بعد وقف أوكرانيا وروسيا تصدير القمح.. تقارير: مجاعة تهدد مصر أو غلاء يدفع فاتورته المواطن

- ‎فيتقارير

فاقمت الأزمة الحالية لانتشار فيروس كورونا اقتصاديات دول العالم، ومنها الدول المصدرة للقمح، للدرجة التي أعلنت معها أوكرانيا- سادس أكبر مصدر للقمح في العالم- وقف تصدير القمح للفترة القادمة، وقالت إن هدفها هو تحقيق الاكتفاء الذاتي.

كما يضغط الرأي العام الأوكراني على حكومته لوقف التصدير؛ بسبب ارتفاع أسعار الخبز هناك. كما أعلنت روسيا- أكبر مصدر في العالم- وقف تصدير القمح مارس الماضي.

وتكمن المشكلة في مصر التي تستورد حوالي ١٣ مليون طن، باعتبارها أكبر مستوردي العالم، فإن أي هزة في القمح تعني مجاعة في مصر، وفي العام الماضي استوردت حكومة الانقلاب ٤٩٪ من احتياجاتها من روسيا، و٢٦٪ من أوكرانيا.

وفي ٢٠١٨ استوردت مصر ٧٧٪ من احتياجاتها من روسيا، وكان أرخص عرض للقمح الروسي بلغ 249.95 دولارا للطن باستثناء الشحن، وهو أعلى بنحو ثمانية دولارات للطن من أفضل سعر للقمح الروسي تلقته الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر في المناقصة السابقة.

وأظهرت أن حاجة مصر لشراء القمح المستورد أعلى من أسعار الشراء مهما كانت الزيادة حادة، وتشكل أعلى أسعار دفعتها الهيئة لأفضل عرض في نحو أربع سنوات مضت.

وبحسب ميزانية 2018-2019 تبلغ كميات القمح المطلوب توفيرها لرغيف الخبز ودقيق المستودعات 9 ملايين و844 ألف طن، منها 6 ملايين و444 ألف طن قمحٍ مستوردٍ. ورصدت حكومة الانقلاب في تلك الميزانية مبلغ 44 مليارا و 695 مليون جنيه بالموازنة لدعم رغيف الخبز ودقيق المستودعات وحققت الزيادة التي طلبتها روسيا نحو 8 مليارات قبل عام ونصف العام.

وسادت على مواقع التواصل تغريدات ذات صلة بالرئيس الشهيد محمد مرسي، الذي قال: “إذا أردنا امتلاك إرادتنا علينا إنتاج غذائنا ودوائنا وسلاحنا”، وعلق النائب أشرف بدر الدين قائلا: “فكفرت بأنعم الله، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف”.. 56.7% نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح سنة 2013 عام حكم #الرئيس_مرسي.. 34.5% نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح سنة 2017 بعد سنوات من حكم السيسي”.

من جيب المواطن

ولأن المواطن المصري هو من يتحمل فاتورة الغلاء، قال المنقلب عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء الماضي: إنه “لا توجد مشكلة في مخزون القمح الاستراتيجي، وإن “مصر على استعداد للإنفاق إذا اقتضت الضرورة من أجل الحفاظ عليه”. وأضاف “لو الأمر محتاج تعاقدات أغلى أو تعاقدات أكبر فسنفعل”.

وكان السيسي قد شجع السلطات على زيادة احتياطيات البلاد من السلع الاستراتيجية، في وقت تتزايد فيه المخاوف العالمية بشأن الإمدادات الغذائية بسبب جائحة فيروس كورونا.

وقال مجلس الوزراء المصري، في وقت سابق، إن الاحتياطيات الاستراتيجية من القمح كافية لمدة أربعة أشهر، قبل الحصاد المتوقع للمحصول المحلي والذي يبدأ في منتصف أبريل.

والخميس الماضي، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي: إن مصر- وهي أكبر مشتر للقمح في العالم- لديها احتياطيات من السلع الغذائية الأساسية تكفي لنحو ثلاثة أشهر، لكنها تعكف على زيادتها إلى ستة أشهر، لضمان الإمدادات خلال تفشي فيروس كورونا.

وفي 18 مارس، قال وزير التموين علي المصيلحي: إن مصر تملك احتياطيات قمح تكفي لـ3 شهور ونصف شهر وفي قول آخر 5 أشهر.

وقال رئيس قسم بحوث القمح بمركز البحوث الزراعية: “لا تقلقوا.. مخزون مصر من القمح مُؤمن في شهر رمضان ويكفي لـ8 أشهر كاملة”!.

ويتوقع مكتب دائرة الزراعة الخارجية في القاهرة أن يصل إنتاج مصر من القمح في سنة التسويق 2019-2020 (يوليو – يونيو)، إلى 8.77 مليون طن متري، بزيادة نحو 4% مقارنة مع 8.45 مليون طن متري في السنة التسويق 2018-2019، وعن واردات مصر من القمح توقع مكتب دائرة الزراعة الخارجية في سنة التسويق 2019-2020 أن تبلغ 12.6 مليون طن متري، بزيادة 0.8% عن رقم واردات سنة التسويق 2018-2019 البالغ 12.5 مليون طن متري.

وهو ما يعني، برأي مراقبين، احتواء الكمية التي زادت إلى الضعف، والتي لن تؤثر في حساب المجموع الكلي للمصريين الذين يعتمدون بشكل رئيسي على القمح في الغذاء.

اختناق محتمل

وحذر برنامج الأمم المتحدة للغذاء من اختناق محتمل للإمدادات الغذائية بسبب كورونا، وأن عواقب ذلك ستكون مدمرة للدول منخفضة الدخل، وخاصة دول الشرق الأوسط التي تعتمد علي الاستيراد من الخارج لتوفير الغذاء والوقود والخامات.

وقال الخبراء: إن القرار سيكون له تأثير هامشي على أسعار القمح؛ لأن هذه الأيام ليست موسم تصدير، ولكن لو استمر الحظر فسيكون له آثار كارثية على العالم كله؛ لأن العالم سيعاني الندرة والأسعار سترتفع لمستويات قياسية، ما يعني وجود الأموال ولا وجود للقمح.

وقال تقرير الأمم المتحدة، بعنوان “كوفيد-19: التأثير المحتمل على أشد الناس فقرا- تحليل برنامج الأغذية العالمي لآثار الجائحة على الاقتصاد والأمن الغذائي”، إن الأسواق العالمية للحبوب الأساسية تتوفر بشكل جيد، ولا تزال الأسعار منخفضة بشكل عام.

وحذرت إليزابيث بيرز، المتحدثة باسم برنامج الأغذية، من أنه إذا فقد المستوردون الكبار الثقة في تدفق موثوق به للسلع الغذائية الأساسية، فإن ذلك قد يؤدي إلى  “شراء الذعر” أو الشراء بدافع الهلع وبالتالي إلى ارتفاع الأسعار. ولم تستبعد المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي حدوث ذلك قريبا.

وأضافت أنه بالنسبة للدول منخفضة الدخل، فإن العواقب قد تكون مدمرة، وفق التقرير، خاصة إذا استمرت تداعيات الجائحة على المدى الطويل، لا سيّما وأن الاستراتيجيات الموضوعة للتكيف مع الجائحة تأتي على حساب الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.

وأشار التقرير إلى أنه عندما حدثت أزمة الغذاء عام 2008، عانت أفقر الأسر في العالم (بشكل غير متناسب) والتي تنفق أكبر حصة من دخلها على الطعام.

وبحسب التقرير، فإن إفريقيا تضم غالبية الـ212 مليون شخص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي المزمن، و95 مليون يعيشون وسط انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وقالت بيرز: إن نقص العمالة يمكن أن يعطل عجلة الإنتاج، لا سيّما في البلدان الضعيفة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وأوضحت أن مصادر التعطيل المحتملة الأخرى تشمل قطع طرق النقل، وهو ما يشكل مصدر قلق لمصدّري المنتجات الطازجة، وتدابير الحجر الصحي التي قد تعيق وصول المزارعين إلى الأسواق.