72 عامًا على مجزرة دير ياسين.. وحكام عرب خونة يشجعون الإجرام الصهيوني

- ‎فيعربي ودولي

تحل اليوم 9 أبريل، الذكرى الـ72 لمجزرة دير ياسين الفلسطينية، والتي راح ضحيتها أهالي القرية الفلسطينية، فقد تنامت الكراهية والأحقاد بين الفلسطينيين واليهود في عام 1948م، واشتعلت الأحقاد بعد قرار المملكة المتحدة سحب قواتها من فلسطين، ما ترك حالة من عدم الاستقرار في فلسطين.

واشتعلت الصراعات المسلحة بين العرب واليهود بحلول ربيع 1948م، أحرز العرب تقدّمًا في قطع الطريق الرئيسي بين مدينة تل أبيب وغرب القدس، مما ترك 16% من جُلّ اليهود في فلسطين في حالة حصار.

قرر اليهود تشكيل هجوم مضاد للهجوم العربي على الطرقات الرئيسية، فقامت عصابتا شتيرن والأرجون بالهجوم على قرية دير ياسين على اعتبار أن القرية صغيرة ومن الممكن السيطرة عليها؛ مما سيعمل على رفع الروح المعنوية اليهودية بعد خيبة أمل اليهود من التقدم العربي على الطرق الرئيسية اليهودية.

إضافة إلى ذلك، من المعلوم أن قرية دير ياسين تقع على بُعد بضعة كيلومترات من القدس على تل يربط بينها وبين تل أبيب، وكانت القدس آنذاك تتعرض لضربات متلاحقة، وكان العرب بزعامة البطل الفلسطيني عبد القادر الحسيني، يحرزون الانتصارات في مواقعهم. لذلك كان اليهود في حاجة إلى انتصار، حسب قول أحد ضباطها: “من أجل كسر الروح المعنوية لدى العرب، ورفع الروح المعنوية لدى اليهود”، فكانت دير ياسين فريسة سهلة لقوات الأرجون. كما أن المنظمات العسكرية الصهيونية كانت في حاجة إلى مطار يخدم سكان القدس. كما أن الهجوم وعمليات الذبح والإعلان عن المذبحة هي جزء من نمط صهيوني عام يهدف إلى تفريغ فلسطين من سكانها عن طريق الإبادة والطرد”.

 

المجزرة

كانت قرية دير ياسين الواقعة قرب قرية القسطل غربي القدس، تعيش حياة آمنة هادئة حيث يقيم بها 775 نسمة كلهم مسلمون يملكون أراضي زراعية، وبالقرية مسجدان ومدرستان ونادٍ للرياضة، وفي يوم 30 جمادى الأولى 1367هـ/ 9 إبريل 1948م وهو اليوم التالي مباشرة لمعركة القسطل الشهيرة التي استشهد فيها زعيم المجاهدين عبد القادر الحسيني، هجمت عصابات الأرجون (التي كان يتزعمها مناحيم بيجين، رئيس وزراء الكيان الصهيوني فيما بعد) وشتيرن ليحي (التي كان يترأسها إسحاق شامير الذي خلف بيجين في رئاسة الوزارة)، وتم الهجوم باتفاق مسبق مع الهاجاناه، هدمته تلك العصابات الصهيونية على القرية الآمنة بالدبابات والمدافع وبأعداد كبيرة من الصهاينة.

كان يقطن القرية العربية الصغيرة 400 شخص، يتعاملون تجاريًّا مع المستوطنات المجاورة، ولم يكن بالقرية سوى 85 مسلحًا، ولا يملكون إلا أسلحة قديمة يرجع تاريخها إلى الحرب العالمية الأولى.

وفي فجر 9 أبريل عام 1948م دخلت قوات الأرجون من شرق القرية وجنوبها، ودخلت قوات شتيرن من الشمال ليحاصروا القرية من كل جانب ما عدا الطريق الغربي؛ حتى يفاجئوا السكان وهم نائمون. وقد قوبل الهجوم بالمقاومة في بادئ الأمر، وهو ما أدَّى إلى مصرع 4 وجرح 40 من المهاجمين الصهاينة. وكما يقول الكاتب الفرنسي باتريك ميرسييون: “إن المهاجمين لم يخوضوا مثل تلك المعارك من قبل، فقد كان من الأيسر لهم إلقاء القنابل في وسط الأسواق المزدحمة عن مهاجمة قرية تدافع عن نفسها؛ لذلك لم يستطيعوا التقدم أمام هذا القتال العنيف”.

ولمواجهة صمود أهل القرية، استعان المهاجمون بدعم من قوات البالماخ في أحد المعسكرات بالقرب من القدس، حيث قامت من جانبها بقصف القرية بمدافع الهاون لتسهيل مهمة المهاجمين.

ومع حلول الظهيرة أصبحت القرية خالية تمامًا من أية مقاومة، فقررت قوات الأرجون وشتيرن “استخدام الأسلوب الوحيد الذي يعرفونه جيدًا، وهو الديناميت. وهكذا استولوا على القرية عن طريق تفجيرها بيتًا بيتًا. وبعد أن انتهت المتفجرات لديهم قاموا “بتنظيف” المكان من آخر عناصر المقاومة عن طريق القنابل والمدافع الرشاشة، حيث كانوا يطلقون النيران على كل ما يتحرك داخل المنزل من رجال، ونساء، وأطفال، وشيوخ”! وأوقفوا العشرات من أهل القرية إلى الحوائط وأطلقوا النار عليهم.

واستمرت أعمال القتل على مدى يومين. وقامت القوات الصهيونية بعمليات تشويه سادية (تعذيب – اعتداء – بتر أعضاء – ذبح الحوامل والمراهنة على نوع الأجنة)، وأُلقي بـ 53 من الأطفال الأحياء وراء سور المدينة القديمة، واقتيد 25 من الرجال الأحياء في حافلات ليطوفوا بهم داخل القدس طواف النصر على غرار الجيوش الرومانية القديمة، ثم تم إعدامهم رميًا بالرصاص! وألقيت الجثث في بئر القرية، وأُغلق بابه بإحكام لإخفاء معالم الجريمة.

ومنعت المنظمات العسكرية الصهيونية مبعوث الصليب الأحمر جاك دي رينييه من دخول القرية لأكثر من يوم. بينما قام أفراد الهاجاناه الذين احتلوا القرية بجمع جثث أخرى في عناية وفجروها لتضليل مندوبي الهيئات الدولية، وللإيحاء بأن الضحايا لقوا حتفهم خلال صدامات مسلحة (عثر مبعوث الصليب الأحمر على الجثث التي أُلقيت في البئر فيما بعد).

وبلغ عدد الضحايا في هذه المجزرة الصهيونية البشعة 250 إلى 300 شهيد بين رجل وامرأة وأطفال رضع.

وعقب المجزرة تزايدت الحرب الإعلامية العربية اليهودية وتزايدت الهجرة الفلسطينية إلى البلدان العربية المجاورة نتيجة الرعب الذي دبَّ في نفوس الفلسطينيين من أحداث المذبحة.

ومن أبرز نتائج دير ياسين أنها أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى في تفريغ البلاد من 650 ألف عربي. وبحسب مناحم بيجين: “لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل”.

وبعد مذبحة دير ياسين استوطن اليهود القرية، وقد عبَّرت الدولة الصهيونية عن فخرها بمذبحة دير ياسين بعد 32 عامًا من وقوعها، ففي عام 1980م أعاد اليهود البناء في القرية فوق أنقاض المباني الأصلية، حيث قررت إطلاق أسماء المنظمات الصهيونية: الأرجون، وإتسل، والبالماخ، والهاجاناه على شوارع المستوطنة التي أُقيمت على أطلال القرية الفلسطينية.

دير ياسين القرن الحادي والعشرين

ورغم المرارة التاريخية لمجزرة دير ياسين، إلا أن العجز العربي والضعف الفلسطيني وسيطرة الثورات المضادة على المنطقة العربية، سهل للصهاينة القيام بآلاف المجازر بحق الفلسطينيين في كل الأراضي الفلسطينية، تحت حماية أمريكية وتطبيع رسمي عربي، شجع القتلة الصهاينة على تنفيذ عمليات تهجير واسعة في أراضي فلسطين التاريخية.

ومنذ العام 1947م حتى يومنا الحاضر، عانى شعبنا الفلسطيني الكثير من المذابح والمجازر المختلفة، ابتداءً من مذبحة قريتي بلد الشيخ في نهاية عام 1947م، مرورًا بمذابح قرى سعسع، كفر حسينية، دير ياسين، بيت داراس، والعديد من المجازر، ووصولا وانتهاءً بمجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1996م.

وتمثّل المجازر والإبادة الجماعية التي ارتكبتها ونفّذتها العصابات الصهيونية ضدّ العرب في فلسطين جوهر الفكر الصهيوني، فقد قرّرت الصهيونية منذ البداية أن تعتمد القوة والمجازر الجماعية والإرهاب سياسة معتمدة في التعامل مع الفلسطينيين والعرب، من أجل تنفيذ المخطط الصهيوني المبني على إبادة الآخر والتخلص منه ومن وجوده بكل الوسائل والأشكال ، وقد جاء قيام “إسرائيل” تطبيقاً لهذه العقيدة، التي لا تستطيع “إسرائيل” التخلص منها، ففلسفة الإبادة الجماعية واستخدام القوة وشن الحروب ما تزال هي العقلية المسيطرة على “إسرائيل”، قيادة وشارعاً، ولا يمكن أن توقفها أو تردعها “مسيرة السلام” والمفاوضات، فالمفهوم الإسرائيلي للسلام يقوم على استئصال الفلسطينيين الذين يناضلون ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.

لقد ورث الجيش الإسرائيلي أساليب وتجارب العصابات الإرهابية الصهيونية، التي أصبح قادتها رؤساء وزارات ووزراء وقادة في الجيش والحكومة، وتابعت “إسرائيل” ارتكاب المجازر المنظمة تجاه العرب وبدعم وتأييد كاملين من الدول الغربية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي شجعتها وتشجعها على الاستمرار في ممارسة الإرهاب والإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية وضدّ السلام على الرغم من وجود العديد من العهود والمواثيق الدولية التي تحرم ارتكابها وتنص على المعاقبة عليها، وتستمرّ “إسرائيل” أيضا في سياسة المجازر الجماعية، رغم كل الاتفاقات والمفاوضات.