أسّسها “سوار الذهب” لدعم مسلمي إفريقيا.. عسكر السودان يحلّون منظمة الدعوة العالمية

- ‎فيتقارير

تسود في السودان لدى حكومة ائتلاف العسكر والشيوعيين حالة من الكراهية المقيتة للإسلاميين، وكان أبلغ تأكيد لذلك تصريح عضو لجنة “إزالة التمكين”، صلاح مناع، تعليقا على قرار مجلس السيادة السوداني بحل وإلغاء “منظمة الدعوة الإسلامية” ومصادرة ممتلكاتها، تنفيذا لسياسات وتوجهات ما تسمى بـ”لجنة إزالة التمكين” بقوله: إن مقر منظمة الدعوة الإسلامية بالعاصمة الخرطوم شهد تسجيل البيان الأول لانقلاب الرئيس المعزول عمر البشير، وتابع بالمؤتمر نفسه: “لن يعود الإسلاميون في السودان للسلطة أبدا.. عشم إبليس في الجنة”، وفق تعبيره.

التعبير الانتقامي أنهى كل اتهام بالفساد ولخصّ لُب المشكلة التي تجري في السودان الآن باعتراف قادة اليسار في الحكومة، الغريب أن السودان قرر مصادرة أموال المنظمة في الداخل، والأعجب وفي الخارج أيضا، بحسب نشطاء.

واسترشد النشطاء بالمؤتمر الصحفي الذي عقدته “اللجنة”، الجمعة، وبثته وكالة الأنباء السودانية الرسمية، حيث قرأ عضو اللجنة، وجدي صالح، قرار نائب رئيسها عضو مجلس السيادة محمد الفكي، بحجز واسترداد جميع أموال وأصول “منظمة الدعوة الإسلامية” داخل السودان وخارجه لصالح وزارة المالية، كما نص القرار على إلغاء سجل كل الشركات المملوكة للمنظمة ومشاريعها الاستثمارية.

وأشار مراقبون إلى أن خطورة القرار هو في تأثيره على نشر الدعوة الإسلامية في إفريقيا، حيث تلعب منظمة الدعوة الإسلامية دورًا مهما في نشر الإسلام في القارة السمراء، وتدعم مسلمي إفريقيا.

وتعتبر تلك الخطوة الخطيرة ضمن ما يطمح إليه الشيوعيون في السودان، بإزالة كل مظهر من مظاهر الإسلام وتنحيته عن الحياة، وهو نهج انتهجه السيسي في مصر، بمعاداة كل ما هو إسلامي، ولعل ذلك يبدو واضحا فيما ما أعلنه حتى في مناسبات “دينية” متهمًا الإسلام بأنه كان وراء انتشار الإرهاب في العالم، والزج بالإسلاميين خلف القضبان.

وقال الصحفي السوداني المقيم في بريطانيا، د. ياسر محجوب الحين، إن “حل منظمة الدعوة الإسلامية من قبل لجنة إزالة التمكين جعلني أتساءل عن مفهوم التمكين، إذ كنت أظن أنه متعلق بالتمكين في مفاصل الدولة، لكنني لم أفهم علاقة التمكين بمنظمة دعوية لا علاقة لها بالدولة، إذ إنها قانونًا تحت مظلة المنظمات غير الحكومية، وقد أُنشئت في ١٩٨٠ في عهد الرئيس الأسبق نميري”.

أما الإعلامي “حسن شرفي”، فعبر عن أسفه من أن “المجلس العسكري ليس هو من قام بحل منظمة الدعوة الإسلامية، ولكنها لجنة تكونت لإزالة تمكين الإسلاميين لصالح تمكين العلمانيين، تتخذ اللجنة قرارات لا يمكن أن يتخذها رئيس القضاء أو النائب العام أو حتى رئيس الجمهورية في دولة محترمة”.

دور إماراتي

“مقبل السبيعي” قال: “تم حل منظمة الدعوة الإسلامية في السودان أمس ومصادرة جميع أموالها وممتلكاتها، ويعتمد على هذه المنظمة ملايين المسلمين في إفريقيا”، مضيفا أن “لها إسهامات في نشر الإسلام.. تم إغلاقها من قبل حكومة الانقلاب الشيوعية المدعومة من قبل  الإمارات التي همها محاربة كل ما هو إسلامي”.

وأشار الإعلامي بقناة الحوار، عدنان حميدان، إلى أن “حكومة السودان تواصل انتقامها من كل ما هو إسلامي، وتحل منظمة الدعوة الإسلامية، هل حل هذه المنظمة سينقذ اقتصاد البلاد؟ هل سيحد من انتشار الوباء؟ هل سيلغي طوابير الوقود والخبز؟! لو صرفوا عُشر جهدهم الانتقامي في النهوض بالبلد لكان خيرا للوطن والمواطن”.

خمسة أسباب

وفي معرض رده على “الكنداكة”، وهو حساب يسارية سودانية، قال الصحفي القطري جابر الحرمي: “إن قرار المصادرة جاء بعد مسيرة حافلة بالعمل الخيري والإنساني والإغاثي منذ 1980 بالقارة الإفريقية، وكان من بين رؤساء الأمناء لها المشير عبد الرحمن سوار الذهب”. معتبرا أنها “خطوة مؤسفة سيخسر العمل الخيري في إفريقيا الكثير جراء غيابها”.

وأوضح أن “منظمة الدعوة الإسلامية ليست ذراعا للبشير، هي أنشئت في 1980، في عهد النميري، وأنها منظمة خيرية غير حكومية أسسها عدد من الخيرين من مختلف دول العالم، ووافق السودان على استضافة المقر”.

وأوضح أن “التعامل طوال السنوات الـ40 كان يتم وفق الأعراف الدبلوماسية. مضيفا أنه كان يمكن للحكومة الحالية التحلل من ذلك بكل ود، بأن يطلب من المنظمة اختيار مكان أو بلد آخر كمقر، وأن السودان لا يرحب بوجودها”.

وأشار خامسا إلى أن “مجلس أمنائها يتكوّن من 70 عضوا ينتمون لـ24 دولة.. بمعنى هي منظمة عالمية رغم أن الشعب السوداني الشقيق كان أكثر المستفيدين من نشاطها”.

مشروعات المنظمة

وكانت منظمة الدعوة الإسلامية تنظم أعمالا موسمية مثل مشروع الأضاحي، الذي نفذ في السودان بتكلفة 1.1 مليون دولار العام الماضي، بالتعاون مع الهلال الأحمر في كل من قطر وتركيا.

كما كانت ترتب لإفطار الصائم هذا العام في ظل جائحة كورونا بالسودان، بالتعاون أيضا مع الهلال الأحمر في كل من قطر وتركيا.

وللمنظمة احترام كبير تحظى به في إفريقيا، إذ ظل سجلها فوق كل الشبهات، وبعيدا عن أي اتهامات بتمويل الإرهاب.

وتمكنت المنظمة خلال السنوات الماضية من تقديم الدعم لأكثر من مليون أسرة في إفريقيا، وأسهمت في توفير فرص تعليم لعدد كبير من الطلاب.

يذكر أن منظمة الدعوة الإسلامية (مدى)، لديها 33 بعثة في إفريقيا، وتعمل في أربعين دولة في مجالات الصحة والتعليم وكفالة الأيتام والمشردين، ومقرها الرئيسي بالعاصمة السودانية الخرطوم، ولديها أربعة مكاتب إقليمية في إفريقيا، وتقدم خدمات إنسانية وطوعية في نحو أربعين دولة إفريقية.

وللمنظمة مجمعات تعليمية وصحية كبيرة في النيجر وتشاد وملاوي وتنزانيا، ولن يربح بغلقها إلا الصهاينة وأنصار حملات التنصير، على حد وصف المجتمع السوداني.

وعليه اعتبر المفكر الإسلامي محمد المجذوب، قرار حل المنظمة بأنه غير قانوني؛ لأنها غير سودانية، ولا تخضع للقوانين وجهات الاختصاص السودانية.

وتابع “كل ما تستطيع الحكومة السودانية فعله هو إخطار المنظمة بأنها غير راغبة في أن يكون السودان دولة مقر”.