حالة كبيرة من الجدل في الأوساط الدينية والشعبية بمصر أثارتها هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، باستمرار تأجيل نظر أولى جلسات الدعوى المطالبة بعدم دستورية المواد 273، 274، 275، 276، من قانون العقوبات الخاصة بإقامة دعوى الزنا، لجلسة 10 مايو إداريًا.
وأقيمت الدعوى رقم 37 لسنة 41 دستورية للمطالبة بعدم دستورية المواد 273، 274، 275، 276، من قانون العقوبات، وتنص المادة 273 من قانون العقوبات على أنه “لا تجوز محاكمة الزانية إلا بناء على دعوى زوجها، إلا أنه إذا زنا الزوج في المسكن المقيم فيه مع زوجته كالمبين في المادة 277 لا تُسمع دعواه عليها”.
هل هو عشوائي؟!
يقول الكاتب رأفت صلاح الدين: “هل عناوين الأخبار المنتشرة هذه الأيام عن العلاقات في غير إطار الزواج (زنا) في صحفنا؛ عشوائية؟!”، مضيفا: “انتشار مصطلحات مثل: صديق فلانة، وعلاقة حميمية، ورفيق علانة، مواعدة، مساكنة، أمر زاد عن حده.. الكلام عن إنجابهم أبناء من الزنا أصبح أمرًا عاديًا جدا كأنهم أبناء زواج شرعي”.
وفي وقت سابق دعا جنرال إسرائيل، السفيه عبد الفتاح السيسي، إلى ثورة تجديد دينية للتخلص من أفكار ونصوص تم تقديسها على مدى قرون وباتت مصدر قلق للعالم كله، وفق تقديره.
وقال السفيه السيسي، في كلمة له بمناسبة المولد النبوي الشريف: إنه “ليس معقولا أن يكون الفكر الذي نقدسه على مئات السنين يدفع الأمة بكاملها للقلق والخطر والقتل والتدمير في الدنيا كلها”.
وتابع السيسي قائلا: “إنه لا يمكن أن يَقتل 1.6 مليار مسلم الدنيا كلَّها التي يعيش فيها سبعة مليارات حتى يتمكنوا هم من العيش”، وربما ذلك ما فتح له بابا للعبث بالثوابت الشرعية الإسلامية ومنها عقوبة الزنا في القانون المصري، وتنص المادة 274 من قانون العقوبات على أن “المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يوقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت”.
وتنص المادة 275 من ذات القانون على أن “يعاقب أيضا الزاني بتلك المرأة بنفس العقوبة”، وتنص المادة 276 من ذات القانون على “الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه أو وجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم”.
وفي وقت سابق، استنكرت جبهة “علماء ضد الانقلاب” تصريحات السفيه السيسي عن الإسلام، وطالبته بمراجعة عقيدته وبيان ملته بصراحة للناس، وقالت الهيئة إن تصريحات السفيه السيسي اعتبرت المسلمين مصدر الشرور والقلاقل في العالم، كما طالبت علماء الأزهر ببيان موقفهم منها. في المقابل، سارعت المؤسسات الدينية الثلاث بمصر: مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء إلى تبني ما سمتها دعوة السفيه السيسي لتجديد الخطاب الديني.
وأكدت هذه المؤسسات أن الخطاب الديني تكتنفه معضلات كبرى هي الجمود والانفلات والتسيب، ومحاولة السطو على الثوابت والخوف من التجديد أو التردد فيه.
وانتقد وزير الأوقاف في حكومة الانقلاب، مختار جمعة، من يعتبر دعوة التجديد كفرا أو ارتدادا أو مروقا من الدين، أو أن مجرد التفكير في التجديد خروج على الثوابت وهدم لها. وبين جمعة أن الإنسان لا يخرج من الإسلام إلا إذا جحد ما أدخله فيه وهو النطق بالشهادتين.
تخريب الأخلاق
ويكشف توماس شومان، عميل المخابرات السوفيتي السابق، عمّا يقوم به السفيه السيسي من تخريب، في إجابته عن سؤال شغل النصف الأول من القرن الـ20، وهو كيف تدمر دولة دون طلقة واحدة، خلال إحدى محاضراته القديمة.
ويؤكد “شومان” أن كل مجتمع به مخربون ضد هذا المجتمع، وهم عبارة عن مجرمين ومعدومي الضمير، والشخصيات المضطربة نفسيا والتي تعادي كل شيء، فضلا عن مجموعة صغيرة من عملاء الدول الأجنبية، ففي اللحظة التي يتم تحريك هذه الحركات باتجاه واحد، ينهار المجتمع بالكامل، فنحن لا نوقف العدو بل نسمح له أن يذهب، وأيضا نساعده للذهاب إلى الاتجاه الذي نريده أن يذهب إليه.
وأضاف توماس شومان أن مرحلة تدمير الأخلاق سيكون من الواضح فيها وجود اتجاهات فى كل مجتمع وكل بلد، هنا يتم استغلال الحركات السابقة والاستفادة منهم، حتى يذهبوا إلى الاتجاه المعاكس للأخلاق والقيم والمبادئ.
وحول أهم المجالات التي يتم تخريبها، قال عميل الاتحاد السوفيتي السابق: إن تدمير الدين والسخرية منه واستبداله بمختلف الطوائف والعبادات والمعتقدات، بشكل يلهى الناس ويتسبب فى تآكل عقيدتهم، واستبدال المنظمات الدينية المقبولة والمحترمة بمنظمات وهمية تصرف انتباه الشعب، لجذبهم إلى ديانات مختلفة.
والتعليم صرف الناس عن تعلم شيء بنّاء وواقعي وفعال، بدل الرياضيات والفيزياء واللغات الأجنبية والكيمياء، وتعليمهم تاريخ حرب المدن والغذاء الوطني والاقتصاد المنزلي والحياة الجنسية، أو أي شيء بعيدا عن التعليم الواقعي.
واختتم قائلاً: “في نهاية المطاف يجب أن تمتلك الإيمان وأن تمنع التخريب ولا تكون ضحية له، حتى لا تدمر دولتك دون طلقة واحدة”.
ويعرف عن التاريخ السياسي المصري والأنظمة المتعاقبة، بأنها تعتمد دائما على الجنس لابتزاز المعارضين والفنانين مقابل الحصول على مواقف سياسية منهم، أو الترويج لأفكار الزعماء، وخلق رأي عام مؤيد لها.
وتقف المخابرات المصرية منذ أن كان رئيسها صلاح نصر، الذي استلم الجهاز ما بين (1957 ــ 1967)، وراء الإيقاع بمعارضين سياسيين للنظام وفنانين، من أجل توظيفهم في خدمة أهدافهم، واستخدام الفضائح كسلاح في تنفيذ مهاهم.
المخابرات المصرية ورثت عن قادة الجهاز الأوائل هذه الآلية التي توصف بـ”القذرة” في الإيقاع بالخصوم، فاستخدمت الفيديوهات الجنسية المتوفرة لديها، لأشخاص خرجوا لمعارضة السفيه السيسي، وضد إجراءاته لتعديل الدستور من أجل تمديد فترته الرئاسية.
وأدار الجهاز الأمني المصري ظهره لمبادئ المجتمع وعاداته، حين نشر عددا من الفيديوهات للمخرج خالد يوسف، أحد أدوات العسكر الذي تم استخدامه خلال 30 يونيو 2013، التي توجت بانقلاب عسكري ضد الرئيس المنتخب في حينها الشهيد محمد مرسي.
وانتشرت الفيديوهات الجنسية للمخرج المشهور كالنار في الهشيم بالمجتمع المصري، بعد إعلانه عن رفضه للتعديلات الدستورية التي تطالب بمد فترة الرئاسة إلى ست سنوات بدلاً من أربع، ورفع الحظر عن ترشح السفيه السيسي لولايات رئاسية جديدة، وتعيين أكثر من نائب للرئيس، وإعادة صياغة وتعميق دور الجيش، وإنشاء غرفة برلمانية ثانية.
وحشدت عصابة العسكر بعد نشر الفيديوهات للمخرج خالد يوسف، الرأي العام تجاه هذه القضية، وأبعد تركيزهم عن القضية الأخطر وهي تعديل الدستور الذي لم يمضِ على إقراره سوى أربعة أعوام، كما أن العديد من مواده لم تفعل بعد.