بعد إخلاء سبيلهم.. هل يتّحد نافعة وعبد العظيم وآخرون مع رافضي الانقلاب؟

- ‎فيتقارير

أصدرت نيابة أمن الدولة العليا، أمس الخميس، برئاسة المستشار خالد ضياء، قرارًا بإخلاء سبيل 15 من أعضاء أحزاب وقوى سياسية داعمة لانقلاب 30 يونيو 2013، على ذمة التحقيقات فى عدة قضايا، أبرزهم: حسن نافعة، شادي الغزالى حرب، عبد العزيز الحسينى، حازم يوسف عبد العظيم.

وقسّم انقلاب 30 يونيو 2013 المجتمع المصري إلى قسمين، أحدهما مؤيد للعصابة العسكرية الحاكمة وآخر رافض لها، وبدا هناك تغير في تلك الخريطة مؤخرا، وازداد الطرف الثاني عددا وأنصارا، وتحول الكثيرون عن المعسكر الأول، ومع ذلك فقد ظل الطرفان بعيدين عن بعضهما البعض، بل إن الأمور أحيانا تتجه نحو المعارك الإعلامية.

وفي سجال سابق، لَامَ الكاتب الصحفي “سليم عزوز” على داعمي انقلاب 30 يونيو، متهما خروجهم بـ”المجرم”، وأنهم كانوا الغطاء المدني لانقلاب عسكري غاشم، يدفعون ثمنه الآن، واصفا تلك الأحداث بـ”الخطيئة”، ومؤكدا عبر “فيسبوك”, أن الشعب لم يخرج ولكن خرجت أحزاب الأقلية، والكنيسة، والشبيحة، والشرطة؛ وبدعم إماراتي.

التائبون من الانقلاب

وأعرب عدد من النخب المشاركة في انقلاب 30 يونيو، التي مهدت للانقلاب العسكري على الرئيس الشهيد محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا بالبلاد، عن أسفهم للمشاركة في التظاهرات، ومنهم من غادر البلاد لينضم إلى المعارضة في الخارج، ومنهم من بقي في الداخل وطالته يد السلطة بالاعتقال مثل الدكتور حازم عبد العظيم وبعض الناشطين.

وكانت النيابة قد وجهت لشادى الغزالى، بالقضية رقم 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، ارتكاب جرائم الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها.

كما أسندت النيابة إلى المتهم نشر أخبار كاذبة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية بالبلاد، بقصد تكدير السلم العام فى إطار أهداف جماعة الإخوان الإرهابية، والترويج لأغراض الجماعة التى تستهدف زعزعة الثقة فى الدولة المصرية ومؤسساتها.

ويواجه الدكتور حسن نافعة، وماهنيور المصرى فى القضية رقم 488 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، ارتكاب جرائم مشاركة جماعة إرهابية فى تحقيق أهدافها، وتلقى تمويل بغرض إرهابي، والاشتراك فى اتفاق جنائى، الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية، والتجمهر واستخدام حسابات خاصة على شبكة المعلومات الدولية، بهدف ارتكاب جريمة معاقب عليها فى القانون بهدف الإخلال بالنظام العام.

ويواجه حازم عبد العظيم فى القضية رقم 734 لسنة 2018 حصر أمن دولة؛ 45 يوما على ذمة التحقيقات لاتهامه بنشر أخبار كاذبة، وأسندت النيابة إلى عبد العظيم اتهامات بمشاركة جماعة إرهابية فى تحقيق أهدافها، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لأفكار تلك الجماعة، فضلا عن نشر أخبار كاذبة.

يٌذكر أن قوات الأمن ألقت القبض على عبد العظيم، فى مايو 2018، تنفيذا لقرار النيابة بضبطه وإحضاره على ذمة التحقيقات الجارية فى القضية، وحول وجوب نبذ الهاربين من معسكر 30 يونيو ورافضي الانقلاب منذ البداية خلافاتهم وملاسناتهم، قال القيادي في الإخوان المسلمين حلمي إبراهيم: “يسعدني ذلك الأمر بكل تأكيد، وأن يعود كل من شارك في 30 يونيو إلى الأصول وينبذ عمليات البلطجة السياسية، وأن يعترف كل من أخطأ بخطئه ويعتذر للطرف الآخر”.

إبراهيم أكد أن جماعة الإخوان المسلمين من جانبها اعترفت بخطئها وقدمت اعتذارها لشركاء الثورة، مضيفا “ولكن هناك ثوابت لا تتغير ولا تتبدل”.

لكن إبراهيم انتقد بشدة تلك “النخبة التي ما زالت لا تعترف بخطئها في المشاركة بـ30 يونيو”، قائلا: “لولاها لظللت أحترم الذين ادعوا كذبا أنهم ليبراليون وأنهم يحبون الحرية والعدالة والكرامة واحترام حقوق الشعوب”، مضيفا “لولاها ما انكشفت تلك الأقنعة المزيفة لدى تلك النخبة”.

احتراب مرفوض

على الجانب الآخر وفي تعليقه على ضرورة توحيد الجبهات ضد الانقلاب، يرى الكاتب اليساري محمد منير أن “السياسة ليس لها ثوابت، والسياسي لا يجب عليه الجمود؛ وبالتالي لا يجب أن “نقولب” بعضا في مواقف: هذا ابن 40 يونيو، وهذا ابن ماسبيرو، وهذا ابن محمد محمود”، موضحا أن “الفيصل هو تحليل الواقع والاستفادة من الخبرات والأخطاء وأخذ موقف موحد”.

وحول استمرار السجال بين أنصار المعسكرين، أكد منير أن “الموضوع يتعلق بصدق نوايا كل الأطراف في الرغبة بتجاوز الجراح والأحقاد”، مشيرا إلى أن “هناك من يستفيد من هذا الاحتراب ويستخدمهم النظام لصالحه”.

وفي رده على التساؤل “ألم يفهم الجميع بعد أنه إذا لم يتوحدوا فإنهم سيسقطون جميعا واحدا تلو الآخر تحت مقصلة النظام؟”، قال: “أحيانا المحن التاريخية والمصالح الذاتية تربك البصيرة”، مؤكدا أن “هذا ما يلعب عليه معسكر النظام لتفتيت أي جبهة تتوحد ضده”.

وأضاف: “برغم ذلك الحال داخل معسكر رفض الانقلاب بتياراته، فإن هناك بارقة أمل تؤكد أن هذا الوضع لن يستمر”، مؤكدا أن “الأمل موجود وخاصة في الأجيال الصاعدة”.

ويرى الكاتب الصحفي محمد الصباغ أن “لم شمل الوطن أفضل من تمزيقه أكثر”، مؤكدا أن “جماعة الإخوان هم مواطنون مصريون؛ لا يمكن أن نستعلي عليهم، وربما الأصوب أن نأخذ بيد من يمد يده”.

وقال: “لا أوجه طعنة للإخوان، بل أحاول أن أساعد الجميع للخروج من حالة (الجمهورية الشاذة) التي تعيش فيها مصر الآن”، مؤكدا أن “الحكومة العاجزة، والشعب الصامت المغلوب، والبرلمان الهش، والجنرال المضطرب، والمؤسسات المركوبة؛ يصنعون دائما المتاهة”.

وما بين اعتقالات أقدم عليها السادات في سبتمبر عام 1981، وأخرى أقدم عليها السفيه السيسي، أي بعد مرور 38 عاما بالتمام والكمال، ازداد المشهد السياسي الحالي سخونة إلى سخونته، وباتت التساؤلات بلا نهاية عن مستقبل مصر تحت انقلاب العسكر.

وشملت اعتقالات 20 سبتمبر 2019 أسماء بارزة من مختلف التيارات والأيديولوجيات، منهم حسن نافعة، حازم حسني، وقيادات حزب الاستقلال وفي مقدمتهم مجدي قرقر، وزوجة المناضل المعتقل مجدي حسين، وذلك استباقا لدعوات للتظاهر ضد السفيه السيسي، كان قد دعا لها في وقت سابق الممثل والمقاول محمد علي.

وكانت مظاهرات جمعة 20 سبتمبر 2019 حدثا فارقا في مسيرة الثورة المصرية ضد الاستبداد والحكم العسكري؛ حيث نزلت أعداد من الشباب المصري الثائر إلى ميدان التحرير في القاهرة وعدد من المدن والمحافظات الأخرى تهتف: “الشعب يريد إسقاط النظام، و”ارحل يا سيسي”.

وقد أسقطت هذه المظاهرات الصورة الزائفة التي تروج لها الأذرع الإعلامية للانقلاب حول رضا الشعب المصري بما ارتكبه السفيه السيسي من جرائم منذ انقلابه العسكري في 3 يوليو 2013 , والتي تعددت من مجازر لرافضي الانقلاب وقتل الآلاف في رابعة والنهضة ورمسيس وغيرها, وتحويل مصر إلى سجن كبير, وتهجير أهالي رفح في شمال سيناء والتنازل عن حقوق مصر في مياه النيل.

وكذلك التنازل عن حقول البترول والغاز المصرية في البحر المتوسط للصهاينة, وبيع جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية, ورفع الدعم وما صاحبه من موجات الغلاء التي أثقلت كاهل المواطنين, وحولت غالبية الشعب إلى فقراء بينما تفرغ السفيه السيسي لبناء القصور لرفاهية زوجته وأبنائه على حساب الشعب الذي تزايد سخطه وغضبه على ما يجري وتراكمت لديه أسباب اعتمال الثورة, التي ظلت قائمة تتحين الفرصة للانفجار العفوي, وهو ما حدث.