراوح ما بين 5 سنوات و20 عاما على الأكثر، بسبب النحت في الأراضي, بل إن الإعلام سار في طريق التخويف (قبل الأوان) من تدمير السد عسكريا, لما يترتب عليه من إغراق السودان ومصر, مع أن السد لم يكن بناؤه قد اكتمل, ولم يكن هناك أي خطورة من تدميره بضربة عسكرية.

التلبس بالخيانة

وتحت هذا العنوان لفتت الدراسة إلى أن تهمة الخيانة العظمى ثابتة في حق السيسي وقيادات الانقلاب وحكوماته بالتقاعس عن حماية البلاد من خطر وجودي غير مسبوق, يهدد أمنها وسلامتها, ولا مفر من التذكير بأن استراتيجية مصر إزاء بناء السدود على نهر النيل كانت ثابتة.

ففي تسلسل تاريخي، اعتزمت اثيوبيا إنشاء سد كبير على النيل  لتوليد الكهرباء، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر بعث بخطاب إلى الإمبراطور هيلا سيلاسي، قال فيه: «نطالبكم بوقف أعمال بناء السد، لأننا نعتبره تهديدًا لحياتنا؛ مما يستدعي تحركًا مصريًا غير مسبوق»، فامتثلت إثيوبيا بعد نصيحة الرئيس الأمريكي أيزنهاور، وقللت ارتفاعه من 112 مترًا إلى 11 مترًا فقط.

وفي تصريح تاريخي، هدد وزير الدفاع المصري المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة بتدمير أي سدود على نهر النيل, مؤكدا أن مصر ستستخدم القوة الشاملة ضد ما يهدد حصتها من مياه نهر النيل

وفي عهد الرئيس السادات بعثت القاهرة رسالة رسمية عبر وزير خارجيتها: “إذا قامت إثيوبيا بعمل أي شيء يعوق وصول حقنا في الماء كاملًا، فلا سبيل إلا استخدام القوة”, وقد تكرر التهديد بإعلان الحرب على إثيوبيا في عهد المخلوع حسني مبارك عندما تأزمت العلاقات وشرعت إثيوبيا في استئناف خططها في الهيمنة على مياه النيل، وإقامة السدود لتوليد الكهرباء,  وهو ما قوبل بتهديد مصر بإعلان الحرب، عبر تسريبٍ صوتي منسوب لمبارك, قال فيه إنه مستعد لضرب السد بطائرة «توبوليف» – قاذفة قنابل سوفيتية تسبق سرعة الصوت – في حال أقدمت على تنفيذ تهديدها. وحسب وثيقة سربها موقع «ويكيليكس» عام 2013 جاء فيها أن مبارك طلب في أواخر حكمه من الخرطوم إنشاء قاعدة عسكرية تستخدمها القوات الخاصة المصرية إذا أصرت إثيوبيا على بناء سد.

وفي عهد الرئيس الراحل محمد مرسي قال على الهواء مهددا: “إذا نقصت قطرة واحدة من ماء النيل فإن دماءنا هي البديل”.