سياسة الانتقاء.. لماذا يتنكر الأمريكان والغرب للمعتقلين بمصر؟

- ‎فيتقارير

لم يلتفت وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في بيان أصدره مكتبه أمس الجمعة، إلى نحو 114 ألف سجين في مصر يخشى في ظل حالة السجون وصول جائحة كورونا إليهم، بحسب المفوض الحقوقي للأمم المتحدة، بل اهتم بما قال بيانه بـ”ضرورة ضمان سلامة المعتقلين الأمريكيين في السجون المصرية من وباء كورونا المستجد (كوفيد-19)”.

خطاب “بومبيو” أثار انتقادات عديدة؛ لأنه يمارس العنصرية والتمييز ويتحدث عن حفنة سجاء أمريكيين، متجاهلا مئات الآلاف من المعتقلين السياسيين والسجناء الجنائيين الذي تنتابهم وأسرهم مخاوف كبيرة من تفشي العدوى بينهم.

وتحدث البيان الأمريكي عن اتصال هاتفي مع وزير الانقلاب سامح شكري حول “التعاون الثنائي بشأن فيروس كورونا”. ولم تعط الخارجية الأمريكية أي تفاصيل عن أسماء السجناء، لكن كان قد ورد ذكر ثلاثة أمريكيين محتجزين في مصر، في خطاب أرسله أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بمجلس الشيوخ إلى بومبيو، وطالبوه بأن يدعو للإفراج عن المواطنين المسجونين في عدة دول خشية إصابتهم بالفيروس.

ومن بين السجناء المذكورين بخطاب أعضاء مجلس الشيوخ، طالب الطب الأمريكي المصري الأصل محمد عماشة، الذي ينتظر المحاكمة منذ أكثر من عام على خلفية اتهامه بإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ومساعدة “تنظيم إرهابي”.

ويقبع حوالي 114 ألف شخص في سجون مصر، وفقا لتقدير حديث لمنظمة الأمم المتحدة. وأسفر كورونا عن وفاة 276 شخصا في مصر من بين أكثر من 3600 مصاب، حسب بيانات منظمة الصحة العالمية.

من جهته أعرب السيناتور الأمريكي، كريس مورفي، عن قلقه من استمرار احتجاز مواطنين في مصر، ومن بينهم محمد عماشة الذي بدأ إضرابا عن الطعام في سجنه.

وحذر مورفي من تكرار مأساة مواطنه مصطفى قاسم، المصري الأصل، والذي توفي في سجون مصر في وقت سابق من هذا العام. وقال في بيان: إن هناك ستة سجناء سياسيين أمريكيين يحتجزون بالسجون المصرية التي لديها سجل سيئ في مجال حقوق الإنسان، وهم يواجهون خطر الموت تحت أنظار السيسي. وأكد السيناتور أنه سيستمر بالضغط من أجل اتخاذ موقف أكثر صرامة بشأن المساعدات العسكرية الأمريكية للقاهرة.

خلية الأمل

وفي سياق قريب، جرت اتصالات دبلوماسية أوروبية في القاهرة من خلال بعض السفارات الغربية، خلال الأسبوع الماضي، بالسلطات الأمنية والقضائية المصرية، للمطالبة بإخلاء سبيل السجناء المدانين، والنشطاء المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا ذات طابع سياسي، لإنقاذهم من الأوضاع التي لا يمكن التنبؤ بمستقبلها داخل السجون، في ظل أزمة وباء كورونا.

وقالت المصادر، إن ما دفع السفارات إلى تجديد تلك الاتصالات على الصعيد الحقوقي، فتح النظام المصري قضايا جديدة، غير معروفة التفاصيل حتى الآن، لعدد من النشطاء السياسيين الذين كانوا محبوسين على ذمة قضايا أخرى، ولا سيما بعض المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ”خلية الأمل”، الذين ضُمّوا إلى عدد من أعضاء جماعة “الإخوان المسلمين” في قضية جديدة رقمها 571 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، أُدرِج المتهمون فيها على قوائم الإرهاب مطلع الأسبوع الماضي، بحسب “العربي الجديد”.

باتريك جورج

وعوضا عن المتهمين في خلية الأمل، ونسبة كبيرة منهم من غير المنتمين للإسلاميين الذين يمثلون النسبة الأكبر من المعتقلين والأكثر تعرضا للإصابة بالفيروس، جددت السفارات حديثها عن موقف الباحث في جامعة بولونيا الإيطالية باتريك جورج، المحبوس على ذمة قضية ترتبط كل وقائعها بكتابات على موقع “فيسبوك”، وذلك بعد تجديد منظمات أوروبية ودوائر أكاديمية عديدة في إيطاليا مناشدة السفير الإيطالي في القاهرة جامباولو كانتيني وغيره من السفراء التدخل لحل مشكلة الطالب، أو على الأقل إخلاء سبيله على ذمة القضية، في ظل انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي عموماً في مصر حاليا؛ نظرا لعدم إمكانية مغادرة البلاد وسهولة تعقب المتهمين في تدابير حظر التجوال المعمول بها.

إحياء التواصل

وبحسب الصحيفة فإن ثلاثة مواضيع أسهمت في إحياء التواصل الأوروبي، الذي كان منقطعا قبل أشهر، أولها القبض على باتريك جورج والضغوط السياسية الكبيرة التي تعرضت لها الحكومة الإيطالية في هذا الموضوع من قبل حزب “حركة الخمسة نجوم”، الذي ينتمي إليه وزير الخارجية لويجي دي مايو، ورئيس مجلس النواب روبرتو فيكو، ونائب رئيس البرلمان الأوروبي فابيو ماسيمو كاستالدو.

واهتمام الإيطاليين بتصعيد الضغط على سلطات الانقلاب بمصر لإبداء مزيد من التعاون الواقعي في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني منذ أكثر من 4 سنوات.

وقبل أسبوع، دعت الأمم المتحدة السلطات المصرية إلى إطلاق سراح “المدانين بجرائم غير استخدام العنف” والمودعين قيد الحبس الاحتياطي، للحيلولة دون إصابتهم بفيروس كورونا.

وأوصى المتحدث باسم مفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان روبرت كولفيل السلطات المصرية بالاقتداء بالدول الأخرى التي نظمت لوائح جديدة في السجون بسبب تهديد فيروس كورونا المستجد.

وقال كولفيل: “قلقون للغاية بشأن خطر الانتشار السريع لفيروس كورونا بين أكثر من 114 ألفا في السجون المصرية”، مضيفا “من بين الذين نوصي بالإفراج عنهم المعتقلون الإداريون وأولئك الذين يتم احتجازهم بشكل تعسفي بسبب عملهم السياسي أو في مجال حقوق الإنسان”.

وطالب بالإفراج عن الأشخاص الذين يعانون من حالات ضعف خاصة بسبب سنهم (الأطفال وكبار السن) وبسبب الحالات الطبية الخطيرة.

وأضاف “كولفيل” أنه عادة ما تكون السجون ومراكز الاعتقال في مصر مكتظة وغير صحية وتعاني من نقص الموارد. يُمنع المعتقلون بشكل روتيني من الحصول على رعاية طبية وعلاج ملائمين”.

وقال: “يساورنا القلق من تقارير وصلتنا أن الحكومة تعمد إلى قمع الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وإسكات عمل المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين الذين يركزون على جائحة كورونا المستجد”.