السيسي يتجمّل بالإفراج عن غير الإسلاميين.. عنصرية الانقلاب حتى مع الكارثة

- ‎فيتقارير

يبدو أن الإفراج عن الليبراليين كان الرسالة الثانية، بعد إخلاء سبيل أسرة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح بكفالة 5 آلاف جنيه، عقب مطالبات بالإفراج عن كل المعتقلين السياسيين خوفًا من كورونا، وهو عنوان اللافتات التي رفعتها 5 نساء، هن سناء سيف، ومنى سيف، ووالدتهما ليلى سويف، وخالتهما أهداف سويف، بالإضافة إلى أستاذة العلوم السياسية د. رباب المهدي، الذين تم القبض عليهن لمطالبتهن بالإفراج عن المسجونين في مصر بسبب كورونا في شارع مجلس الوزراء، ومحتواها أن مشكلته التي لن يقوم بحلها هي مشكلته مع المعتقلين الإسلاميين، والإخوان في القلب منهم.

وذرا للرماد في العيون، ولاعتبارات تتعلق بتناول الغرب لقضية المعتقلين وبالأخص من غير الإسلاميين، وإذكاء روح العنصرية السياسية، قرر المنقلب السيسي إخلاء سبيل حسن نافعة وحازم عبد العظيم وشادي الغزالي حرب و12 آخرين، على خلفية اتهامهم بنشر أخبار كاذبة، رغم أن النائب العام للانقلاب طلب التحفظ على أموالهم على ذمة التحقيقات التي جرت معهم وآخرين، بدعوى مشاركتهم جماعة الإخوان المسلمين في تحقيق أغراضها!.

وفي ذات الإطار، أفرج السيسي في 23 مايو الماضي عن السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق، ود. عبد الفتاح الصعيدي البنا وزير الآثار السابق، والدكتور رائد سلامة، والدكتور يحيى القزاز، والناشطة نرمين حسين.

تعليقات الإسلاميين كانت اليوم ومن قبل، “ألف مبروك وعقبال كل الأحرار والثوار المعتقلين في زنازين الخسيس ومعتقلات عصابة العسكر”، ويرى البعض أن مطالبات البعض من غير الإسلاميين لن تتعرض للإفراج عن رفاق الزنزانة، فيما يرى البعض الآخر أن قضية المعتقلين قضية عامة.

وقال الإعلامي شريف منصور: “الإفراج عن بعض الرموز السياسية والحزبية خطوة جيدة من المفترض أن يتبعها خطوات أخرى في الإفراج عن أعداد أكبر من المعتقلين بمختلف انتماءاتهم مع انتشار وباء كورونا”.

أما الكاتب الصحفي سامي كمال الدين قال: “يجب خروج جميع المساجين السياسيين والعسكريين والجنائيين، مع اتخاذ احتياطات قانونية مناسبة.. تاجر مخدرات أو البلتاجي أو أحمد دومة يقضي عقوبة ليس من بينها أن يصاب بفيروس كورونا، لذا إما وضعه في بيئة آمنة أو في بيته كل الحدود ستغلق سماء وأرضا لن يهرب”.

 

مناشدات الأسر

ورغم أن إخلاء سبيل المعتقلين حق لا يتعلق بالسبق، إلا أنه ومن باب طرق الأبواب، استعرضت نساء لأزواج معتقلين من غير المحسوبين على المنقلبين على صندوق ثورة يناير، قضية المعتقلين بشكل عام، وخص بعضهن كشف معاناة النزلاء من خلال الزيارات، وكيف سيكون الوضع إن وصل كورونا للزنازين.

واهتمت سناء عبد الجواد زوجة د. محمد البلتاجي، على صفحتها بـ”فيسبوك” بقضية المعتقلين دون تلوين سياسي، وقالت: “ندعو إلى الإفراج عن المعتقلين الذين لا يحظون بأي رعاية صحية منعًا من تفشي فيروس كورونا”. وقالت “السجون بيئة لانتشار كورونا.. أَمَا من وقفة للتعامل مع كارثة ستسألون عنها؟!”.

وأضافت: “لن يفرق الفيروس بين مسجون وسجان، وفي ظل منع كل شيء: الأطعمة الصحية والماء النظيف والأدوية وكل رعاية طبية وكل المنظفات، والتعرض للشمس والزيارات، ومنع كل شيء.. المعتقلون في خطر حقيقي”.

أما السيدة نهى دعادر، زوجة المعتقل عصام سلطان، فقالت: “السجون في مصر قنبلة موقوتة.. تكدس.. لا يرون الشمس.. جحافل من ذباب وناموس.. أبجديات نظافة منعدمة.. التغذية ضايعة.. زوجي فقد ٢٥ كيلو من وزنه مؤخرا.. بسبب إغلاق الكانتين والكافيتريا لعدة شهور.. ولا يوجد إلا طعام التعيين وما أدراك.. انعدام للرعاية الصحية.. في أي لحظة السجون معرضة أن تصبح بؤرة تنشر المرض للمجتمع كله، ولن تفرق بين اتجاه سياسي واتجاه معارض ليه!.. وفقًا للقانون الدولي يجب الإفراج عن جميع المساجين فى حالة وباء الدولة.. والإفراج الصحي يشمل الجميع.. ادعموا حملة الإفراج لكل المعتقلين”.

وأضافت: “نناشد منظمة الصحة العالمية الضغط على مصر للإفراج عن أكثر من 100 ألف معتقل في سجون مصر خوفًا من تفشي فيروس كورونا.. أحملكم مسئولية حياة هؤلاء السجناء ومسئولية عواقب الوضع الصحي بالسجون وأثرها على مصر والعالم”.

الأبرز في رسالة “دعادر” قولها: “كلنا في مركب واحد! مرة فيروس حاول يعلم الانسان: عيشوا مع بعض إخوة أو موتوا مع بعض كأغبياء!.. مش عارفة الإنسان اقتنع بإيه؟ اللهم هل بلغت.. اللهم فاشهد”.

 

أماكن تعذيب وانتقام سياسي

وناشد المجلس الثوري المصري، أحد الكيانات الجامعة لأطياف سياسية ترفض الانقلاب، الأمين العام للأمم المتحدة، قائلا: إن سجون السيسي ومراكز الاعتقال هي أماكن تعذيب وانتقام سياسي، يُحتجز المعتقلون إما في عزلة انفرادية أو يسجنون في زنزانات مكتظة. هناك نقص في التهوية المناسبة مع غياب المرافق الصحية الأساسية، حيث يعاني السجناء بشكل عام من سوء التغذية، ويُحرمون من التعرض لأشعة الشمس وممارسة الرياضة، لا توجد رعاية صحية على الإطلاق ومئات السجناء يموتون ببطء.


ولجأ الانقلاب إلى تجهيز سجون حديثة الإنشاء لإعادة توزيع المساجين عليها؛ للحد من تكدس زنازين وعنابر السجون المكتظة بآلاف المعتقلين السياسيين، في مواجهة كورونا.

وأكدت مصادر أن الانقلاب لا ينوي الإفراج عن المعتقلين من قيادات جماعة “الإخوان المسلمين”، التي انقلب عليها العسكر منتصف 2013.

وتوقعت مصادر إطلاق سراح أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن فقط، وهو مقترح قيد الدراسة، لم يتم إقراره بعد.

وقبل أيام، قررت السلطات المصرية تعليق الزيارات في جميع السجون لمدة 10 أيام، اعتبارا من الثلاثاء 10 مارس الجاري، حرصًا على الصحة العامة وسلامة النزلاء على خلفية انتشار فيروس كورونا.

 

مناشدة معتقل سابق

الكاتب والصحفي غسان جعفر كتب تحت عنوان “#خرجوا_المعتقلين لعلنا نسترد بعض إنسانيتنا”، قائلا: “أنا اتحدث عمّا عاينت وليس ما حكي لي:

١-التغذية في السجن تضعف مناعة أي جسم مهما كانت قوته، فالتعيين الميري لا يكاد يكفيك، ناهيك عن خلوه من الفاكهة والخضار إلا بكميات محدودة، عادة ما تأتي وقد جرت عليها كل عمليات الفساد البيروقراطي (من الطريف أننا كنا نحتفل بالكوسة التي تأتيك على فترات متباعدة برغم أن أغلبنا لا يحبها؛ لأنها فقط من جنس الخضار وليس البقوليات الذي هو عماد الغذاء في السجون)

٢-يفاقم من ذلك عدم تعرضك للشمس بكميات تسمح لك باستعادة بعض عافيتك.

٣-لا ضمان لحصولك على علاج مناسب؛ ليس فقط لأنه قرار أمني وليس طبيًا، ولكن لأن كفاءة الأطباء المهنية متدنية جدا، مع عدم توفر الأجهزة.

٤-لو ظهرت كورونا في أحد السجون؛ فإن ذلك معناه انتشاره في جميع قرى ومدن مصر؛ فالشاويشية والمخبرون الذين يتعاملون مباشرة مع المسجونين من محافظات مصر كلها ويعتمدون على المواصلات العامة في تنقلاتهم في ستة أيام تتعامل مباشرة إن لم تخرج من زنزانتك، مع ستة من المخبرين والشاويشية على الأقل).

٥-ظهور حالة واحدة فقط معناه إشعال النار في هشيم السجن كله، فقد بلغ عدد المرضي بعنبر المستشفى في طره- الذي قضيت فيه بعض الوقت- فوق الأربعين برغم أن الأسرّة فيه لا تتجاوز العشرين مع تقاربها والتصاقها.

٦-أما كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة فحدث ولا حرج، بل إن الشباب مع طول الأمد في السجن وظروفه اللا آدمية قد نهشت الأمراض في أجسادهم.

٧-إذا كان مستوى النظافة في شوارع وأزقة القاهرة كما نعلم؛ فكيف بكم في سجون مصر العامرة!، فقد قضيت أغلب الوقت في سجن العقرب تحيط بي المجاري، عمدًا أو تقصيرا، ومكثت في زنزانة انفرادي، وهذه نعمة في أحيان كثيرة، إلا أن نفس الزنزانة حوت خمسة أو أربعة على الأقل.